وصف المهندس عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير الراهن السياسي بأنه يعتمل فيه صراعٌ، ظاهرٌ وخفي، بين قوى الثورة وبين من يمنُّون أنفسهم بإرجاع حركة التاريخ للوراء أو وضع العصي في عجلات عربة التغيير. وأكد الدقير في حوار مع وكالة السودان للأنباء أن الحالة الثورية ما تزال مستمرة في السودان لأن الشعب السوداني مدرك أن شعار “تسقط بس” الذي رفعه خلال ثورته المجيدة لا يعني إسقاط النظام فقط، وإنما يوجب إسقاط بنية التمكين وإسقاط كل المفاهيم والسياسات والسياقات التي أفرزت النظام، وتلك التي أفرزها النظام، وهذه مهمة تنتظر الإكمال والشعب السوداني قادرٌ على ذلك. وقال الدقير إن ما يحدث الآن في الساحة السياسية هو مخاض عسير واختبار لجدارة الشعب السوداني بالحياة الكريمة، ولا يراودني شكٌّ في نجاحه في هذا الاختبار. وأشار إلى أن الراهن السياسي يمثل لحظًة فارقة بين الماضي الذي خلّف تركةً ثقيلة من الخراب، وبين المستقبل الذي هو في نهاية المطاف حاصل جمع إرادة الشعب السوداني وممكنات النهوض والتقدم التي يعجُّ بها وطنه. وزاد في قوله تبدو الأمور غير واضحة بالنسبة للكثيرين، لأن الشفق والغسق يتشابهان رغم ما بينهما من تضاد. وتابع في حديثه لكن النظرة الفاحصة لمجمل ما يجري في واقعنا تثبت أن اللحظة الراهنة شفقية باتجاه استكمال أنوار الصباح وليست غسقية يعقبها ظلام، لأن الشعب السوداني أراد الحياة ولن يسمح بعودة الليل والقيد.
وفي سؤال عن هناك ضبابة في معالجة الوضع الاقتصادي أوضح الدقير من المبكر الحكم على الأداء الاقتصادي للحكومة الانتقالية، خصوصاً وأنها ورثت واقعاً اقتصادياً متردياً. واسترسل في حديثه بالقول إجمالاً إنه لا يمكن تصور معالجة الأزمة الاقتصادية في السودان دون إعادة هيكلة البنيان الاقتصادي ليتحول من ريعي استهلاكي إلى إنتاجي تنموي لمصلحة كل السودانيين، خصوصاً الفقراء، وذلك هو جوهر البرنامج الذي قدمته قوى إعلان الحرية والتغيير للحكومة وينتظر من الحكومة أن تحيله إلى رؤى وسياسات اقتصادية تفصيلية. وقال الدقير قطعاً سيتضح ذلك عند تقديم الميزانية العامة، لأن الميزانية التي تقدمها أية حكومة هي الأداة التي تُعَبِّر بها عن الأنموذج الذي تريد تطبيقه لخدمة شعبها في معاشه وصحته وتعليمه وغير ذلك.
وأضاف أن الشعب مطالبون بمساندة الحكومة الانتقالية والصبر عليها في سعيها لإصلاح الخراب الاقتصادي، لكن في المقابل مطلوب من الحكومة أن تقدم سياسات اقتصادية واضحة مبنية على حيثيات الواقع عبر برنامج إسعافي لمعالجة حدة ضيق العيش، ثم توفير مقومات تحريك عجلة الإنتاج واتخاذ الخطوات التي توفر بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي. وطالب الدقير الحكومة أن تستلهم الإرادة الشعبية وتتخذ خطوات عملية لاجتثاث مؤسسة الفساد وثقافته وسوء الإدارة وأن تفرض – عبر وزارة المالية – ولايتها على الموارد العامة والشركات العامة كافة وأن تتصدى بحزم للأزمات المفتعلة وتقدم البدائل لمعالجة قصور المرافق الخدمية “المواصلات على سبيل المثال” ورفع كفاءتها الإدارية والفنية، وكل ذلك مرتبط بتفكيك بنية التمكين وإعمال مبدأ الشفافية واحترام القانون، إلى جانب استلهام المسؤولين لروح الثورة التي أوصلتهم لمواقع المسؤولية واتخاذ القرار.
الانتباهة