البرهان شارك فيها .. تكريم متأخر لضحايا محاولة “الخلاص السوداني”

بعد مرور 29 عاما على إعدام 28 ضابطا سودانيا أدينوا بالمشاركة في محاولة انقلابية ضد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، أبلغ رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ذوي هؤلاء الضباط التوصل إلى المقبرة الجماعية التي دفنوا فيها والتي ظلت مجهولة طيلة تلك الفترة، ليجدد بذلك الحديث عن واحد من الملفات التي تقاوم النسيان.

وتعهد البرهان لأسر هؤلاء الضباط الذين التقاهم الأربعاء الماضي في مقر القيادة العامة للجيش السوداني برد الاعتبار للضباط الذين أعدموا، ومنحهم حقهم في الترقية وصرف تعويضات ومستحقات مالية تشمل رواتبهم منذ إعدامهم وكفالة أبنائهم.

وأعدم هؤلاء الضباط في 24 أبريل/نيسان 1990 عشية عيد الفطر لمشاركتهم في محاولة انقلابية فاشلة أطلق عليها “حركة الخلاص الوطني”، وسبق للفريق عبد الفتاح البرهان أن أعلن أنه كان ضمن الضباط المشاركين في تلك المحاولة وأنه نجا من المحاكمة، لأن الضباط رفضوا قبل إعدامهم الكشف عن المشاركين الآخرين معهم.

وإلى جانب اللجنة التي شكلها النائب العام الشهر الماضي للتحقيق في إعدام الضباط الـ 28 رمضان هناك لجنة أخرى شكلها البرهان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بقيادة الفريق منور عثمان تتعلق برد الاعتبار للضباط.

لم يكشف البرهان مكان المقبرة مكتفيا بالقول “إن منطقة المقبرة تحددت تقريبا وسنرى إمكانية البحث داخل المقبرة أو الاكتفاء بوضع نصب تذكاري بأسماء الشهداء”.

لكن ماجدة شقيقة النقيب طيار مصطفى عوض خوجلي، أحد المشمولين بحكم الإعدام، تقول للجزيرة نت إن السلطات تقترب من تحديد مكان المقبرة، مضيفة أنها تقع قرب جبل “الرادار” القريب من الكلية الحربية بوادي سيدنا أقصى شمال العاصمة الخرطوم.

من جهته، يقول النقيب إبراهيم خليفة مزمل أحد الناجين من الإعدام والمطرود من الخدمة لمشاركته في المحاولة الانقلابية، إن المقبرة توجد بالفعل في مكان ما بجبل الرادار شمال غرب السجن الحربي بوادي سيدنا.

ويوضح خليفة أنهم كانوا 46 ضابطا في حبس الاستخبارات بقيادة الجيش بالخرطوم، قبل اقتياد 29 منهم إلى السجن الحربي شمالي الخرطوم، وفي صبيحة اليوم التالي أبلغهم ضباط السجن بإعدام 28 من رفاقهم وتبرئة واحد فقط”.


عواطف شقيقة العقيد عصمت ميرغني طه ومنال شقيقة الطيار مصطفى خوجلي عضوتا اللجنة القانونية عند تقديم مذكرة لوزير العدل أكتوبر/تشرين

القصاص
ولا يبدو تحديد مكان المقبرة كافيا لأسر الضباط الذين أعدموا حيث، تقول السيدة عواطف شقيقة العقيد عصمت ميرغني طه، أحد المشمولين بالإعدام، إن “المحاكمة هي الأهم ولن يهدأ لنا بال إلا بالقصاص ولا بد من رد الاعتبار بعد أن أعدموهم ورموهم في حفرة، فهذه جريمة إبادة والآن حان وقت الحساب”.

وتفيد عواطف بأنه بناء على توجيهات لجنة النائب العام، فتحت أسرتها بلاغا يتضمن قائمة بـ 25 متورطا في إعدام شقيقها، بينهم الرئيس المخلوع عمر البشير وقادة الجبهة الإسلامية مثل علي عثمان محمد طه، ونافع علي نافع وعوض الجاز.

أما النقيب إبراهيم خليفة مزمل الناجي من أحكام الإعدام فيقول إنه وضباطا آخرين في الجيش أدلوا بشهادتهم أمام لجنة النائب العام، مضيفا أن قائمة الاتهام كبيرة.

وأوضح أنها تطال “هيئة قيادة القوات المسلحة حينها وأعضاء قيادة ثورة الإنقاذ الوطني والمجالس الأربعينية للثورة والمنفذين لإطلاق النار على الشهداء وسلاح المهندسين الذي حرك جرافة لحفر المقبرة، إلى جانب عدد كبير من الاستخبارات العسكرية ورؤساء وأعضاء محكمتين عسكريتين أشرفتا على محاكمة الضباط”.

وبشأن إمكانية نبش المقبرة تقول فتحية كمبال عقيلة المقدم بشير عامر أبوديك المشمول أيضا بأحكام الإعدام للجزيرة نت “ثمة انقسام بين الأسر حيال نقل رفات الضباط وتشييعهم في جنازة عسكرية”.

وتضيف أن تحديد ذلك متروك للجنة النائب العام إذا رأت أن هناك دواعي للتشريح، لكنها ترى أن تتحول المقبرة بعد تحديدها إلى مكان تاريخي بتسويرها وتشييد نصب تذكاري يتحول لمزار.

وتتابع قائلة “إن تجمع أسر شهداء 28 رمضان الذي تشكل بعد مظاهرة احتجاجية للأسر في اليوم الخامس للإعدام وتم قمعها يقطف الآن ثمار صبره”.

ويقول ابنها محمد الذي لم ير والده المقدم بشير أبوديك “أحس بشعور مختلط بين الفرحة والحزن والدهشة. أتمنى أن أقف على قبر أبي بعد طول انتظار وأترحم عليه في مرقده”.

واعتبر أن الكشف عن المقبرة “حق إنساني وأخلاقي وسيكشف عن تفاصيل أحداث دموية وقعت خارج نطاق القانون مما يتطلب القصاص ورد الاعتبار”.

المصدر : الجزيرة نت

Exit mobile version