بحسب الناشطة السودانية عوادية محمود، فإن الشرطة لا تزال تسيء معاملة بائعات الشاي في شوارع العاصمة الخرطوم. وتعتبر هؤلاء البائعات من بين اللاتي نزحن من المناطق التي مزقتها النزاعات مثل دارفور (في الغرب)، وأجبرن على العمل في الشوارع للبقاء على قيد الحياة، فهن ضحايا سوء معاملة النظام، كما تعرضن لاعتداء جسدي.
وتساءلت عوادية محمود التي نالت “جائزة نساء الشجاعة الدولية”، قائلة “لماذا تتواصل هذه المعاملة؟ ألم يقولوا لنا بأن النظام أصبح مدنيا؟ هذا يدل على أن هذه المشاكل لا تزال متأصلة فينا، ونحن سنجتثها بأيدينا، فهذه الثورة ملك لنا نحن النساء”.
نساء غاضبات
وقالت سليمة شريف (44 عاما) إن “السودان عاش على وقع قوانين تشجع ممارسة العنف ضد المرأة، عنف ممنهج هدفه حرمانها من حق المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية”. وشاركت هذه السيدة في الحركة الاحتجاجية التي انطلقت خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2018 مع الرفع في سعر الخبز.
بعد ذلك، تحوّلت المظاهرات لانتفاضة ضد حكم الرئيس عمر البشير الذي سقط في أبريل/نيسان الماضي. وخرجت عشرات الآلاف من النساء الغاضبات في الصفوف الأولى، لدرجة أن إحداهن أضحت أيقونة الحراك.
تغيير القوانين
ولم تنس حليمة عبد الله تعرضها للجلد بقرار قضائي منذ تسع سنوات، وقالت إن “الجلد يدمر الإنسان من الداخل”. ومع انهيار نظام البشير تأمل حليمة في تغيير القوانين والعقليات وتطويرها قريبا لحماية السودانيات.
وتعد المرأة السودانية أبرز ضحايا نظام حكم عمر البشير على امتداد 30 سنة، لذلك خرجت السودانيات في الصفوف الأولى خلال الحراك، وهن يعتبرن الثورة ملكا لهن، بحسب تقرير نشره موقع فرنسي.
النساء أولى الضحايا
عاش السودان تحت حكم صارم، كانت النساء أولى ضحاياها. إذ تعرضت آلاف السودانيات لعقوبات تمثلت في دفع غرامات مالية والجلد بتهمة إما ارتداء “لباس غير لائق” وإما “شرب الخمر”، بحسب ممثلين عن المجتمع المدني السوداني.
وفي إحدى ليالي سنة 2010، تعرضت حليمة عبد الله للاعتقال من قبل قوات الأمن السودانية خلال خروجها من منزل إحدى صديقاتها. في البداية، اعتقدت بأنها ستتلقى عقوبة لا تفوق المئة جلدة بالسوط، ولكن ثقتها بنفسها وشعرها القصير ولبسها الغربي أثار غضب القاضي.
وأكدت حليمة عبد الله أن “القاضي كان له مشكل شخصي معي، وتحفظ على مظهري. ولهذا السبب، عاقبني بمئة جلدة، بل كان مصمما على حضور عملية جلدي”.
وواصلت حليمة حديثها “منذ ذلك الوقت، أصبحت عنيفة وعصبية للغاية، كما أنني أقوم في بعض الأحيان بتهشيم الأشياء. ويعود سبب ذلك إلى أنني كنت ضحية للعنف”.
وقالت حليمة عبد الله وعيناها تدمعان “سنة 2010، أكثر ما آلمني موقف عائلتي وأصدقائي الذين رفضوا الإنصات لي، كما خضعت لعقوبة ثانية بحضور عائلتي، كانت عقوبة أكثر قسوة”.
الثورة ملك النساء
حليمة قضت فترة في الخارج قبل أن تعود إلى الخرطوم قبيل أيام من اندلاع الحراك الشعبي. واستغلت الفرصة لتفتح مركزا يدافع عن حقوق النساء وينشط في سبيل إحياء السودان للاتفاقيات الدولية الموقعة بخصوص حقوق المرأة.
من جهتها، أكدت مديرة اللجنة الحكومية لمكافحة العنف ضد المرأة في السودان سليمة شريف أن حالة حليمة ليست الوحيدة.
رسائل مطمئنة ولكن
رئيس الوزراء الجديد عبد الله حمدوك قدّم رسائل مطمئنة عبر تسميته أربع نساء في مناصب وزارية، كما وعد بالدفاع عن حقوق المرأة.
ولكن لغاية الآن لم يترجم ذلك على أرض الواقع، حيث تعتبر حليمة عبد الله أن تغيير القوانين لا يكفي، بل ينبغي على المجتمع السوداني أن يغير نظرته إلى المرأة.
الجزيرة نت