حصاد الذهب الأحمر في فرنسا .. الزعفران من أغلى التوابل

بدأ المزارعون القلائل في إقليم إيل دو فرانس، هذا الأسبوع، بحصاد زهور الزعفران، التي تُعَدّ من أغلى التوابل، ويبلغ سعرها نحو 28 يورو للغرام الواحد. لكنْ وراء كل غرام من الزعفران، عدد كبير من الزهور التي تُقطَف بحذر.

جويل نولو، أحد المزارعين الذين بدأوا قطاف المحصول مع عائلته، يقول إن عود الزهرة يمكن كسره بسهولة، ثم تجمع في سلال صغيرة، ولديه مئات الزهور التي يجب أن يقطفها في وقت قصير على امتداد بستانه الذي تبلغ مساحتة ألفي متر مربع في قرية بيزليه لو ماريه، جنوب باريس.

ينتهي الأمر بهذا المحصول لاستخراج مدقة كل زهرة على حدة، وبالتالي الحصول على الزعفران. ويبيع جويل الغرام الواحد من محصوله بمبلغ 28 يورو. ويُقدَّر أن فرنسا تنتج ما يراوح بين 50 إلى 100 كيلوغرام من الزعفران كل سنة، بحسب تقدير جوليان، المهندس الزراعي، الذي جاء ليساعد والده في قطاف الزهور. يُحصَد الزعفران في شهر أكتوبر/تشرين الثاني خلال فترة زمنية قصيرة، لا تتجاوز أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، ويُلتقَط نحو 15 ألف زهرة يومياً في حقل جويل، بمعدل ألف زهرة في الساعة، وبالتالي فإنه يحتاج يد العون التي يقدمها أفراد من عائلته، وأحياناً يستعين ببعض الأشخاص الذين يدفعهم الفضول إلى المساعدة في القطاف.

بدأ جويل مغامرته في زراعة الزعفران قبل عشر سنوات، بحسب ما نقلته صحيفة “لوباريزيان”، إذْ كان يزرع 85 هكتاراً من الأراضي التي ورثها عن والده بالحبوب، لكنَّه قرر أن يكرّس نفسه للزعفران منذ ذلك الوقت.
الحصول على بضع غرامات من الزعفران يتطلب وقتاً وجهداً، إذْ يقوم المزارع باستخراج مدقة كل زهرة باستخدام ملقط، ويتطلب إنتاج غرام واحد من الزعفران نحو 150 إلى 200 زهرة، وفي نهاية الموسم ينتج جويل أقل من كيلوغرام واحد من الزعفران، الأمر الذي يتطلب نحو 150,000 إلى 200,000 زهرة. لذلك يُعدّ الزعفران نادراً ومكلفاً، وأكثر تكلفة بـ 100 مرة من الكافيار.

وبعد عملية تجفيف سريعة في الفرن، يُحتفَظ بالزعفران في الجرار لعدة أشهر، كي تتركَّز رائحته العطرية، ولتذوق إنتاج هذا العام 2019، يجب الانتظار حتى فبراير/شباط 2020 حيث يصبح جاهزاً للبيع.
ويسوّق جويل الزعفران بعدة أشكال، سواء في متاجر التوابل الفاخرة، أو عبر الإنترنت، أو يبيعه على شكل عجين أو مسحوق أو شراب أو حتى مربى. ويدخل الزعفران أحياناً في صناعة الصابون ومواد التجميل، بالإضافة إلى الحلويات والأطعمة الأخرى التي يضيف إليها لوناً ونكهةً مميزة، وهناك من يفضل إضافته إلى الشاي أو سلطة الفاكهة، وعُرِف قديماً باستخدامه كصباغ، ويتميز الزعفران بخصائص مهدئة، ومضادة للاكتئاب.

ويقدَّر عدد مزارعي الزعفران في إقليم “إيل دو فرانس” بنحو ثلاثة فقط، لا يزالون يصرون على الاستمرار في إنتاج هذا النوع من التوابل. إلى جانب ذلك، هناك بعض المشاريع الناشئة لاستنباته في أحواض على أسطح البنايات في باريس، وقد يصل سعر الغرام الواحد منه إلى 80 يورو بحسب جودته. ويقول بعض المزارعين إنهم يزرعون نحو 32 ألف بصلة، لإنتاج نحو 20 غراماً فقط من الزعفران في نهاية الموسم، ويحتاج ذلك إلى عمل يدوي في كامل مراحل الزراعة والقطاف، وهذا ما قد يساهم في ارتفاع أسعاره.

ولطالما ربط القدماء الزعفران بخصائص روحية وسحرية منذ آلاف السنين، إذْ كان يعتقد أنه يجلب السعادة والحب والشهوانية وطول العمر والقوة النفسية والجسدية. كذلك ذُكر الزعفران في ورق البردي بمصر في 1500 قبل الميلاد، كجزء من وصفات طبية، واستخدمه المصريون القدماء في الصباغة أثناء عمليات تحنيط الموتى.

العربي الجديد

Exit mobile version