في لقاء سابق جمعه مع قيادات الحركات المسلحة، تحدث رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عن أنه يعمل على مكافحة الفساد والتزام مبدأ الشفافية والمحاسبة وأن إرجاع الأموال المنهوبة يمثل أولوية للحكومة الانتقالية، ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة ظل السؤال قائماً: كيف ستُعاد تلك الأموال؟ قبل أن يأتي رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ليقول إنه لا توجد أموال في الداخل قبض عليها أو في الخارج لرموز النظام السابق، فيما قال القيادي بقوى الحرية والتغيير خالد سلك: “مافي زول عاقل بيقول النظام البائد ما عندو أموال”.
في سبتمبر الماضي قال القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت في منبر نظمته منظمة زيرو فساد، إن جملة الأموال المنهوبة للنظام السابق بماليزيا تقدر بمبلغ (٦٤) مليار دولار، ويمكنها أن تغطي مديونية السودان وتوفر ٩ مليار دولار تمثل احتياطياً نقدياً مثالياً للبنك المركزي، منوها إلى وجود اتجاه عالمي لمعاملة أموال الشعوب المنهوبة كمعاملة الأموال القذرة. وأكد عصمت إمكانية إصدار قرارات لاستردادها للدول، وأضاف: ديوان المراجعة كان يغطي ٢٥% بينما ٧٥% من المؤسسة الإيرادية خارج المراجعة.
في ذات الشهر، قال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د.إبراهيم البدوي، إن وزارته شكلت فريقاً مختصاً لاستعادة الأموال المنهوبة بالخارج، مشيراً إلى تلقيهم وعوداً من الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى للمساعدة في هذا الشأن واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة لاسترداد تلك الأموال المنهوبة. وأضاف: سيقوم الفريق بحصر الأموال المنهوبة والتأكد القاطع من كمها وأماكن وجودها في مختلف الدول والبنوك.
بعد الإدانة
يرى مراقبون أنه حتى الآن لم تظهر خطوات ملموسة لاسترداد تلك الأموال ولا توجد إحصاءات وتقديرات دقيقة لحجم الأموال المسروقة، فيما يرى البعض أن الخطوة الأولى نحو استرداد الأموال المنهوبة هي صدور حكم قضائي ضد المتهمين بسرقة ونهب تلك الأموال حتى يكون ذلك سنداً لمطالبة الدول التي توجد بها تلك الأموال بإعادتها للحكومة السودانية حسب الاتفاقيات الثنائية أو الاتفاقيات الدولية التي تجيز ذلك، كما يكون هذا الحكم القضائي سنداً لرفع دعاوى أمام محاكم تلك الدول للمطالبة بالأموال.
القانوني معز حضرة قال في حديثه لـ(السوداني): الأموال المنهوبة لن تعاد من الخارج إلا بعد فتح بلاغات في السودان وتوجيه تهم وإدانة للمطلوبين ومن ثم الحجز عليها ابتداءً، وبعدها يتم إحضارها وتسليمها لحكومة السودان، وأضاف: بعد فتح بلاغات يمكن الحجز على الأموال وبعد الإدانة تتم مصادرتها.
تجارب فاشلة
يقول متابعون إن التجارب السابقة لمحاولات استرداد الأموال المنهوبة، باءت بالفشل، ولم تسفر عن استرداد حقيقي رغم المطالبات والإجراءات التي اتخذتها السلطات في تلك الدول، ولا سيما دول الربيع العربي التي لم تستطع حتى الآن سوى التحفظ على أرصدة زهيدة لبعض المسؤولين السابقين، موضحين أن المبالغ التي أعلن عن تجميدها هي فقط ما تم وضعه في حسابات صريحة بأسماء رجال الأنظمة السابقة في كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا، وهي لا تشكل إلا النذر اليسير من الأموال المنهوبة.
تهريب الأموال المنهوبة
من جانبه قال القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت، في حديثه لـ(السوداني)، إن النظام لا يمتلك ذرة من البراءة التي تجعل البعض يتصور أنه ليست لديه أموال منهوبة، مشيراً إلى أن كل الشواهد تؤكد أنه نظام ناهب وظل ينهب الثروات لمدة 30 سنة ويحتكرها لمصلحة رموزه ومحاسيبهم.
وأضاف: الكل يعرف أن النظام في بواكيره لجأ للاستثمار وتهريب الأموال إلى ماليزيا ولن يضعها في دولة واحدة، ولديه أموال في دول أخرى، وأن ذلك من باب التنويع في أماكن يحتفظ فيها بأمواله تفادياً لأيّ إجراءات من أي دولة، موضحاً أن الحكومة بدأت في خطوات جادة لاستعادة الأموال لأنه يمكن أن تستعيدها إلا عبرها.
وأضاف: الأموال المنهوبة في الداخل كثيرة وموجودة داخل السودان والغرف المحصنة في بيوت المسؤولين السابقين وفي حساباتهم بأسمائهم وأسماء أقاربهم ومحاسيبهم في شكل أصول ثابتة وعقارات ومصانع ومؤسسات، مطالباً بمصادرتها بعد التقصي حولها وإعادتها إلى خزانة الدولة، مشدداً على أن ذلك يحتاج إلى جهد من الحكومة، موضحاً أن هناك توجها عالميا داخل الأمم المتحدة لمناقشة أمر الأموال المنهوبة بصورة عامة واتجاها دوليا لمحاصرة الناهبين بتشريعات دولية تجعل منها أموالا قذرة حتى تتوقف وتتم استعادة أي مال تم نهبه لأي دولة.
(من أين لك هذا؟)
ووصف عصمت الأمر بالشائك والمعقّد، إلا أن قانون الثراء الحرام به مواد تستطيع إعادتها إذا تم تفعيله في مواجهة محسوبي النظام السابق للتحقيق معهم والتقصي في أموالهم بموجب القانون.
وطالب عصمت بتوجيه سؤال (من أين لك هذا؟)، لكل منسوبي المؤتمر الوطني وعلى أي منهم إثبات إدانته أو براءته بعد الإجابة عن مصدر أمواله وتقديم الأدلة والإثبات، مؤكداً أن كل الأموال التي نُهبت مرصودة ومعروفة.
تقرير: مشاعر أحمد
الخرطوم: (كوش نيوز)