صلاحية القرآن المكي دون المكي لهذا الزمان بحسب الفكر الجمهوري

صلاحية القرآن المكي دون المكي لهذا الزمان بحسب الفكر الجمهوري
يقول الشيخ د. عبدالحي يوسف :

” هذه شبهة أوهى من بيت العنكبوت، وقائلها ينادي على نفسه بالجهل الفاضح، بل هو إلى الكفر أقرب إن قامت عليه الحجة وأصر على ما يقول؛ إذ النسخ الذي يقول به أولئك الضالون لا يكون من السابق لللاحق، بل من اللاحق للسابق؛ إذ النسخ كما عرفه أهل الأصول: (هو رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب آخر متراخ عنه) ولذلك تجد بعض القرآن المكي قد نسخه القرآن المدني، وليس العكس كما يقول أولئك الضلّال، ومهما يكن من أمر فليست مشكلتنا مع هؤلاء في هذه القضية وحدها بل في قضايا أكبر وأعمق منها: أولاً: قول زعيمهم بوحدة الوجود حيث دندن حول هذا المعنى في كثير من مؤلفاته، وهو في ذلك سارق لأفكار من قبله من الغلاة من أمثال محيي الدين بن عربي في (فصوص الحكم)، يقول محمود في كتابه (أسئلة وأجوبة) ج2 ص44: (هذا استطراد قصير أردت به إلى تقرير حقيقة علمية دقيقة يقوم عليها التوحيد، وهي أن الخلق ليسوا غير الخالق، ولا هم إياه، وإنما هم وجه الحكمة العملية، عليه دلائل وإليه رموز) ويقول في كتابه (الرسالة الثانية) ص 164ـ165: فهو حين يدخل من مدخل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يجاهد ليرقى بإتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى فيها عن الشهادة، ولا يرى إلا أن الشاهد هو المشهود، وعندئذ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحاً بغير حجاب {قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} وفي ص90 يقول: (ويومئذ لا يكون العبد مسيَّراً، إنما هو مخيَّر قد أطاع الله حتى أطاعه الله معارضة لفعله، فيكون حياً حياة الله، وقادراً قدرة الله، ومريداً إرادة الله ويكون الله). ويقول في كتابه (أدب السالك في طريق محمد) ص8: فالله تعالى إنما يعرف بخلقه، وخلقه ليسوا غيره، وإنما هم هو في تنزل، هم فعله ليس غيره وقمة الخلق وأكملهم في الولاية هو الله وهو الإنسان الكامل وهو صاحب مقام الاسم الأعظم (الله) فالله اسم علم على الإنسان الكامل.أ.هـ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
ثانياً: تفسيره للواجبات الشرعية بغير المعاني التي أجمع عليها المسلمون وعرفوها منذ أيام رسول الله صلى الله عليه وسـلم وإلى يومنا هذا، فالصلاة عند محمود بالمعنى القريب: هي الصلاة الشرعية ذات الحركات المعروفة، والصلاة بالمعنى البعيد: هي الصلة مع الله بلا واسطة، أو هي صلاة الأصالة كتاب (الصلاة) ص70، وقد ظهر نفاقه على أيام رواج الشيوعية فقال في كتابه (الرسالة الثانية) ص145: وبنفس هذا القدر الزكاة ذات المقادير ليست اشتراكية، وإنما هي رأسمالية.. وآيتها {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} ليست أصلاً وإنما هي فرع، والغرض وراءها إعداد الناس نفسياً ومادياً ليكونوا اشتراكيين، وحين يجيء أوان الاشتراكية) إلى أن يقول في ص147:فالشيوعية تختلف عن الاشتراكية اختلاف مقدار فكأن الاشتراكية إنما هي طور مرحلي نحو الشيوعية، ولقد عاش المعصوم الشيوعية في قمتها)
ثالثاً: إنكاره لأمور قد عُلمت من دين الإسلام بالضرورة كوجوب الحجاب على المرأة ووجوب الزكاة وإباحة تعدد الزوجات والطلاق، وقد ألف منشوراً جعل عنوانه (الجهاد ليس أصلاً في الإسلام) وآخر (الزكاة ليست أصلاً في الإسلام) وثالث (الطلاق ليس أصلاً في الإسلام) عليه من الله ما يستحق
رابعاً: سوء أدبه مع الله وأنبيائه ورسله ودينه وقد طفحت بذلك منشوراته ومؤلفاته، حيث وصف رب العالمين جل جلاله بالحقد حين يخلِّد الكفار في النار فقال في كتابه الرسالة الثانية ص87: (وما من نفس إلا خارجة من العذاب في النار وداخلة الجنة حين تستوفي كتابها من النار وقد يطول هذا الكتاب وقد يقصر حسب حاجة كل نفس إلى التجربة ولكن لكل قدر أجل ولكل أجل نفاد، والخطأ كل الخطأ في ظن أن العقاب في النار لا ينتهي إطلاقاً فجعل بذلك الشر أصلاً من أصول الوجود، وما هو بذلك، وحين يصبح العقاب سرمدياً يصبح انتقام نفس حاقدة) وأصدر كتاباً بعنوان (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين) وبلغ به عرام الكفر أن يقول في منشوره الأخير (هذا أو الطوفان): إن شريعة طبقها المعصوم في القرن السابع لا تملك حلاً لمشاكل القرن العشرين.
خامساً: بلغ من زندقته وفساد عقله أنْ ظنَّ أن أحكام الإسلام موقوتة وأن اختلاف الزمان يأتي على أصلها ويغير حقيقتها وفحواها فأصدر منشوراً بعنوان: (تطوير الأحوال الشخصية) ذكر فيه آيات القرآن في شأن الميراث والشهادة ثم قال معللاً تلك الأحكام: فقد كانت المرأة في القرن السابع قاصرة عن شأو الرجال وليس القصور ضربة لازب وإنما هو مرحلة تقطع مع الزمن والصيرورة إلى الرشد حتم.
وأحسن تصوير لفكر الرجل ما قاله الشيخ العلامة محمد نجيب المطيعي رحمه الله تعالى في كتابه (حقيقة محمود محمد طه) ص27: والحقيقة التي استخلصناها من دعوة هذا الرجل هي أنها مزبلة تاريخية إذ تراكمت فيها كل جيف الفكر القديم والدعوات الهدامة على مدى التاريخ، وهي مزبلة عصرية إذ تراكمت فيها كل أفانين الفكر الهابط من دهرية ووجودية وشيوعية وفرويدية ولا معقولية وهيبزية)
هذا وقد أفتت هيئات شرعية ومجامع فقهية ومحاكم إسلامية معتبرة بردة الرجل وفساد فكره، وأن هذا الحكم ينسحب على كل من يؤمن بأفكاره تلك ويتابعه في هرطقته وزندقته، فصدرت فتوى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في 5/ربيع أول 1395هـ بردته وأنه يجب على المسلمين أن يعاملوه معاملة المرتدين، وصدرت كذلك فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بتاريخ 5/6/1972م بأن كلام محمود كفر صراح لا يصح السكوت عليه، وصدر الحكم بردة محمود من المحكمة الشرعية يوم 27/شعبان/ 1388هـ الموافق 18/11/1968م ثم صدر حكم آخر من المحكمة الجنائية رقم 4 بأم درمان بتاريخ 8/1/1985م ثم قرار محكمة الاستئناف الجنائية بالخرطوم الصادر في 15/1/1985م وقد أراح الله العباد والبلاد من شره بعدما نُفذ فيه حكم الإعدام في يوم الجمعة 27/ربيع الثاني/1405هـ {فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} “

Exit mobile version