اكتفى المجلس العسكري الانتقالي سابقًا منذ تسنمه السلطة في البلاد بوضع يده على مقار وممتلكات حزب المؤتمر الوطني، ووجه بتجميد أرصدة الحزب في البنوك دون إصدار قرار بحله استجابة لنبض الشارع وقواه الحية التي لجأت للمؤسسة العسكرية لاستلام السلطة في إبريل الماضي وإنهاء حكم المؤتمر الوطني.
وتشير تقارير صحفية إلى أن قرارًا وشيكاً سيصدر من قبل المجلس السيادي بحل حزب المؤتمر الوطني، بناء على التوصية التي قدمتها لجنة مشتركة بين مجلسي السيادة ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير، وهي اللجنة التي تم تشكيلها مؤخرًا في إطار سعي الحكومة الانتقالية لإنهاء التمكين والقضاء على كافة مظاهره في الدولة، وهو قرار من شأنه أن يهدئ الشارع التواق لتحقيق مطلبه في حل الحزب ومصادرة ممتلكاته.
رغبة الشارع
ينص إعلان الحرية والتغيير الذي تواثقت عليه قوى الثورة في يناير الماضي على حل حزب المؤتمر الوطني ومصادرة ممتلكاته لصالح الدولة عقب إتمام عملية إسقاط النظام وهو مالم يفعله المجلس العسكري المحلول واكتفى بوضع يده على المقار وتجميد الأرصدة، ما استدعى قوى الثورة إلى تبني مليونيات وتسيير مواكب احتجاجية ومطلبية للضغط على الحكومة الانتقالية بغية حل الحزب كانت آخرها في أكتوبر الماضي إبان احتفالات السودانيين بذكرى ثورة أكتوبر 1964، وهي رغبة صدرت من داخل الحكومة الانتقالية خلال أكتوبر الماضي حين تقدم وزير المالية إبراهيم البدوي بطلب لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك بحل حزب المؤتمر الوطني ومصادرة ممتلكاته من مقار وسيارات وغيرها وبيعها في مزاد بالعملة الحرة للاستفادة من عائدها في سداد ديون البلاد للصناديق العربية لتسهم في إمكانية اقتراض السودان مرة أخرى ، وهو مالم يتحقق حتى اللحظة.
صراع قانوني
بالمقابل احتدم صراع قانوني بين منظومة زيرو فساد ومجلس الأحزاب السياسية فيما يلي حل الحزب حيث رفض مسجل الأحزاب السياسية طلبًا كانت قد تقدمت به المنظمة مطلع العام الحالي لحل الحزب ما دفع الفريق القانوني لـ”زيرو فساد” للجوء إلى سوح القضاء عبر تقديم طعن لدى محكمة الطعون الإدارية لإبطال رفض مجلس الأحزاب، وقال رئيس المنظمة نادر العبيد لـ(السوداني): إن الوطني خالف مواد قانون الأحزاب إذ لجأ الحزب للعمل العسكري في النشاط السياسي طبقاً لتصريحات أعضائه وعلى رأسهم نائب البشير الأسبق علي عثمان محمد طه الذي قال في لقاء تليفزيوني إن للنظام كتائب ظل جاهزة لحمايته من السقوط وإن اقتضى الأمر التضحية بالروح.
وأشار العبيد إلى أن قرار الحل تأخر كثيرًا رغم أنهُ لم يصدر من القضاء مؤكدًا مضيهم للحصول على حكم قضائي يفقد الوطني ومنسوبيه الحجة في المستقبل.
وأضاف: عازمون على الوصول إلى المحكمة الدستورية لتقرر في الأمر قضائيًا بحكم يصبح ملزماً، فالقرار الذي سيصدر سُينهي التمكين كما أنه رسالة لمنسوبي الحزب داخل مؤسسات الدولة ممن يواصلون في وضع العراقيل أمام الحكومة الانتقالية بأنه لا رجعة إلى الوراء، وإن أمانيهم في عودة نظام حكمهم لن تتحقق.
محكمة التاريخ
الحقوقي حاتم إلياس قال لـ(السوداني) إن محكمة التاريخ التي نصبتها ثورة ديسمبر أصدرت حكمها على المؤتمر الوطني وأسقطته من الذاكرة السياسية، مشيرًا إلى أن القرار وإن كان معبرًا عن روح الثورة إلا أنه يبقى تحصيل حاصل لجهة أن ممارسات حزب المؤتمر الوطني خلال سني حكمه أثبتت أنه تنظيم (مأوفاوي) أكثر من كونه حزبًا يمارس العمل السياسي، مشيرًا إلى أن الإجراءات القانونية ستنتهي بصدور حكم قضائي يقضي بحله، مُعتبرًا أن منسوبي الوطني سيجدون في قرار المجلس السيادي في حال صدوره ذريعة لإثارة غبار للفت الانتباه والبحث عبره عن موطئ قدم في طريق سعيهم لاستعادة وجودهم في الساحة.
ويرى إلياس أن هناك إشكالات سياسية وقانونية في القرار لجهة أن اتفاقية نيفاشا التي شاركت فيها غالبية الأحزاب السياسية، ودخلت عبرها إلى البرلمان قننت وجود الحزب ومنحته حق العمل السياسي الذي ظل يفتقده منذ 1989، مشيرًا إلى أن الأمر ينبغي أن يترك للقضاء الذي سيقول كلمته وستتم محاكمة رموزه المتورطين في جرائم بحق الشعب السوداني.
تجربة مكررة
القيادي بحزب المؤتمر الوطني، ربيع عبد العاطي لا يرى أزمة في الأمر وقال في حديثه لـ(السوداني): إن القرار في حالة صدوره سيحل اسم الحزب ولكن ماذا عن الفكرة.
وأضاف: التجربة السودانية أثبتت عدم جدوى الحظر أو الحل فيما يلي التنظيمات السياسية، لأن الأمر في النهاية مرتبط بفكرة ومعتقد وليس مبني أو اسم، مشيًرا إلى أنهُ من الأفضل للداعين لحل الحزب أن يعملوا على مقارعة الفكرة والبحث عن كيفية حلها لئلا تتكرر تجربة حل الحزب الشيوعي الذي اختفى اسمًا لكنه ظل موجودًا كفكرة خرجت مرة أخرى وتسيدت المشهد حاليًا،ويرى ربيع أن الدعوة إلى الإقصاء والحل غير مجدية لجهة الارتباط بمعتقد سيظل راسخاً وقادراً على التلون بأسماء متعددة.
الخرطوم: شهدي نادر
صحيفة السوداني