وغندورة!!

فهي ليست دوارة فقط..
وإنما قد تتغندر لك أيضاً يا غندور؛ وذلك تبعاً لإقبالها عليك..أو إدبارها عنك..
وقديماً قال الشاعر :
دار الزمان على دارا ودولته
إن الزمان على دارا لدوَّارُ
ونميري قيل إنه أوقف بث أغنية (دوارة) لأنها تعني احتمال انتهاء (دورة) حكمه..
هكذا فهمها..ويفهم مثلها أشباهه من الطغاة..
فهم يتوجسون خيفة حتى من الأغاني التي قد يحوي جوف رمزها موقفاً معارضاً..
وفي لغة الضاد تغندر..يتغندر..تغندراً..فهو متغندر..
أي التبختر..والخيلاء..والغرور..
والإعجاب بالذات؛ كحال الإنقاذ ثلاثين عاماً..
فقد كانت تتغندر زهواً؛ وغندور بها معجب..
ولكن تجاه الآخرين – في المقابل – كانت وحشاً..يتوحش..توحشاً..فهي متوحشة..
وأيضاً لم نر من غندور رفضاً لذلك؛ بل تماهياً..
ولكن – رغم هذا – فإن مما يُحمد لغندور هذا أنه كان عف اليد..واللسان..
لم يغمز..ولم يلمز..ولم يطعن..ولم يشتم..
ولم يُسمع عنه يوماً وعيدٌ..ولا تهديد..ولا سخرية..ولا تلميح إلى دوام الحال..
فالدنيا دوارة..ولو دامت لك لما آلت لغيرك..
وهذا عين ما صرح به البارحة..تذكيراً للحاكمين اليوم بأن السلطة (ما دوامة)..
ولا تثريب عليه في هذه النصيحة الغالية..
ولكن الذي يُؤخذ عليه أن هذه الحكمة جاءت في سياق رفضه حل حزبه (الوطني)..
ناسياً – أو متناسياً – ما فعله حزبه هذا فور نجاح انقلابه..
فقد حل الأحزاب – من بين ما حل – بجرة قلم؛ ووضع يده على دورها جميعاً..
وكذلك على ممتلكاتها..وأموالها..وقادتها..
وزج بقادتها هؤلاء في كوبر الذي يشتكي المخلوع من سوئه – وبعوضه – اليوم..
بل ويشتكي من روائح (التكييف) أيضاً..بكل قلة حياء!!..
فعلى أية مشروعية استند حزبك – آنذاك – يا سيد غندور في فعلته تلك التي فعلها؟..
إذ تحتج الآن على عدم مشروعية حل حزبك؟..
علماً بأن حزبك هذا نفسه لم يكن شرعياً..ولم يقفز إلى الحكم عبر وسائل شرعية..
وما بُني على باطل فهو باطل..
ولكن إخوانك في الله نسوا هذه الحقيقة ؛ إذ يتباكون اليوم على كل ما أحلوه لأنفسهم..
وعلى رأس الذي أحلوه هذا الدوس على القوانين؛ والشرعية..
بل نسوا حتى الله الذي كانوا يرفعون شعارات دينه – زوراً – فأنساهم أنفسهم..
وباتوا لا يذكرون إلا الدنيا..ومباهجها..
فقد عملوا لها بكل ما أُوتوا من (تمكين) ؛ ثم يصيحون – كذباً – لا لدنيا قد عملنا..
ونافس كلٌّ منهم (أخاه) في الفوز بمحاسنها..
بأكثر من عمارة..وفارهة..ومزرعة..
ومنصب..وحساب..
و..غندورة !!.

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version