هذا الوزير الكارثة درج على إطلاق تصريحات تدل على أنه في واد والفهم الإقتصادي والسياسي في واد آخر

وزير المال … بدد الآمال
عندما كتبنا من قبل أن وزراء حكومة قحط هم أكبر الكوارث التي ابتلي بها الشعب السوداني المغلوب على أمره، لم نفارق الحقيقة قيد أنملة. وها هو وزير المال يبدد اخر آمال الشعب السوداني في تحسين اقتصاده، والنهوض به من كبوته إلى آفاق أرحب من العيش الكريم في جنة قحط الموعودة.
? فقد رشح في الأنباء أنه قد صرح بأن النقد الأجنبي يكفي فقط لتمويل الواردات لعدة أسابيع. وما درى هذا المبتديء بأنه بهذا التصريح قد ضاعف أحزان الشعب السوداني المكلوم والملكوم والذي ينتظر النعيم المقيم الذي وعده به أهل قحط، إخوة عرقوب عند مجيئهم إلى سدة الحكم. فإذا به يدق آخر إسفين في نعش الإقتصاد السوداني والذي شيعه القحطيون واذناب اليسار إلى مثواه الأخير بلا بواكي، معلنا إفلاس البلاد بصورة رسمية، ومضيفا إلى مصائبه العظام وتصريحاته الكارثية السابقة مدماكا جديدا من الفشل الاقتصادي وخيبة الأمل السياسية، وممهدا الطريق لتجار العملة والمتعاملين معهم بالسوق الموازي أن ارفعوا من قيمة بيع وشراء الدولار ما شئتم، وأن احتكروا كل العملة الحرة بالبلاد حتى تتجاوز قيمة الدولار حاجز ال (١٠٠) جنيه سوداني لتزدادوا ثراءا على ثراء ولتزيدوا من معاناة ( شعب المعاناة الأزلية)، إيذانا بنصب سرادق العزاء في طيب الذكر ( جنيه السودان) الذي أودت به بلادة الحكومة القحطية.

? لقد درج هذا الوزير الكارثة على إطلاق هكذا تصريحات تدل على أنه في واد والفهم الإقتصادي والسياسي في واد آخر. فبعد أن صرح من قبل بأن ميزانية البلاد للعام القادم سيقوم بتمويلها اصدقاء السودان*، في فضيحة إقتصادية لم يسبق لها مثيل في تاريخ سلة غذاء العالم، ألحق تلكم السقطة بتصريح كارثي ثالث من طراز (سام ٧) بعيد المدى حينما صرح *بأن البلاد تحتاج إلى ٥ مليارات دولار لمنع الإنهيار الاقتصادي. مقدما للمستثمرين الأجانب والدول الأخرى معلومة تحذيرية رسمية مجانية بألا تقبلوا على التعامل مع السودان والذي هو على حافة الإنهيار الإقتصادي الكلي والذي سيقود بدوره لعدم الإستقرار السياسي والأمني. كما إن ذلكم التصريح الغبي سيجعل رأس المال الوطني يحجم عن المغامرة بالمساهمة في المشروعات الإقتصادية الكبرى خوفا من تبعات الإنهيار الوشيك.
? إن تلكم التصريحات غير المدروسة تفقد البلاد الكثير، وتجلب عليها ضيقا مضاعفا في الوقت الذي تعاني فيه أصلا من الضائقة الممسكة بتلابيب الإقتصاد السوداني بشدة. علما بأن الشعب السوداني يريد من حكومة الكفاءات حلولا لمشكلاته لا عرضا لها، فكان من الأصوب للوزير أن يضبط ما يتفوه به، وألا يطلق العنان للسانه الجامح بهذه التصريحات التي ضررها أكبر من نفعها.
? إن الوضع الإقتصادي الراهن يستدعي الاستعانة بخبراء الإقتصاد السودانيين المتميزيين من الكفاءات بالداخل والخارج والذين يملكون بإذن الله تعالى مفاتيح الحل الجذري والمتدرج إن تمت استشارتهم ووضع استراتيجيتهم للمعالجة موضع التنفيذ بدلا من استجداء دول الغرب الاستعمارية، والمسارعة بالوقوع في التهلكة بحماقة الفراش الذي يندفع نحو النيران بلا تدبر أو تقدير موقف.
? وخلاصة القول ، فإن وزير المال قد بدد الآمال، وقضى على أحلام الشعب السوداني المسكين والذي هلل لذهاب الإنقاذ فأضاعه هؤلاء الأفذاذ.
وأخيرا دعوني أستعير ما قاله الشاعر احمد مطر (بتصرف):

أيها الناس …
قفا نبكي على هذا المآل
رأسنا ضاع ولكنا
غرقنا في الجدال
عند فقدان النعال
أيها الناس …
إنني لا أعلم الغيب ولكن
صدقوني …
ذلك الأشتر ذو داء عضال

✏ بقلم (د. ود نمر)

Exit mobile version