هل سمعتم بشارع اسمه (شارع الهوا)؟؟ حسناً.. هذا الاسم يطلق على شارعين من أكبر شوارع العاصمة.. الاسم طبعاً من بنات أفكار (الهوى) الشعبي.. أطلقه الناس وصار اسماً معترفاً به..
غالبية شوارع العاصمة -خاصة الجديدة منها- ليس لها أسماء فيتطوع الناس بإطلاق أسماء فيها إيحاءات قد لا تكون إيجابية.. بل أحياناً فيها معانٍ (عنصرية) تبث الكراهية بين شرائح المجتمع السوداني..
مناسبة هذه الموضوع الذكرى الثانية لرحيل واحد من أبرز الشخصيات السودانية التي لعبت دوراً كبيرا في التأثير على الهوية السودانية وترسيخها وجدانياً في ضمير الشعب السوداني.. الفنان الراحل محمد وردي.. الذي انتقل إلى جوار ربه يوم ١٨ فبراير ٢٠١٢ بعد مسيرة فاقت نصف القرن من الإبداع المتواصل حتى آخر قطرة من عمره..
مثل هذا الرمز لا يتكرر في تاريخ الشعوب تماماً مثلما لن يتكرر (بتهوفن) أو (شكسبير) أو (أم كلثوم) أو (المتنبي) أو (أحمد شوقي).. بالله عليكم كل شوارعنا المهملة بلا أسماء هذه ألم يكن حرياً بنا تخليد ذكراه بتشريف أي شارع محترم بوضع اسم (محمد وردي) عليه..
بصراحة، الأمر ليس مجدر تخلف حضاري ألاّ تعرف أمة كيف تكرم مبدعيها.. بل هو (أنانية) وحسد ألاّ يحس أحد بأن ذلك أقل ما يجب أن تفعله الدولة.. لترسيخ قيم الوفاء وتقديم النماذج الباهرة للأجيال القادمة..
الأستاذ الجامعي مهما كان ذكياً وعبقرياً- يقدم لطلابه خلاصة ما اختزنه من علم منقول.. والطبيب الماهر مهما فعل فهو يؤدي ما تعلمه.. والمهندس المقتدر مهما اقتدر وتعبقر فهو يعمل بما في الكتب وربما بعض الخيال.. لكن الفنان الملهم أو الشاعر المجيد يبدع من العدم.. ما كتبه شاعرنا إسحاق الحلنقي لا يمكن أن يكتبه من حاز على أعلى درجة في اللغة العربية.. لأن الشاعرية هبة من الله لا تحاز بالاكتساب مهما اكتسب..
محمد وردي هبة التاريخ النادر للسودان.. واحد من صناع الهوية السودانية التي يجتهد الساسة في تحطيمها.. فنان صنع كل ما دمره الساسة بعد ذاك.. صنع الضمير والوجدان السوداني الأصيل..
ليتنا نتعلم تمجيد رموزنا.. ليس تخليداً بلا معانٍ، بل لصنع النموذج والقدوة.. وضخ الإبداع في الأجيال القادمة..
سيدي والي الخرطوم تخير أفضل شوارع العاصمة وأطلق عليه اسم الفنان وردي.. وامنح مجموعة (دال) أرضاً واسعة في أنسب موقع في العاصمة لتشييد مسرح ومركز الفنان وردي..
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]