مدينة ولاء البوشي الرياضية

تستحق مدينة السودانية الرياضية.. أن تحول إلى نصب تذكاري أو أيقونة تعبر عن الفشل المقيم لحكومة البشير في ملف الرياضة طوال ثلاثين عاما من عمر الكساح والتخلف.. ولكن يبدو أن ذات الملف سيكون واحدا من منجزات وزيرة شباب ورياضة الثورة السودانية التي مضى على قرار تعيينها في هذا المنصب أقل من شهرين فقط.. ولكنها ـ ما شاء الله تبارك الله على حماسها وروحها الوثابة وعبقريتها ـ استطاعت أن تنجز الملف كما ينبغي له الإنجاز.. حيث زارت المدينة مرة ومرتين واكتشفت اقتطاع الجزء الأكبر من مساحتها التي تتجاوز المليون متر مربع..!! لم تترك الوزيرة حتى قياسات الملعب لعلها تكتشف تحته بترولا أو ذهبا.. فكان اكتشافها المدهش بأن المشروع عبارة عن استاد وليس مدينة رياضية..!! ثم تحركت الوزيرة خطوة اثنين مستحيل إلى الأمام وقالت بأن المباني متصدعة آيلة للسقوط وهي تخشى على حياة الناس.. لذلك لن تعد بافتتاح قريب لهذه المدينة التي احتشد حولها الورق وتناسلت عنها الخطط وتمددت الأمنيات طالما أن البشير سيُسأل يوما عن تعثر بله جابر وعبد اللطيف بوي وإخوتهما لم لم يسوّ لهم الملعب.. ولكن.. أخطر ما تطرقت إليه الست الوزيرة عن هذا الملف الملغوم.. سيرة الفساد.. وهي السيرة “البنحب ترديدا” في أي شأن عام هذه الأيام.. فقالت إن لعلي عثمان محمد طه وعبد الرحيم محمد حسين نصيبا في هذا الفساد حيث حولا جزءا كبيرا من أراضي المدينة الرياضية إلى جهات أخرى منها دار مصحف أفريقيا وجامعة أفريقيا فيما حولت الولاية الجزء الأكبر إلى أراض استثمارية سكنية.
# بداية نثمن مجهودات الست الوزيرة التي حسبنا فور إعلانها للمؤتمر الصحفي أنها اكتشفت المعضلة وعرفت الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تراجع الرياضة السودانية في كل مناشطها وتوصلت لأسرار ابتعادها عن منصاب البطولات.. فوضعت البدائل السريعة لإحداث النقلة المأمولة في ملف كرة القدم على وجه التحديد.. ولكن للأسف الشديدة.. جاءت البوشي لتحكي ـ ملء لسانها ـ ما كان يحكي عنه أصغر رياضي في سودان ما قبل سقوط البشير.. ثم طفقت تحدثنا عن أنها فتحت بلاغا في نيابة الفساد أو الثراء الحرام وكأن عهدها المأمول في الحكومة الانتقالية السودانية ليس فيه إنجازات غير هذه البلاغات التي ستحل مكان البطولات.
# تمنيت أن يتقدم أحد الإعلاميين أو الصحفيين الذين حضروا في المؤتمر.. بأسئلة مباشرة للست الوزيرة عن كيفية حصولها على المستندات الخاصة بهذه المدينة.. تصديقاتها وأموالها ومراحل تشييدها.. هل كانت موجودة في مكاتب الوزارة أم جاءت بها من أمريكا؟ من هي الجهة التي قامت بتصديق الأرض الخاصة بالمدينة الرياضية.. وكيف تم تعويض أصحابها الأصليين التعويض المناسب وبكم كان حساب المتر؟.. وهل هذه الجهة التي تملك سلطة التصديق لا تملك سلطة النزع وتغيير الغرض..؟ فقد بدا من مداولات هذا الملف أن الجهة المصدقة هي ذاتها التي غيرت الغرض ومنحت الجهات الأخرى جزءا من الأرض المستقطعة.. اللهم إلا إذا أصبحت رئاسة الجمهورية فجأة جهة لا ينشأ لها أدنى اختصاص في هذه الأرض وليس من سلطتها المنح والنزع وتغيير الغرض.
# أخيرا اقول إن الناشطة ولاء البوشي يبدو أنها لا تملك غير هذا الملف الذي ستمسك به الزمن وستهدر جله في النيابات والمحاكم ما بين عبد الحي يوسف وعلى عثمان طه وعبد الرحيم محمد حسين وليس لها زمن للإنجاز لأن حكومتها بكاملها تسير بدون خطة أو برنامج واضح وكأنها تعمل بالحكمة التي تقول: (تستغرق مناقشة المسائل التافهة وقتاً طويلاً لأن بعضنا يعرف عنها أكثر مما يعرف عن المسائل المهمة).
# شباب السودان ينتظرون واقعا جديدا يقيل عثراتهم المتكررة وأهل الرياضة يمدون حبال العشم في رؤية سودان جديد له صولات وجولات في البطولات.. لا سودان منغلق على نفسه مهزوم أمام تنزانيا وكل الدول المجاورة.

أيمن كبوش
اليوم التالي

Exit mobile version