الشعب ما بين الطاهر الزعيم والدولة العميقة…
الطاهر الزعيم رجل من قبيلة (الناس القيافة) اشتهر بحسن الهندام و العطور الفاخرة و السيارة التي لا تجارى. و له عضوية دائمة في مجلس إدارة النادي الرياضي الكبير، له ثلاثة من العروسات الجياد و له افتتان خاص (بنعيم الدنيا) و فجأة داهمه (الما بداوى) و دون ان ينتبه عبر السبعين فصار كثير التأسي بأبيات العباسي:
سبعون قصرت الخطي فتركنني
امشي الهوينى ظالعا متعثرا
من بعد ان كنت الذي يطأ الثرى
زهوا و يستهوي الحسان تبخترا
فلما اطال الشكوي من آلام الجسد المهيض اصطحبه ابنه الأكبر الي أخصائي شاب قادم من أوروبا ومتخصص في العظام، سجل الطبيب المعلومات المعتادة عن الزعيم الذي تردد كثيرا في الاعتراف بعمره الحقيقي، اشتكي من الم الظهر فقال له الطبيب مبتسما “دي يا حاج من السبعين” و اشتكي له من الركب فأردف “دي يا زعيم من السبعين” و اشتكي له من آلام الاكتاف و العنق فقال له “دي يا سيد طاهر من السبعين” فلما اكمل الزعيم شكواه و لم يغير الطبيب تقييمه باغته الزعيم (بكف جامد) وسط دهشة إبنه وارتباك الطبيب و صاح بصوت غاضب وساخر ” دي يا دكتور مني انا ما من السبعين” والحكاية تذكرني الفحص السياسي الراهن، فالشعب يسأل عن غول الغلاء ودكتور قحط يجيب في تكرار ممل “دي يا محمد احمد من الدولة العميقة” و يسأل عن أزمة بطالة الشباب وقلة التدريب وانسداد الأمل فيجيب “دي يا محمد احمد من الدولة العميقة” وماذا يا دكتور عن أزمة المواصلات و اكتظاظ الشوارع بالحيارى المنتظرين فيجيب الدكتور في ابتسامة بلهاء “ما قلنا دي الدولة العميقة” وماذا عن تعثر الجامعات والميزانية وشيطان الدولار وتجديد العقوبات الدولية “قلنا الف مرة دي من الدولة العميقة” وماذا عن الانفلات الأمني والأوبئة وانحطاط الخدمات الصحية واستشراء الفقر “وأيضا هذه من الدولة العميقة” وماذا تقول عن أزمة الخبز و الوقود والحركات المسلحة والولايات فيرد الدكتور في ضجر “دي من الدولة العميقة، فلا ترهقني بعدها بالسؤال” هنا لم يتمالك الأغبش المسكين أعصابه فسدد بيمناه صفعة تاريخية علي الخد (الأيسر) لدكتور قحت وقال بصوت ساخر وغاضب وحزين “دي مني انا صاحب الحقيقة وليست من الدولة العميقة” وأضاف الشفاتة هتافاً جديدًا “كفتوك كفتوك يا(…….)،ثورة”
حسين خوجلي