أزمة الدواء واحدة من المشاكل التي ظلت تؤرق مضاجع المرضى بالسودان في السنوات الآخيرة، وآخرها انعدام وندرة “المحاليل” الوريدية. البعض كان يتوقع تحسن أوضاع قطاع الأدوية بسقوط النظام البائد، لكن يبدو أن عليهم الانتظار لمزيد من الوقت حتى تنتهي المعاناة، وتعود الأدوية لأرفف الصيدليات وبأسعارها المعقولة.. أزمة الدواء الراهنة بحسب مختصين تعود لوجود فساد ومافيا في إدارة الملف لذلك تتجدد باستمرار.. وما تتحرك من مكانها إلا وتُطل برأسها من جديد، فإلى أين تسير الأمور؟ ين تسير الأ..
مافيا الدواء
كشفت الجمعية السودانية لحماية المستهلك، عن وجود ” مافيا” تدير قطاع الدواء تتسبب في تجدد أزمة الدواء بين الحين والآخر، وأكد أمين عام الجمعية د. ياسر ميرغني لـ( السوداني) أن ” مافيا” الدواء هي التي تُحرك وزارة الصحة الاتحادية وتتحكم في قراراتها بشأن القطاع، مشيراً إلى أنها تسعى هذه الأيام مع وزير الصحة الاتحادي د. أكرم التوم لتعيين أفراد منهم في منصب الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم، لافتاً إلا انه ما لم يبتعد منصب الأمين العام للمجلس عن مصالح وأطماع مافيا الأدوية لن ينصلح حال الدواء بالبلاد.
هيبة الدولة
واعتبر د. ياسر ميرغني عودة شأن الدواء إلى قبضة الحكومة أمر ضروري جداً، حتى لا تزيد أطماع مافيا الدواء، منوهاً إلى أنه ليس كل وكلاء الدواء هم مافيا، مؤكداً على أن هنالك من يتعاملون بإنسانية وآدمية ومتجردون لعملهم لكن صوتهم خافت والصوت العالي بحسب ميرغني هو صوت مافيا الأدوية التي وصفها بأنها ” لا دين لها”، لذلك سيظل المستهلك يعاني في شأن الدواء ما لم نشعر بهيبة الحكومة في قطاع الدواء، والهيبة بحسب ياسر تحتاج إلى أفراد حكوميين عملوا في قطاع الصيدلة لسنوات ويمتلكون خبرات تؤهلهم لهذا المنصب، وعلى الوزير والوكيل التدقيق في أشخاص من ذوي الكفاءة والخبرة ومنطبقة عليهم المعايير و” غير كيزان”.
الأدوية مجانية
مسؤول إدارة العلاج المجاني بوزارة الصحة ولاية الخرطوم د. عفاف بهجت أكدت لـ( السوداني) أن هنالك نقصاً بالأصناف الدوائية بالصيدليات، مطالبة بضرورة أن تضطلع كل الجهات المعنية بمسؤولياتها خاصة المجلس القومي للأدوية والسموم والإمدادات الطبية، وأن تتدخل الدولة لحل مشاكل الشركات المستوردة للأدوية.
من جانبه اعتبر د.ياسر أن ضمان توفير الأدوية المنقذة للحياة واستمرارها هو أن تعود الإمدادات الطبية لسابق عهدها وأن تقوم بتوزيع الأدوية والأمصال والدربات لكل المستشفيات مجاناً.
الأوضاع السياسية
الأمين العام لجمعية حماية المستهلك، د. ياسر ميرغني أكد لـ( السوداني) أن أمر الدواء يحتاج إلى عمل مستدام، ويجب أن لا يتأثر بأوضاع البلد السياسية، مشدداً على أنه طالب سابقاً بضرورة أن يكون للصيادلة مناصب عليا في وزارة الصحة، وفي هذه الحكومة بحسب ياسر تحقق ما ظل ينادي به وهو أن تم تعيين د. سارة عبد العظيم الصيدلانية المتخصصة في منصب وكيل الوزارة، ويضيف: أتمنى أن يتم الإسراع في أن تتولى المدير العام للصيدلة الاتحادية د. وهيبة حسن التوم منصب الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم، مؤكداً أنها مشهود لها بالكفاءة وأنها لم تعمل بالقطاع الخاص منذ تخرجها، لذا فهي بعيدة كل البعد عن مصالح وأطماع مافيا الدواء.
فوضى الدواء
إن الفوضى السائدة في قطاع الدواء تتزايد، وطبقاً للصيدلي د. علاء الدين أسعد في حديثه لـ( السوداني) فإن توفير الدواء مسؤولية الدولة التي يقع عليها تأمين العملة الصعبة لصندوق الإمدادات الطبية ومن بعده للشركات حتى تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها تجاه المصانع والشركات الأم.
وزارة الصحة كانت قد أكدت في أكثر من منبر أن وفرة الدواء لا تتحقق إلا بسداد فواتير الشركات العالقة لدى البنوك التجارية، داعية الدولة للتدخل وحسم الأمر، خاصة وأن الشركات يقع عليها عبء توفير أكثر من 60% من حاجة سوق الدواء.
شكاوي الشركات
مصدر في إحدى شركات الأدوية أكد لـ( السوداني) أن البنوك غير ملزمة بتوفير العملات للشركات حتى تتمكن من الاستيراد، ويمكنها أن تتهرب حتى ولو لم تكن هنالك فواتير عالقة لم تُسدد، ويضيف: أن البنوك تسعى إلى الربح في تعاملاتها وتمويلاتها، من دون النظر إلى نوع السلعة وحاجة المواطنين إليها، لافتاً إلى أن الحكومة لا بد لها من مساهمة في شأن الدواء خاصة أنه سلعة استراتيجية لا غنى عنها، منوهاً إلى أنها تساعد فقط الإمدادات الطبية التي تستورد أقل من نصف حاجة السوق، لذلك تحدث الأزمة عندما تعجز الشركات عن الإيفاء بالتزاماتها وتظهر الفجوة حتى وإن كانت الإمدادات وفرت ما عليها.
الخرطوم: تسنيم عبد السيد
صحيفة السوداني