اتسعت في الأيام الماضية دائرة المطالبات بحل حزب المؤتمر الوطني ومصادرة مقراته المركزية، وفي الولايات، ما وسع في نفس الوقت مساحات الجدل السياسي والقانوني، بينما حذر آخرون من خطورة الخطوة التي يمكن أن تعيد للمشهد السياسي تجربة حل الحزب الشيوعي في الستينيات.
(السوداني) أجرت مواجهة بين الناشط السياسي المستقل عبدالله جعفر ميرغني وهو واحد ممن تبنوا الخيار، وأبي عز الدين عضو القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني.
عبدالله جعفر، الناشط السياسي المستقل لـ(السوداني):
حل المؤتمر الوطني كان يجب أن يتم تلقائياً فور سقوط النظام
عضوية الوطني يمكن أن تنضم لأحزاب أخرى أو تنشئ أحزاب جديدة
فكر الحزب انهزم وكان أحد أسباب سقوط النظام.
استمد موقفي لحل “الوطني من الشرعية الثورية وشرعية المنطق.
لماذا المناداة بحل المؤتمر الوطني؟
حل المؤتمر الوطني عملية كان يجب أن تتم بديهياً لأنه إجراء تلقائي وأن تكون فور إسقاط الحكم الشمولي في 11 من إبريل الماضي، الحزب فيه تركيز للفكر الشمولي لذلك المنطقي أن يتفكك.
بعد أن يتم تفكيكه أين يذهب أعضاؤه لأن الديمقراطية تكفل لهم حق الانتماء الحزبي؟
يمكنهم أن يذوبوا في الأحزاب الأخرى، أو إنشاء أحزاب جديدة وأن يعيشوا التغيير الحقيقي ويمارسوا تجربة مختلفة، لأن التفكيك أفضل لنا ولهم.
في حال انضموا إلى الأحزاب الأخرى هل ستنتهي أو تموت الفكرة عندهم؟
فكرهم انهزم وكان أحد أسباب سقوط نظامهم، والآن ليس لديهم فكرة مركزية ومحورية قوية يستطيعون بثها، فقط لديهم موارد كالمال والتنظيم.
عند مطالبتك بحل المؤتمر الوطني كحزب سياسي على ماذا استندت في القانون؟
قانونياً لا ليس لدي، لأنه ليس هناك دستور والوثيقة الدستورية التي وضعت ضائعة، لكني استمد موقفي من الشرعية الثورية، وشرعية المنطق، والشرعية القصوى للبشر وإرادة المواطن أعلى من القوانين.
كيف ذلك وهناك حكومة الآن؟
أنا كمواطن بعبّر عن مطالبي، والحكومة تحوّل المطالب دي لحاجة قانونيّة بالطريقة البيعرفوها.
الثورة عندما جاءت رفعت شعار (حرية سلام وعدالة) ألا تعتقد أن مطالبتك بحل حزب سياسي لا تتماشى مع شعار الثورة ؟
الحزب لم يتكون في بيئة ديمقراطية، وأنا غير معترف بالقوانين والانتخابات التي أجراها الحزب ولا شرعيته، والحزب كان ضد الثورة لآخر يوم لذلك الحرية هي حرية المواطن وليس النظام السابق.
لكن مطالبتك تسلب الأفراد حقهم في حرية اختيار التنظيم السياسي؟
أحد مطالبي كانت في القائمة الأساسية كانت أن الاعتقال التعسفي أمر غير مقبول، يجب أن توجه إليهم تهم كأفراد، و أرى أن الأمر فيه تناقض أن تعتقل أشخاص لأهم كانوا ينتمون لحزب حاكم وتبقى على التنظيم.
ماهي ردة الفعل التي توقعتها عند مطالبتك بحل المؤتمر الوطني؟
فعله رأيناه خلال الأربعة أشهر الأولى من الاحتجاجات .. كانت القمع، وبالتأكيد لن يستشيرنا في فعله، ولكن عندما قمنا بإسقاطه انهزم ولا أخاف من ردة الفعل وإن جاؤوا كأفراد مرحباً بهم.
في الستينيات شهدت البلاد حل الحزب الشيوعي وأعقب ذلك نظام مايو، كيف سيتم تجاوز السلبيات في حال تم حل المؤتمر الوطني؟
ما بتفرق كتير، وبالنسبة لي .. مبدأ العدالة من حقهم وأن يعيشوا مع الدولة وليس أن يتم عزلهم، وأنا ضد تجسيد الشر في أفراد وأن أبقى على تنظيم يجسد الشر .. وأجبي تجاههم أن يتفكك الحزب ويعيش تجربة ديمقراطية ستكون صعبة عليه ولكن ليس هناك طريقة غيرها.
لكنك لم تجب على سؤالي؟
حل الشيوعي كان في دولة ديمقراطية رغم أن العملية غير ديمقراطية، الوطني تنظيم يمثل الدولة الشمولية وسيحاول إعادة إنتاج نفسه، لذلك يجب إعطاؤه كرتاً أحمر ليخرج من المعادلة السياسية لفترة وأن يعودوا ولو بمسمى جديد ويأخذوا فرصة مثل غيرهم.
في تقديرك حكومة حمدوك قادرة على تحمل القرار وتبعياته؟
لا أعتقد أن هناك مشكلة، وكان يجب أن تقوم بذلك تلقائياً خاصة أنها مفعلة قانون الطوارئ فإن لم تفعل ذلك لا فائدة من تفعيله.. وقد ثبت للناس أن الخوف من المؤتمر الوطني أكبر من حجمه وليس لديهم عمل يعملون به.
عضو القطاع السياسي للمؤتمر الوطني أبي عزالدين لـ(السوداني):
الدعوة لحل الوطني غير قانونية وبلطجة تستفز الآخرين
هذه مراهقة سياسية واستفزاز لعضوية حزبنا التي تعرفها ساحات الفداء
المطالبة بحل “الوطني” خوف استباقي لنتيجة الانتخابات المقبلة
على الحكومة ألا تنجرف وراء مستجدي النضال
•كيف ترى المطالبة بحل المؤتمر الوطني ؟
إذا كانت هذه مطالبات قانونية فمرحباً بالقانون والجولات القانونية، ومعلومة شروط حل الأحزاب طبعاً، مثل موافقة ثلثي أعضاء مجلس الأحزاب ورفع توصية بذلك للمحكمة الدستورية، ولا يمكن (مثلا) حل الحزب الشيوعي باجتماع 100 ألف مواطن أومليون أو حتى لو اجتمع كل الشعب.
• كيف تنظر للمطالبات من ناحية سياسية؟
من حق أي مواطن أن يطالب بما يشاء، ولكن هذا ليس عملاً قانونياً بل يعتبر بلطجة تستفز الآخرين للعمل ضدك بقوة وكل ما سنحت فرصة، وهذا الاندفاع ليس من الحكمة في شيء.
هذه مراهقة سياسية واستفزاز لعضوية حزبنا التي اعتادت الاستنفار كلما نادى المنادي، كما تعرفها ساحات الفداء للوطن.
•لكن المطالبة كانت في مواكب سيرت في شوارع الخرطوم ومدن الولايات الأخرى؟
خرج الناس لنوايا متباينة، وأهمها تصحيح مسار الحراك الثوري في ظل التخبط الذي يضرب حكومة تجمع المهنيين اليساريين. ولذلك قام التجمع بتحويل شعاراتها واستغلال الاندفاع العام كعادته، وكأن هذه هي قضايا الوطن والمواطنين.
المطالبات السياسية بحل المؤتمر الوطني وشركائه، لا تعدو كونها خوفاً استباقياً لنتيجة الانتخابات المقبلة، والتي لن تدخلها أحزاب “قحت” موحدة تحت رمز انتخابي واحد، ، مما دفعهم لمحاولة تحريك الشارع مبكراً نحو التخلص من الحزب صاحب العضوية الأكبر.
• المواطنون الذين خرجوا ضدكم يرون أن الحزب كان يمارس القمع طوال سنوات حكمه؟
لا يوجد حزب يقمع، من تقمع هي السلطات حاملة السلاح، فعندما خرج منسوبو الوطني مثل ودإبراهيم وصلاح قوش وغيرهما ضد الحكومة، قام جهاز الأمن باعتقالهم!
وأما المؤتمر الوطني، فمعلومة دعواته للحوار المتكررة وآخرها عملية الحوار الوطني!
المؤتمر الوطني كان يدعو الآخرين للجلوس للحوار وللمشاركة في حكم السودان وللمشاركة في الانتخابات، وطوال 29 عاماً لم يطالب بحل الحزب الشيوعي، غريمه الأكبر وربما الأوحد كمثال !
وكان المؤتمر الوطني يحترم الحركات المسلحة ومطالبها، ويحاورها ويجالسها رغم تباين المطالب وتضادها أحياناً.
•لكن الحزب الشيوعي لم يطالب بحل المؤتمر الوطني ومن طالبوا سياسيون مستقلون ومواطنون ؟ فكيف ستتم مواجهة الأمر إذا تم حل الحزب؟
غير صحيح، استخدام الواجهات هو تكتيك الحزب الشيوعي الدائم لمعالجة رفض المجتمع السوداني المحافظ له.. وكما أن هؤلاء مواطنون، فأولئك مواطنون كذلك.
•المتحدث الرسمي باسم قوى إعلان الحرية والتغيير وجدي صالح قال لوسائل إعلامية إن حل حزب المؤتمر الوطني، وملاحقة رموزه ومصادرة ممتلكاته، مطالب مشروعة لكل الثوار؟
ينبغي أن تكون الحكومة من النضج الكافي بحيث لا تنجرف وراء مراهقي السياسة ومستجدي النضال، ولا تقوم بإجراءات استفزازية تؤثر على الوضع الأمني في البلاد وتزيد التوتر الاجتماعي، وهذا لمصلحة استقرار الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلد.. وأنصح أتباع تجمع المهنيين اليساري بالاحتكام للقانون ثم للانتخابات، وليس البلطجة ولا الإرهاب،
•ماهى خياراتكم إذا حدث الحل ؟
أعتقد أن خيارات المواجهة ستتباين بتباين أمزجة وأساليب المواطنين في التعبير عن رفض القهر الفكري، ابتداء من المقاومة القانونية وانتهاء بتكرار نفس تجربة التحالف مع الحركات، مثلما فعلت نفس هذه القوى السياسية قبل ذلك.
• في حال تم الحل هل سيخرج المؤتمر الوطني من المعادلة السياسية لفترة ويعود للانتخابات؟
سواء كان هناك حل أو لم يكن، فلن يخرج المؤتمر الوطني أو عضويته التي اكتسبت خبرة طويلة في العمل العام رغم الأزمات، فهؤلاء مواطنون يعيشون في كل أحياء البلد، وليس من حق أي خصم سياسي أن يبعدهم لخوفه من نتيجة
كوش نيوز