كان حلم لي وانا طفلة صغيرة ان اكون لاعبة في فريق كرة قدم، تمنيت وقتها ان اكون في خط الهجوم وان اصبح هدافة للدوري وقائدة لفريقي في البطولات العربية والاقليمية، وكانت احلام اليقظة تلك تراودني وتنتعش كلما شاهدت احدى الدوريات العالمية، فأشعر بأن مكاني هناك داخل المستطيل الأخضر، وليس على منصات التشجيع.
بيد انني كنت اتألم وانا اتابع خروج الفرق السودانية والمنتخب السوداني من البطولات الواحدة تلو الأخرى، ولساني حالي يقول ماذا لو كان لنا فريق كرة نسائي يقدمنا للعالم بصورة مختلفة، ويعيد انتاج امجادنا التليدة.
في احدى المرات كنت اقرأ مقالاً في إحدى المجلات المصرية القديمة كان يتحدث عن معسكر للمنتخب المصري بإحدى الدول الاوروبية، وقد صادف ان على ذات ارض المعسكر يقع ملعب متاخم له يتدرب فيه فريق كرة قدم نسائي، الشاهد ان كاتب المقال كان يتغزل في اداء اولئك الشقراوات.
قال ان السلاسة في الاستلام وتمرير الكرة والتهديف بالياردة والانسجام في خطوط اللعب، تنبئ عن لاعبات متمرسات يعشقن تلك الرياضة ويقمن بمهامهن في الملعب باحترافية مذهلة.
كاتب المقال أضاف ان محمود الجوهري مدرب المنتخب المصري آنذاك أحجم عن طلب مباراة ودية بين فريقه واولئك الشقراوات خوفاً من مغبة الهزيمة التي يمكن أن تلحق بفريقه.
تذكرت كل ذلك وأنا أتابع الوزيرة المتألقة حماساً وأفكاراً ولاء البوشي، وهي تخط اسمها بأحرف من نور بتوقيعها على انطلاق دوري كرة القدم للسيدات بالسودان.
أخيراً أصبحنا نخطو في الاتجاه الصحيح، وأخيراً نستطيع ان نخطو حذو الأمم المتقدمة على الأقل في تعقب خطاها نحو تمكين المرأة من ممارسة حق أصيل في رياضة تكفل لها القدر الكامل من التعافي والتسامي والنشاط والانتاج والمتعة والإبهار.
أخيراً استطعنا في السودان ان نحول الحديث الممجوج في الورق الى المستطيل الأخضر وأصبح أمراً واقعاً، دوري كرة القدم للسيدات يا له من انجاز وإعجاز وخطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح.
أخيراً نستطيع ارتياد دور الرياضة ومتابعة التدريبات والمباريات، ونحن نشعر بأننا جزء من الواقع الجميل.
نشد كثيراً على يد الوزيرة، والى الأمام قدماً، ولا تأبهي بأحاديث علماء السلطان فهؤلاء لا يضيرهم الدم المسفوك على أنترلوك القيادة العامة ولكن يضيرهم رؤية امرأة ترتدي (تي شيرت).
لا يضيرهم تحلل جثث الشهداء في النيل ولكن تؤذيهم شعيرات في رأس امرأة، لا يحركهم ساكن اغتصاب معلم حتى الموت، ولكن تشعل غضبهم قفزة امرأة في الهواء.
خارج السور:
ولاء البوشي ….أرمي قدام.
سهير عبدالرحيم
الانتباهة