نبل “الخصومة” يقتضي أن تقر لخصمك بما له أو عليه، وألا تكذب في حقه، وألا تقوله ما لم يقل .. هذا معنى أخلاقي رفيع وعزيز وغريب في هذه الأيام.
للبشير الإنسان صفات لا ينكرها إلا مكابر، ومنها صفة الشجاعة والقدرة على المواجهة وما طائرة الدوحة صباح حظر الجنائية ورحلاته منكم ببعيد . ظل الاعتصام يحيط بمنزله ولم يفكر أن يغادره أو يغادر البلاد، وهذا كان ممكناً ومتاحا. وعندما جاء للمحكمة قال ما كان بإمكانه ألا يقوله! .. قال إن المبلغ ليس ما وجدتموه في خزانة المكتب بل هو أكثر من ذلك، وذكر الأرقام والوقائع بصراحة شديدة، بل ودفع بمستندات تؤكد أنه لم يصرف منه مليما لمصلحته الشخصية. ولم أندهش عندما قيل إن البشير رفض أن يطلب في المحاكمة اليوم تخفيض الحكم، وقال: لو كان الإعدام فلن يطلب لأنه ضابط رفيع من ضباط القوات المسلحة السودانية.
من يريدون أن يصفوا البشير بالجبن وهو الذي حكم الشعب السوداني لمدة ثلاثين عاما يسيئون لشعبهم قبل الإساءة له لأنه لا يحكم الشعب السوداني جبان.
من حقهم أن يقولوا في حقه كرئيس ما يشاؤون، فهذا مجال رحب للجدل والصواب والخطأ .. أما من قاتل في المعارك وانتصر وقاد الجيش السوداني لمدة ثلاثين عاما وحكم الشعب السوداني لذات المدة فمن المحال أن يكون جبانا. وستظل عبارته : (أنا ضابط رفيع بالقوات المسلحة لا أستجدي أحدا، ولا أطلب التخفيف حتى لو كان الحكم بالإعدام) – من العبارات التي سيذكرها التاريخ عندما يكتب بانصاف له وعليه .
*الطاهر حسن التوم*