الطيب عبد الماجد: من هو (دسيس مان) ..!!؟؟

تبحث الآلة الإعلامية على الدوام عن الأحداث حتي تقوم بالتهامها وهضمها ومن ثم تقدمها للرأي العام الذي اصبح يتجاوز الأحداث العادية ويذهب الي الظواهر الأكثر غرابة في ظل هذا الدفق اللاهث للأخبار
وهو ما تسعى اليه الوسائط لاجتذاب أكبر عدد من المتلقين
وفي عصر ( السوشيال ميديا ) أضحى تدفق المعلومات مثل شلال لايعرف التوقف ..!! وفيضان من الأخبار والتداعيات والصور يكتسح العالم ويصل الي كل الحدود في ذات اللحظة ….

ولما كانت الثورة السودانية المتفردة في كل شي حدثا
استثنائيا صنع المشهد المحلي والإقليمي والدولي …وقدمت شكلا مغايرا للنضال السلمي استوقف العالم وأثار الإنتباه …!!
كان لابد لهذه الآلة أن تدور في السودان حتي تنقل
هذا الزخم لأمر كبير يملأ الدنيا ويشغل الناس ….!!

وقد مرت الثورة السودانيه بالعديد من المنعطفات الخطيرة والحادة والمفصلية لكنها ( وقفت قنا )
لم تفقد توازنها ..ولم يخبو بريق جذوتها أو تتقهقر الي الوراء …!!
وبدا واضحا أن هذه الجموع خرجت ولن تعود ….!!

فعدلت الميديا نفسها علي هذا الواقع وأصبحت تنقل نبض الثورة بحساسية عالية ومتابعة حثيثة واقتراب أكثر
فمهما تعاظمت الترسانة العسكرية والأمنية وكبرت
وامتد نفوذها فهي تقف عاجزة أمام المد الشعبي وطوفان الجماهير…!! وهو لعمري توصيف دقيق وقد رأينا كيف أن ( التسونامي ) عندما يقع تستكين المدن الإسمنتية الصلبة وتقف عاجزه أمام سطوته وجبروته مستسلمة بلا حراك وقد كانت قبله تتطاول وتتمايل في تحد وعناد …!!! أن إرم ذات العماد …!!
…وتحت وطأة القتل والتعذيب والقمع المفرط تبرز الحاجة لمتنفس لهذه الثورات في التغلب علي هذا الواقع المؤلم …والضغط الكبير … تخرج من خلاله الهواء الساخن زفيرا ….!! وتجدد الخلايا من باب الشهيق …حتي لا تستسلم لليأس والقنوط
وخيبة الأمل ..ويحدث لها أي نوع من أنواع
التراجع والإنحسار للمد الثوري . …
ولهذا السبب نري الأهازيج والأغاني وحتي التعبير الحركي كأدوات حقيقية وفاعلة ومؤثرة تدعم الحراك وترفع الروح ….وحتي الجيوش في العالم تتزود بهذه المعينات مع اختلاف الثقافات …..فالجلالات تحرك الجندي السوداني وتهزه وأغنية ( راب ) واحدة كفيلة بأن تحفز المارينز فيطلقون ( التوماهوك ) مثل كرات البيسبول…
فكان من الطبيعي وسط هذه الأجواء ان تبرز شخصيات
تحمل وجه الثورة البسيط بعيدا عن تعقيدات الإستعداد الأمني والتحليل السياسي وعناوين الأخبار ….!!
فظهور شخصية مثل ( دسيس مان ) يبقي حدثا متوقعا ومنطقيا يمتص الشحن الزائد ويمنح الثورة ملحها وبهارها من شخصيات بسيطه وصادقه يتقبلها الناس
….!!
فتلقفتها بسرعة الآلة الإعلامية الشعبية ممثله في الوسائط الإجتماعية عبر شبكات الإنترنت وجعلت منها أيقونة ثورية تبعث بطاقة إيجابية وتمنح شرايين الثورة بعض هرمونات السعادة وسط أجوائها المحتقنة …
لتأكيد شراكة الجميع في صناعتها …!!
وفجاه يجد شاب بسيط صادق وطيب مثل ( دسيس مان ) نفسه وسط أمواج هذه الآلة التي تنقله الي سدة المشهد دون تدرج ورحمة …..وتدفع به الي واجهة الفعل الثوري وهو لايتزود سوي بأهازيج بسيطة المعني والشكل والمضمون لكن كتب لها النجاح في الوصول الي الناس بغض النظر عن درجة القبول فأضحت ظاهرة لها وجود …!!
لذلك فإنني أعتبر أن ( دسيس مان ) بقدر ماهو أحد وجوه الثورة التي وجدت حظها من الذيوع و الإنتشار فهو في المقابل أيضا يعتبر ضحية حقيقية لمطحنة الإعلام واستغلاله للظواهر خاصة تلك القابلة للتداول ….!! ومن ثم تسويقة …!!
ويجب هنا أن نمنح الرجل حقه في أنه يتمتع بقدر من القبول وهذه في كثير من الأحيان ليست لع علاقة مباشرة بالمقدرات بقدر ماهي نوع من التوفيق الإلهي ….!!
لكن إذا لم بكن لديك إستعداد نفسي وذهني للتعاطي مع مثل هذا التحول تحد نفسك سابحا في بحر متلاطم الامواج يعلو ويهبط بك كيفا ماشاء …..!!!

لذلك إذا حدث أي تصرف يخرج عن المنظومة الأولي
التي نصبك فيها الناس نجما ثوريا فستدفع بك ذات الآلة وتقذف بك بعيدا لخروجك عن النص وبعدك عن المضمون ..بغض النظر عن نوعية هذا النكوص ووجهته .. ويتباين تقييمه من الجنحة والمخالفة حسب تقديرات ثوار الوسط وصولا حتي الردة الثورية لشاربي البمبان …!!
لذلك فان الإعلام بشقيه التقليدي والشعبي يحتاج الي من يعي التعامل معه بحرفيه ومهنيه وحس وإلا فهو حقل من الألغام يحتاج المشي فيه الي دراية وحصافة واستعداد وإلا تعثرت الخطى ….وتاهت الدروب …!!

وتبقى المفارقة ان هذا الإعلام نفسه في المقابل هو القادر علي الدفاع عن هذه القيم والمفاهيم ….
لذلك يجب أن نتمسك جيدا بشعار هذه الثورة بأنها ثورة وعي ….!! حتي يجد هذا المفهوم حظه من الرسوخ. والتمكن في أذهان الجميع ….!!
هناك من قدموا ارواحهم لهذه الثورة …فأين منهم دسيس
هو ظاهرة قدمت ماعندها وقت ما
يجب ان لانتوقف كثيرا في مثل هذه المحطات …!! فللقطار وجهة …..!!
( ويا قطار الشوق متين ترحل تودينا ….نزور بلدا حنان أهلا نرسي هناك ترسينا ?

…..!!!
ولا شنو يا مان …!! ؟

الطيب عبد الماجد

Exit mobile version