أنا علماني (2 ) !

* اخشى ان يكون مقالك (أنا علماني) ردة فعل لعهد سابق ــ والتعامل برد الفعل هو احد اكبر عيوب النظام السابق الذى رفع راية الدين لتحقيق اهداف سياسية ومصالح شخصية !

* هناك شخصيتان ما كنت اتردد في ان أقول ــ رضى الله عنهما – لو كانا مسلمين، ولكن اتركهما لربهما، الاول (كارل ماركس) لمقولته: ان الثورات يقوم بها الفقراء ويستحوذ عليها الانتهازيون، والثاني هو (جورج اورويل) مؤلف كتاب مزرعة الحيوان!

* المطلوب من قوى الحرية والتغيير ان يثبتوا انهم غير انتهازيين، فالمتمعن في تصرفاتهم لا يراها تختلف عما سبقها؛ ايمان مطلق بالتصور. كما تشير مجريات الاحوال الى اننا مقبلون على سيناريو مزرعة الحيوانات؛ انعدام كامل للرؤية!

* هنالك خلط مريع بين مفهوم الدولة والحكومة، الدولة تقوم على ثوابت اخلاقية ( Ethics) والحكومة تقوم على قوانين، والخلط بين المفهومين مشترك بين الانقاذ والحراك الحالي؛ الحركة الاسلامية تحت قيادة الترابي قدمت حاجة العصر على الموجهات العامة للدين ونجحت في انتاج جيل اخذ بالفروع وفقد الارتباط بالأصول، كما رفعت عبارة (الحاكمية لله) كشعار اجوف، فالإنسان منذ ان وُجد لم يتطور اخلاقيا وانما تقنيا، عليه فان الموجهات الاخلاقية العامة هي التي ينبغي ان يُبنى عليها وتتفرع منها القوانين التي تسير بها الحكومة، وقد تم تفادى ذلك بكفاءة منقطعة النظير!

* من المبادئ المهمة ان يحدد كل مسئول موقفه، اما مستخلف او مستأجر، وبالتالي فان الامة هي التي تستخلف او تؤجر. لا يجوز اصدار تشريع لمصلحة غير مصلحة الامة، كما يمكن ارجاء تفعيل بعض النصوص اذا كانت شروط تطبيقها لا تتوفر، ولكن لا ينبغي ان تُلغى!

* على صعيد قوى الحرية والتغيير فان المتوفر حاليا هو النظر في الشعارات المطروحة (حرية، سلام وعدالة)؛ هل الحرية حق مطلق ام حرية من القهر؟ في ثوابت هذه الامة فان الاساس هو الحرية من القهر (مطلقا) بما لا يمكن للقوانين ان تستوعبه حتى بالنسبة للحيوانات (دَق الكلب قدام سيدو حقارة)!

* فيما يختص بالشعار الثاني ــ سلام – فالناظر في احوال الاحزاب والتنظيمات والجماعات المسلحة يجدها جميعا تشترك في كونها جماعات فوقية، والخلافات بينها لا تزيد عن مفهوم من يَحكم، لا كيف يَحكم. والشعار المرفوع حاليا حول التركيز على كيف يُحكم السودان مطلب بعيد المنال، لسبب واحد هو ان حدود معرفة رافع الشعار بالشعب السوداني لا تتعدى جماعته أو فئته، بينما الشعب السوداني مغيب تماما من قبل الكل!

* دولة القانون شعار لا يخلو من الزيف؛ التشريع السماوي خط متصل منوط بالقاضي ان ينظر في درجاته ومداه ثم يصدر حكمه بناء على تقديره، ولذلك جاء في الاثر:(قاض في الجنة وقاضيان في النار)، في قانون البشر، فان القانون يكتبه القوى ويحدد بموجبه ما ينبغي ان يكون عليه المجتمع، والمثال الواضح هو ما تفعله امريكا وجماعات الضغط بتمرير اجندات مختلف عليها لا يتبناها الا الضعيف!

* أتوقع ان يخرج كل اساطين الانقاذ بالبراءة، لان القانون الذى يُحاكمون به هم مَن كتبوه، الا اذا تمت محاكمتهم تحت شعار الشرعية الثورية، اما في القانون الإلهي فان هناك حدودا للتصرف اذا تجاوزها الفرد يقع تحت طائلة القانون، والعدالة هي ان اُطبق على نفسى ما اطبقه عليك، فهل هذا هو المطلوب؟!

* نصيحتي ان يتحرر الاشتراكيون من (عُقدة الدين) ويراجعوا الثوابت ويتبنوها، فهم ليسوا افضل من الزعيم الشيوعي الصيني (ماو تسي تونق) الذى تبنى شعار (دكتاتورية الطبقة العاملة) في مجتمع زراعي باعتبارها حتمية تاريخية، ولم يتعامل معه بجمود وانما اعطاه مفهوما حركيا، ومن ثم واصلت الصين مسارها نحو التصنيع لتصبح قوة عظمى!

محمد حسن أحمد
قارئ

تعقيب: شكرا للأخ (محمد) على المقال الفكري الجميل، ولكن لا أدرى ما هي علاقة الاشتراكيين بالموضوع، فالعلمانية لا تخصهم وحدهم، وليست من بنات أفكارهم، ولا تُطبق في الأنظمة الاشتراكية فقط، بل هي أبعد ما تكون عن أفكارهم ومناهجهم، كما يحدث في الصين التي يضرب بها المثل!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

Exit mobile version