:: رصدت خلال هذا الأسبوع تصريحات رسمية لمواجهة أزمة حادة يُعاني منها السواد الأعظم من سُكان الخرطوم .. و الثلاثة تصريحات بمثابة حلول لهذه الأزمة.. وهي أزمة المواصلات .. ومن التصريحات، توجيه مجلس الوزراء بمتابعة تنفيذ توصياته بشأن حل الأزمة والتي منها تشديد الرقابة، ثم التأكيد على دخول مركبات للخدمة (230 بصاً)، وأخرى لم تصل بعد (390 بصاً)..!!
:: ثم تأكيد والي الخرطوم بأن الأزمة ستُحل قريباً، وأن حكومته وضعت حلولاً، منها تأهيل أربعمائة عربة، ووصول (50 بصاً) من جملة (150 بصاً)، من السعودية، ثم (240 بصاً) من قطر..وقبل مجلس الوزراء وحكومة الخرطوم، كان إبراهيم الشيخ، عضو إعلان الحرية والتغيير، قد تحدث عن لجنة عليا شكلت لحل الأزمة، وأن قوى الحرية والتغيير تعكف على دراسة حلول، منها استيراد مواعين نقل كبيرة ..!!
:: وللأسف، كل هذه التصريحات تُؤكد أن السلطات الرسمية لاتزال تُراهن على حل هذه الأزمة بواسطة (القطاع العام)، وتحديداً بواسطة الفشل المسمى بشركة مواصلات الخرطوم، ولم تتحدث أية جهة – من الثلاث جهات – عن دور القطاع الخاص في حل أزمة المواصلات .. كلهم يرُاهنون على البصات المستوردة بواسطة الشركة الحكومية و على البصات المستعملة بدول الخليج والمهداة للشركة الحكومة، بحيث تكون بلادنا (مكب خُرد)..!!
:: وهذا ليس حلاً، بل رهان خاسر.. وكما ناشدت أكثر من مرة، أكرر المناشدة بحل شركة مواصلات الخرطوم ثم إخراج قطاع النقل من ضيق الحكومة إلى رحاب القطاع الخاص .. وبالمناسبة، لم تكن الغاية من تأسيس شركة مواصلات الخرطوم في عهد النظام المخلوع المساهمة في قطاع النقل، بل الغاية كانت (التمكين)، أي لتشغيل مركباتها في حال إضراب أصحاب المركبات العامة عن العمل لأسباب سياسية وغيرها ..!!
:: ولذلك، أي لأن شركة مواصلات الخرطوم لم تكن خدمية مؤسسة بـ (مهنية ونظم)، ظلت تكبد البلاد خسائر فادحة طوال سنوات تأسيسها..خسائر مردها الفساد الإداري أو الإهمال والجهل .. ورغم الخسائر، لم يفكروا في حلها ومحاسبة إداراتها، أو في إصلاحها بحيث تكون شراكة مع القطاع العام .. ولم يكن إصلاحها مهماً للنظام المخلوع، طالماً هي تؤدي المهام الأمنية وتهدد القطاع الخاص حين يُفكر في التمرد لأي سبب..!!
:: وعلى كل، لحين إنشاء (مترو أنفاق) وغيره من الحلول الجذرية والحضارية، بالبلد شركات ورجال أعمال ومغتربون قادرون على استيراد وتشغيل (المركبات العامة).. وهذا ما يسمى بالاستثمار في مجال النقل.. وبهذا النوع من الاستثمار يستقر المجتمع اقتصادياً و(ترتاح الحكومة)..لماذا تحشر الحكومة أنفها وتضيق واسعاً وتُعقد الحلول باحتكار الاستثمار في مجال النقل؟ أو هكذا يجب أن تسأل تلك الثلاث جهات نفسها حين تُفكر في الحل عبر الشركة الحكومية..!!
:: فالأفضل – في انسياب حركة النقل بلا أزمات وخسائر – أن تكتفي الحكومة بالمواصفة والرقابة والتنظيم، وتفتح أبواب الاستثمار في النقل للقطاع الخاص..تجارب الحكومة مع استيراد البصات وتشغيلها تكبد الشعب (الخسائر)، ويجب مراجعة هذه الشركة قبل تصفيتها.. فالبصات المستوردة – عبر الشركة – إما غير مطابقة للمواصفة ويتم تخزينها قبل أن تكمل العام عملاً بسبب الأعطال (وهذا فساد)، أو أن عوائد تشغيل البصات لا تغطي تكاليف التشغيل (وهذا فشل)..!!
إليكم … الطاهر ساتي
صحيفة السوداني