موجة الربيع العربي الثانية.. هذا أبرز ما شهده 2019

شكل 2019 امتدادا لموجات احتجاجية اجتاحت عددا من البلدان العربية، وانطلاقا لمظاهرات جديدة جعلت كثيرين يعتبرونه عام الموجة الثانية من الربيع العربي.

الاحتجاجات التي شارك بها الآلاف من المواطنين في أقطار عربية مختلفة (السودان، والجزائر، ولبنان، والعراق) استهدفت تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السيئة فيها.

عزل البشير

توسعت مظاهرات الـ19 من كانون الأول/ ديسمبر 2018 بالسودان من احتجاجات محدودة تطالب بتوفير الخبز والوقود في مدينة عطيرة بولاية نهر النيل شمالا، لتعم كافة أنحاء البلاد، وتطالب برحيل النظام.

صاحبت بعض الاحتجاجات أعمال عنف أدت إلى سقوط قتلى وجرحى وحرق مقرات حكومية وأخرى تابعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وأطلقت الاحتجاجات المستمرة حراكا سياسيا واسعا على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مع ارتفاع مطالب المحتجين إلى إسقاط نظام الرئيس عمر البشير.
ومع استمرار وتوسع الاحتجاجات، أعلنت أحزاب سياسية تأييدها للمحتجين، مطالبة البشير بالتنحي، وتشكيل حكومة انتقالية.

وتحت ضغط الاحتجاجات أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف في الـ11 من نيسان/ أبريل عزل الرئيس البشير، منهيا حقبة حكمه التي استمرت 30 عاما.

قرار عزل البشير لم يوقف الاحتجاجات، حيث أصر المتظاهرون السودانيون على تغيير النظام السابق وسط مخاوف من وقوع البلاد تحت وطأة الحكم العسكري.

شكل قمع اعتصام القيادة العامة في الثالث من حزيران/ يونيو الماضي علامة فارقة في احتجاجات السودان، حيث أوقع أكثر من 100 قتيل والعديد من المصابين والمفقودين.

وبحسب تقارير صدرت عن اللجنة الطبية التابعة لتجمع المهنيين السودانيين فإن عدد القتلى في “ثورة ديسمبر” بلغ 260 قتيلا.

وفي الـ17 من تموز/ يوليو الماضي، اتفق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير على “الإعلان السياسي”، الذي ينظم الفترة الانتقالية، وتستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

وبناء على “الإعلان الدستوري” أدى مرشح قوى إعلان الحرية والتغيير عبد الله حمدوك في الـ21 من آب/ أغسطس 2019 اليمين الدستورية كرئيس للحكومة الانتقالية.

استقالة بوتفليقة

لجأ الجزائريون إلى الميادين العامة في الـ22 من شباط/ فبراير 2019 محتجين ضد نية عبد العزيز بوتفليقة الترشح لولاية خامسة، في ظل معاناته من متاعب صحية نتيجة تعرضه لجلطة دماغية في 2013.

لم يُفلح إعلان بوتفليقة عن عزمه على تأجيل الانتخابات الرئاسية، وتأكيده على عدم الترشح لولاية “خامسة” في الـ11 من آذار/ مارس الماضي في إيقاف حركة الاحتجاجات، التي أخذت زخما شعبيا أوسع، وانتقلت للمطالبة باستقالته من الحكم.

وتحت ضغط الشارع والجيش، وتحديدا في الثاني من نيسان/ أبريل، أعلن بوتفليقة تنحيه عن منصب رئاسة الجمهورية، منهيا بذلك عقدين من حكمه.

ورغم تنحي بوتفليقة، وتقديم شقيقه سعيد وعدد من المسؤولين السياسيين السابقين المدنيين والعسكريين للمحاكمة بتهم مختلفة، فإنها لم تتوقف المظاهرات مطالبة المؤسسة العسكرية بتسليم السلطة لحكومة مدنية يختارها الشعب، ووضع الجزائر على مسار ديمقراطي حقيقي.

ومنتصف أيلول/ سبتمبر الماضي أعلن الرئيس الجزائري المؤقت، عبد القادر بن صالح، عن إجراء انتخابات رئاسية في الـ12 من كانون الثاني/ ديسمبر، وبموافقة ودعم من مؤسسىة الجيش بقيادة وزير الدفاع الوطني أحمد قايد صالح.

بقي إجراء الانتخابات الرئاسية محل جدل في الشارع الجزائري، واستمرت حركة الاحتجاجات رغم الإعلان عن موعدها، حيث سبق أن أدت المظاهرات إلى تأجيلها مرتين الأولى في نيسان/ أبريل والثانية في تموز/ يوليو الماضيين.

وعقب إجراء الانتخابات الرئاسية، وإعلان فوز رئيس الوزراء السابق، عبد المجيد تبون، بحصوله على 58.15 بالمئة من الأصوات، لا تزال صورة الانقسام مسيطرة على المشهد الجزائري، بين محتجين مشككين ورافضين لنتائج الانتخابات، وآخرين يعتبرونها عهدا جديدا للبلاد.

لبنان ينتفض

تسبب توجه الحكومة اللبنانية بفرض ضرائب جديدة، تطال الاتصالات عبر الإنترنت، باندلاع المظاهرات اللبنانية في الـ17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ورغم تراجع الحكومة عن قرارها وإقرار موازنة تخلو من رفع الضرائب، إلا أن صيحات المحتجين بلبنان تعالت مطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، ورفعوا شعارات تطالب بمحاسبة الفاسدين وعودة الأموال المنهوبة إلى الدولة، وتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة.

وبعد 12 يوما من المظاهرات، تخللها قطع للطرقات الرئيسية وتعطيل للمؤسسات واحتكاكات بين المتظاهرين وقوى الأمن، أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة.
ومنذ استقالة الحريري في الـ29 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لا تزال مشاورات تشكيل الحكومة بين الأفرقاء السياسيين متعثرة، ولم تحظ ترشيحاتهم بالقبول من طرف المتظاهرين.

وأدى إصرار المتظاهرين على البقاء في الشوارع، إلى حدوث اشتباكات بينهم وبين عناصر موالين لـ “حزب الله” وحركة أمل، تخللها تبادل للاتهامات حول دور سلاح المقاومة في تعميق أزمة لبنان الاقتصادية والسياسية، في ظل مواصلة الإدارة الأمريكية فرض عقوبات مالية على شخصيات ومؤسسات لبنانية بزعم انتمائها لـ”حزب الله”.

الحراك العراقي

اندلعت الموجة الأولى من الاحتجاجات العراقية في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي واستمرت إلى التاسع من ذات الشهر، متمركزة في عدة محافظات وسط وجنوب البلاد، تخللها قطع الحكومة العراقية لخدمات الإنترنت، إضافة إلى قمع قوات الأمن للمتظاهرين.

عادت الاحتجاجات إلى العراق بعد توقفها مدة 16 يوما، فكان يوم الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر انطلاقا للموجة الثانية من المظاهرات التي عمت سائر المدن العراقية، وتعلقت مطالب المتظاهرين بفساد الدولة والبطالة ونقص الخدمات الأساسية، ثم ارتفع سقف مطالبها إلى استقالة الحكومة وتشكيل حكومة غير حزبية وإصلاح النظام السياسي وقوانين الانتخابات.

وبحسب آخر تقرير صدر عن بعثة الأمم المتحدة بالعراق “يونامي” في الـ9 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تم إحصاء ضحايا العنف الذي رافق التظاهرات منذ اندلاعها مطلع تشرين الأول الماضي بـ423 شخصا قتلوا على الأقل، وإصابة ما لا يقل عن 8758 بمن فيهم أفراد قوات الأمن العراقية، منوها بأن عدد الإصابات لا يشمل آلاف المتظاهرين الذين تلقوا العلاج جراء إصابات أخرى.

وتقول “الأناضول” إنه ومنذ بدء الاحتجاجات في العراق سقط ما لا يقل عن 492 قتيلا وأكثر من 17 ألف جريح، استنادا إلى أرقام مفوضية حقوق الإنسان ومصادر طبية وأمنية.

وتحت ضغط الاحتجاجات قدم رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي استقالته، وتم قبولها من قبل مجلس النواب العراقي مطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري، إلا أن الاستقالة لم تخفف من حدة المظاهرات كما أنها لم تنه أزمة البلد السياسية.

ولم يتمكن رئيس الجمهورية من تسمية رئيس جديد للحكومة يكون مدعوما من الكتل النيابية، ويحظى بقبول شعبي يعيد الهدوء إلى الشارع.

عربي 21

Exit mobile version