رسالة الى رئيس الوزراء .. عبد الله حمدوك

] اعجبت بمقال بروفيسور محجوب الفكي الذي خاطب به رئيس الوزراء عبد الله حمدوك حول الانتهاكات الخطيرة التي تستهدف حقوق الانسان والتي تمارس الآن على رؤوس الاشهاد بالرغم من شعار (حرية سلام وعدالة) الذي رفعه الثوار ايقونة لحراكهم المبارك الذي سرق، للأسف الشديد، في وضح النهار واحيلت شعاراته الى اناشيد فارغة لا تعبر عن الواقع المأساوي الذي نرزح في رمضائه ونتلظى في سعيره.
] تناول بروف محجوب عدداً من تجاوزات حقوق الانسان التي قال إنه لا غنى عن التعجيل بمعالجتها حتى يتمكن السودان من تطبيع علاقته مع المجتمع الدولي ومن ازاحة اسمه من قائمة الدول الراعية للارهاب ، والتي دفع السودان ولا يزال اثماناً باهظة نظير بقائه في حبائلها ومنها حالة الطوارئ المفروضة الآن على السودان كما تعرض لقضية الاعتقال الانتقامي والاستبدادي اللئيم الذي تعرض له بروف مأمون حميدة الذي اكاد اجزم انه لا يوجد مظلوم في السودان في الوقت الحاضر اكثر منه.

] لعل حمدوك ورهطه يعلمون أن مبعوثة لحقوق الانسان قد وصلت الى الخرطوم خلال الايام القليلة الماضية وباشرت عملها ولا اظنها تغفل عن كل تلك الممارسات التعسفية التي يخضع لها المعتقلون بموجب قانون الطوارئ الظالم.
] لقد سقط ادعياء الحريات من بني قحتان ممن كانوا يقيمون الدنيا ويقعدونها غضباً ورفضاً لاعلان حالة الطوارئ خلال عهد الانقاذ.. نعم.. سقطوا في اختبار المصداقية وتمخضوا عن اناس اكثر استبداداً وطغياناً من النظام السابق وسقطت كل اقنعة الزيف وتعروا حتى من ورقة التوت.
] بربكم هل من ظلم واستبداد وطغيان يدحض كل دعاوى وشعارات الثورة والثوار اكبر من أن يتجاوز الحاكم قرارات النائب العام السابق الذي قرر الا تهمة تستدعي حبس عدد من المعتقلين وان يرفض اطلاق سراحهم حتى ولو بالضمان؟!
] ارجو قرائي الكرام ان تشاركوني في الاطلاع على ما خطه يراع بروف محجوب الفكي :
رسالة الى رئيس الوزراء .. عبد الله حمدوك

] سيدي رئيس الوزراء فضلت مخاطبتكم عبر رسالة مفتوحة لأضمن أن تصلكم .. إما أن تطلع عليها كفاحاً أو أن يتم تلخيصها لسيادتكم عبر الرصد الصحفي .
] أخي حمدوك إن اختيارك كرئيس للوزراء في الفترة الانتقالية قوبل بإجماع لانظير له ذلك لما تتمتعون به من علم وخبرة.
] لعلك أخي حمدوك تعترف في قرارة نفسك بالجميل الذي أسدته إليك حكومة الإنقاذ بتعيينك وزيراً للمالية في حكومة معتز موسى.. قبل هذا التعيين لم يكن أحد يعرف من هو عبد الله حمدوك، مثلك مثل الكثير من الكفاءات السودانية التي تعمل في الخارج ولقد عصمك الله من قبول ذلك التكليف بعد إن لم يكن بينك وبينه إلا ذراع .
] نعلم أخي الكريم انك تعمل لإعادة اندماج السودان في المجتمع الدولي ولكن ذلك لم ولن يتم بصورة تلقائية بمجرد التغيير الذي حدث في إبريل الماضي، فالمجتمع الدولي يرقب ما يحدث في السودان ليتأكد من أن التغيير الذي حدث هو حقاً وصدقاً تغيير للحرية والسلام والعدالة وليس مجرد إسقاط نظام شمولي إقصائي ليحل مكانه نظام شمولي وإقصائي آخر .
] هنالك بعض القرارات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة تعتبر مؤشرات سالبة تثير القلق لدى أمريكا والدول الغربية.. أول تلك القرارات هو تجديد حالة الطوارئ مما يعني تجميد حكم الدستور والقانون وانتهاك لحقوق الإنسان خاصة وأن التبرير الذي قدمه الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير أن ذلك التجميد قُصد منه إبقاء رموز النظام السابق في السجن بدون تهمة أو مسوغ قانوني يبرر بقاءهم في الحبس خاصة أن من بين المعتقلين أشخاصاً عملوا في المنظمات الدولية كبروفيسور مأمون حميدة الذي عمل مستشاراً في منظمة الصحة العالمية ورئيساً لمشروع مكافحة عمى الأنهار في السودان سابقاً ورئيساً لمشروع مكافحة عمى الأنهار في قارة إفريقيا حالياً وعمل كذلك في منظمة الرئيس كارتر قلوبال 2000 رئيساً لمكافحة عمى التراكوما في القارة الإفريقية وقد قوبل اعتقاله بقلق وامتعاض من زملائه في منظمة الصحة العالمية مما جعلهم يخاطبون المجلس العسكري المنحل مطالبين بإطلاق سراحه ومنهم كذلك صديقي د.كمال عبد القادر الذي يحمل الجنسية المزدوجة واعتقاله بالتأكيد لا يرضي الدولة الأخرى.
] إن الاستثمار الأجنبي يفر من البلاد التي تفرض الأحكام العرفية كما يفر الشخص السليم من الأجرب..
] مؤشر سالب آخر هو اقتراح وزير المالية مصادرة املاك حزب المؤتمر الوطني خارج نطاق القانون وبيعها في المزاد العلني، ذلك الاقتراح بالإضافة لسذاجته وعدم جدواه يخرب مناخ الاستثمار وينفر ويرعب المستثمرين .
] استقلال القضاء هو الآخر من المؤشرات التي ترقبها الدول الغربية وقد كان غريباً ومسيئاً للغاية أن يقال النائب العام الأسبق مولانا الوليد من منصبه لمجرد أنه نفى رواية الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري السابق بوجوده في ذلك الاجتماع الذي عقد عشية فض اعتصام القيادة العامة والآن الأنظار تتجه نحو المحكمة الدستورية لترى ماهي فاعلة بشأن رفع الحصانة عن إعضاء في مجلس السيادة وعن وزيرة في الحكومة لمواجهة دعاوى قضائية، فهل تجرؤ المحكمة على رفع الحصانة وهل تتم إقالة أعضاء المحكمة إن هي فعلت ام أن المحكمة الدستورية ستماطل في اتخاذ القرار كما فعلت في الطعن الذي تقدم به بعض المعتقلين من رموز النظام السابق عملاً بحكمة ذلك الشيخ الذي قبل أن يعلم حصان الملك اللغة طالباً مهلة عامين وبذلك نجا من الموت قائلا ً إن قدر الله قد يحدث في الملك أو في الحصان أو في الفقير، قاصداً نفسه !.
] أخي رئيس الوزراء إن أمريكا لن ترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلا إذا تأكدت من أن التغيير الذي حدث هو تغيير للأفضل كما أن الديون المستحقة على السودان لن تُعفى وعودة السودان للمجتمع الدولي لن تتحقق إلا بعد الـتأكد من أن قيم الحرية قد حلت محل القمع والإقصاء .
] على المستوى الشخصي فإني أعلم أنك رجل طموح وهذه محمدة، ولست من الشباب القُنع الذين قيل أنه (لا خير فيهم وبورك في الشباب الطامحينا). وأظن أن رئاستك للوزراء في الحكومة الانتقالية لايمثل لديك إلا محطة لعلك تتطلع بعدها لتتبوأ منصب الأمين العام للأمم المتحدة والذي أنت أهل له بسيرتك الذاتية الباذخة وسيكون ذلك إن حدث إنجازاً شخصياً لك ومفخرة للسودان، ولكن ذلك لن يحدث إذا وصم حكمك في السودان بتعطيل الدستور وسيادة الأحكام العرفية وانتهاك مبدأ الفصل بين السلطات بتغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية. وإني لك من الناصحين «وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله».

الطيب مصطفي
زفرات حرة

الانتباهة

Exit mobile version