تابعت باهتمام وافتخار (كلاسيكو قناة الجزيرة) الذي جمع اثنين من امهر محترفي دوري السياسة في السودان، الدكتور عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني و البروفيسور ابراهيم غندور رئيس حزب المؤتمر الوطني الذي اعلنت السلطات حله قبل ايام بموجب قانون ازالة التمكين.
احسنت (الجزيرة) الاختيار وهي تقدمنا للعالم عبر مناظرة سياسية مثلت درسا رفيع المستوي في الحوار وادارة الخلاف تحتاجه بلادنا بشدة هذه الايام .كانت المناظرة محتشدة بالافكار الكبيرة ، استخدم خلالها الرجلان لغة باهرة وناصعة الوضوح لم تشهد تلجلجا او يعتريها (غبش) ولا غموض، كان ( الدقير وغندور ) موفقين في انتقاء العبارة والارتقاء بمستوي الحوار واشاعة روح الاحترام رغم تبادلهما القصف المركز والضربات المؤلمة في احايين كثيرة ، حتي عنف اللغة الذي جنح لتسديد ضربات قاضية كان موضوعيا وقانونيا ونظيفا منزها عن (الفاولات) وعرقلة انسباب الحوار باية انحرافات تكتيكية.لم بهبطا بالمقابلة الي حضيض السباب ولم يجنحا الي الشتائم كما يفعل البعض تحت تاثير الشحن الثوري وغبن فقدان السلطة،و علي الرغم من اتساع الفجوة بين الطرفين داخل الملعب السياسي الا انهما كانا قريبين من فكرة الحوار كمنهج لادارة الخلافات بعيدا عن التشفي و الاسفاف، والنزوع الي الانتقام. كنت اتحدث للاخ عمر الدقير قبل الحلقة عن استضافة في( حوار المستقبل) علي فضائية النيل الازرق لم تكن بعيدة عن روح الحوار الذي دار للحفاظ علي مستقبل السودان. بعد الحلقة كتبت للبرفيسور غندور في قروب (السوبر) 🙁 انت والدقير كنتما مثل (ميسي وكريستيانو) في كلاسيكو ممتع، كلاكما قدم تابلوهات رائعة وممتعة ، التعليق جاء علي خلفية احتفاء غندور بالمناظرة والدقير بعبارة محترمة حملت بالنص: (رجل خلوق و صاحب قدرات سعدت بان اكون معه). هذه هي الروح المطلوبة في ساسة السودان خلال هذه المرحلة الحساسة غير ان بعض ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي حاولوا التعامل مع المناظرة علي طريقة (هلال -مريخ) وصوروا الامر وكانه مباراة في مصارعة حرة تزداد فيها الصيحات كلما كثرت اللكمات المؤذية، ارادوا ان يخرجوا من المناظرة بنتيجة ( غالب ومغلوب)، وما دروا ان المنتصر في (كلاسيكو غندوؤ والدقير) كان هو الوطن حيث سدد الخصمان اهدافا مشتركة في مرمي التعاطي الخاطئ مع الخلاف في الراي والموقف السياسي . درس مناظرة (غندور- الدقير) ينبغي ان يكون حاضرا لدي من يعتبرون الخلاف السياسي مدعاة للتعامل ب(عدم اخلاق واسفاف) ومن يرونه تنفيس عن الغيظ بعبارات التشفي والانتقام ومفردات اسفل المدينة) ، نتمني ان تكون المناظرة بداية لمصالحة سياسية تغلب مصلحة الوطن العليا ، ومناسبة توجه قوانا الي معالجة خلافاتها بروح الوعي والمنطق بعيدا عن التطرف والغلو والكراهية وقريبا من الاعتدال والوسطية والتسامح..، شكرا الدقير وغندور..
محمد عبدالقادر
صحيفة اليوم التالي