المشهد كان جميلاً، لكن من زاوية أخرى، غير التي ينظر بها بعض الناس.
فرغم اختلاف الزمان والمكان والحدث نفسه، إلا أن هناك رابطاً، ورابطاً مهماً جداً..
في مؤتمر حرية الإعلام في لندن، الذي انعقد يوليو الماضي، وأمام بوابة مكان انعقاد المؤتمر، وقف عشرات الصحفيين والناشطين، محتجين على رفض السلطات البريطانية منح تأشيرة لمراسلي شبكة RT ووكالة “سبوتنيك” الروسيتين اعتمادا للمشاركة في الملتقى.
الخارجية البريطانية بصفتها منظمة للمؤتمر، بررت القرار أن RT و”سبوتنيك” “تلعبان دوراً نشطاً في التضليل الإعلامي”.
وهذا الرد عجل بصدور تصريح من الخارجية الروسية اعتبرت فيه أن هذا المنع فيه نوع من الممارسة غير الديمقراطية للمملكة المتحدة.
التضامن كان من بريطانيين وجنسيات أخرى، على ما اعتبروه انتهاكاً للحرية.
ويوم الأربعاء الماضي، لكن هنا في الخرطوم، وقف العشرات محتجين أمام بوابة قاعة الصداقة وهم يحملون لافتات تندد بانعقاد مؤتمر أصدقاء السودان.
أولئك الأفراد المنتمون لحزب تحرير السودان، قالوا إنهم يرفضون ما أسموه تسول الحكومة واعتمادها على أموال المانحين في دعم الميزانية المقبلة، واعتبروا أن حل المشكلات الاقتصادية يكون عبر تفجير طاقات البلاد..!
ولعمري هذا أغرب احتجاج يمر على تاريخ البلاد، أن تحتج دولة فقيرة على رغبة المجتمع الدولي في دعمها وتعتبر أن في الأمر تسولاً رغم اعتماد الحكومة السابقة على القروض والمنح والهبات والإعانات في تسيير أعمالها ومعاشها، بل ووسط فرحة عارمة من حزب التحرير والأحزاب القريبة منه..!
كان المنظر جميلاً جداً ويؤكد على وجود حريات وديمقراطية.
لاحظت أن رجال الشرطة لم يعترضوا طريقهم وطلبوا من المحتجين الابتعاد عن الشارع العام لعدم إغلاق الطريق..
فالحرية لن تكون بوقوف العشرات محتفين بمؤتمر أصدقاء السودان وغيره من الملتقيات، إنما بوجود المنددين..!
ورغم أننا وصلنا لمراحل ممتازة في الحريات المتاحة حالياً، ما لم تتناقض مستقبلاً وفق إجراءات معينة، إلا أن قلة من الناس مازالوا يرون أن إيراد هذه الأخبار فيه منقصة للحكومة واستهتار بها، ولا يفكرون لأبعد من زوايا نظرهم الضيقة.
هذا مشهد كان من المهم أن يراه أصدقاء السودان وهم يدخلون إلى قاعة الصداقة..!
لينا يعقوب