انهيار قطاع الطيران، تحذيرٌ أطلقته غُرفة النقل الجوي والطيران بسبب تزايد الرسوم والجبايات المفروضة على القطاع، وغلاء الوقود الذي تحدده وزارة الطاقة والتعدين بسعر “74” جنيهاً لدولار الوقود، ونظراً إلى زيادة تكلفة التشغيل التي أغلبها يتم عبر الدولار، فإن قطاع الطيران تأثّر كثيراً بالمُتغيِّرات الاقتصادية التي تمر بها البلاد كسائر القطاعات الأخرى، والثابت أن توقف عدد من الشركات الوطنية والأجنبية وانسحابها من السوق، يعود إلى أنها مُواجهة بحزمة مشكلات على رأسها تقلُّبات سعر صرف العُملات الحرة وصُعوبة الحُصُول عليها وارتفاع أسعار الوقود وتكلفة التشغيل والصيانة والضرائب والجمارك والتأمين، فضلاً عن أن السبب الأساسي لأزمة الطيران في البلاد غياب سياسة قومية واضحة والرسوم المتعددة في المطارات، بجانب أزمة النقد الأجنبي، ووجود مشكلات في الوقود التي تواجه الشركات الوطنية.
مشكلات مُزمنة
ويقر الناطق الرسمي لسلطة الطيران عبد الحافظ عبدالرحيم لـ(الصيحة) بأنّ هنالك مشكلات مُزمنة يعاني منها قطاع الطيران الداخلي والخارجي مُتمثلة في مدخلات التشغيل للنقل الجوي بشقيه الداخلي والخارجي، أهمها الوقود كأكبر مشكلة إضافةً إلى الجمارك والأجور وصعوبة التحويلات للشركات الأجنبية، بيد أنه عاد وأبان أن حركة الطيران مستمرة، وقال إنّ سلطة الطيران ظلت بحكم مهامها واستراتيجيتها في تطوير القطاع، قامت لاختراق في هذه المشكلات مع الجهات المُختصة عبر رفعها مذكرات وحدث تخفيض طفيف لأسعار الوقود، بجانب إعفاء مدخلات تشغيل النقل الجوي من الجمارك، وأوضح أن الدراسات التي تقوم بها دائرة النقل الجوي بالسلطة تؤكد أن هنالك مجهودات حققت اختراقاً في مشكلات الطيران، وتوقع أن تتم المعالجة وفقاً لهذه الدراسات، مشيراً إلى أن المطالبات ما زالت جارية في سبيل تخفيض معدّلات الضرائب، لافتاً إلى وجود مبادرات من السلطة في الفترة الماضية لتمكين الشركات الأجنبية من الحصول على تحويلاتها من العُملات الصعبة لخارج البلاد، وأضاف أنّ جميع المشكلات التي يعاني منها القطاع مُرتبطة بسعر الصرف خاصة المدخلات الأساسية الخاصة بالتشغيل، وأضاف أن هنالك شركات نقل جوية دولية مازالت مستمرة في العمل عبر الاتفاقات الدولية. وقال إن سلطة الطيران المدني تطمح في العهد الجديد لإصلاح السياسات الخاصة ببنك السودان المركزي ووزارة المالية لتثبيت سعر الصرف ليكون مُوازنة نسبة بقاء شركات في سوق الطيران وبين تمكين المُواطن للحُصُول على تذاكر طيران بأسعار معقولة.
الانسداد الاقتصادي
ويتّفق معه عضو مجلس إدارة سودانير السابق الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الرمادي، أنّ الدولار ليس وحده من أقعد برحلات الطيران، وإنما السياسات ودور التشريعات وعدم استقرارها، وقال لـ(الصيحة) إنّ القطاع أصابه ما أصاب الاقتصاد من هزة انهيار لجميع القطاعات، وأضاف أن الشركات التي انسحبت ضاق بها الحال في شراء التذاكر بالمحلي وتعثر في تحويل هذه المبالغ بالدولار خارجياً في ظل فقدان المقدرة على العملات الأجنبية، لافتاً إلى تفاقم الأمر عندما طلب منعهم شراء الوقود بالعملة الأجنبية فأصبح المناخ غير مُواتٍ للعمل، مؤكداً أنّ البلاد تجاوزت مرحلة الركود إلى الجمود والدخول في مرحلة الانسداد الاقتصادي وتعطل المرافق جميعها لأسباب اقتصادية تجارية بات العمل فيها غير مجزٍ، وعزا الوصول إلى هذا الوضع بسبب إهمال القطاعات كثيراً بالرغم من مُناداة الخبراء الاقتصاديين بضرورة تدارُك الموقف ولا أحد يستجيب. وأكد الرمادي أنّ الناقل الوطني في ظل الظروف الحالية ليست لديه القدرة في سد هذه الفجوات وليس أمامه سوى التعامل مع جهة خارجية لمُساندة البلاد، بمعنى الإسراع بإيجاد شريك استراتيجي وناقل وطني عالمي خاصةً الأوروبية للمساندة وتكون الخرطوم محطة، بعدها تتولى الخطوط السودانية بقية أنحاء أفريقيا وليس البيع، فما حدث من بيع لخطوط طيران خاطئ وجريمة في حق الوطن، مشيراً إلى أن البلد تُدار بأسلوب أبعد ما يكون عن المنطق الاقتصادي.
الصيحة