(الانتباهة) في حوار شامل وجريء مع السفير البريطاني في الخرطوم: (١_٢)
نثق في الحكومة الجديدة لأنها مؤهلة وتتمتع بمساندة الشعب
يجب إعطاء المؤتمر الوطني فرصة للتعبير عن آرائه
فرنسا لم تقل إنها ستُعفي ديونها على السودان
الديون وقائمة الإرهاب تحرمان السودان من أي قروض
البنك الدولي وصندوق النقد لن يقدما قروضاً جديدة للسودان
واشنطن تُعارض بالمؤسسات الدولية توفير قروض للسودان
إعادة دفع متأخرات الديون سيُمكّن الخرطوم من المساعدة
900 مليون دولار حجم ديون لندن على الخرطوم وباريس ديونها أكبر
علاقتنا بالسودان أقوى وأعمق من فرنسا
حوار: أميرة الجعلي
لفت السفير البريطاني في الخرطوم، عرفان صديق، نظر المحللين والمراقبين بدعوته لتناول طعام إفطار رمضان أمام منزله وإمامته للمصلين مما يدل على اهتمامه بالوسائل الدبلوماسية عامة والاتصال مباشرة بشرائح الشعب السوداني، وبذات البطاقة ظل ناشطاً في الاتصال السياسي مع قادة الحراك الثوري معبراً عن موقف بلاده الداعم للتحول الديمقراطي، كما شكل حضوراً بارزاً في اعتصام القيادة العامة، استقبلنا السفير بترحاب كبير ولم يبخل في الإجابة على أسئلة (الانتباهة) كافة التي تلخصت حول محاور العلاقات الثنائية وقضايا السلام والعلاقة مع المجتمع الدولي والوضع الاقتصادي وتحولات المشهد السياسي في السودان، فإلى مضابط الحوار :
*توقع الشعب السوداني دعماً سياسياً واقتصادياً من المجتمع الدولي على رأسه بريطانيا لإنجاح الفترة الانتقالية.. هل توجد التزامات محددة لهذا الشأن؟ وبريطانيا من أوائل الدول التي دعمت مطالب الشعب السوداني ؟
-بداية شكراً على هذه الفرصة وأريد أن أهنئ الشعب السوداني على ثورته المجيدة ومنذ بداية ثورته كان هناك دعم سياسي كامل من الحكومة البريطانية منذ ديسمبر العام الماضي، ومنذ تلك الفترة دعمنا السياسي لم يقل ونحن كنا من اوائل الدول التي كان دعمها واضحاً لتلبية مطالب الشعب السوداني سواء السفارة هنا أو من الحكومة البريطانية، كما كانت هناك تعليقات وبيانات من وزارة الخارجية البريطانية.
*هذا فيما يخص الدعم السياسي ماذا عن الدعم الاقتصادي وهل تعني بذلك أن تكون هناك مساعدات تنموية في الفترة القادمة ؟
-الآن بعد أن تم التغيير كل التركيز تغير ما عدا المساعدات الاقتصادية والمالية لان الوضع معقد بعض الشيء، كان لدينا مساعدات مباشرة من الحكومة البريطانية تبلغ حوالي (٥٠) مليون إسترليني كل عام منذ الماضي وحتى الان، معظمها تركز على الإغاثة والمساعدات الإنسانية، الان نتمنى أن تكون هناك مساعدات جديدة وتنموية لكن كل هذا متوقف على أولويات الحكومة وسنتابعها وننفذها .
*لماذا لم نشهد مساعدات من المؤسسات المالية الدولية حتى الآن؟
-لان هناك مشكلتين المشكلة الأولى خاصة بوضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ونتيجة ذلك هناك معارضة من الحكومة الأمريكية في المؤسسات الدولية لتوفير مساعدات جديدة ، المشكلة الثانية تتعلق بإعفاء الديون لان هناك جدولاً لإعفائها لكن لم تدفع حكومة السودان لتسوية الدين منذ عشر سنين وقبل ما تكون هناك مساعدة جديدة لابد ان يكون هناك حل للحساب اي اعادة دفع المتأخرات ليكون الحساب نظيفاً ونحن نبذل كل الجهود مع الحكومة لحل هاتين المشكلتين .
*لكن فرنسا قالت إنها ستعمل على إعفاء ديونها على السودان وإنها ستتبنى مؤتمراً للمانحين.. هل بريطانيا يمكن أن تنظر في إعفاء ديونها أيضاً ؟
-لا اظن ان فرنسا قالت إنها ستُعفي ديونها قالت ستساعد السودان عبر برنامج الدول الأكثر فقراً في العالم، وهناك اتفاق عالمي انه لابد ان يكون هناك اعفاء لديونهم لكن السودان لم يحصل على ذلك بسبب المشاكل في الماضي، لكننا الان جميعنا ملتزمون بتنفيذ هذا لكن لتنفيذه لا بد أن تكون هناك خطوات مبدئية .
*كم تبلغ ديون بريطانيا على السودان ؟
-تبلغ (٩٠٠) مليون دولار لكن فرنسا دينها أكثر من ذلك ولم يتم الاتفاق على اعفاء الديون، لكن تم الاتفاق على برنامج للاتفاق على اعفاء الديون وكلنا متفقون على ذلك، لكنه يعتمد على الإصلاحات الداخلية لان مبدأ الديون قائم على ان هناك دولة محتاجة لمساعدة ونحن اعطينا المساعدة لانها لا تستطيع أن تدفع. لكن في المستقبل الوضع الاقتصادي سيكون افضل ولن يكون هناك طلب لمساعدات جديدة فقط على حساب ذلك سيكون هناك اعفاء ، لكن إذا كان غداً هناك نفس الطلب لأموال جديدة لن يكون هناك اعفاء لأننا ملتزمون بهذا البرنامج .
*عاد رئيس الوزراء من نيويورك وفرنسا، لكن نستغرب لماذا لم تقدم بريطانيا دعوة له لزيارة بريطانيا، كما لم يلتقِ أي مسؤول بريطاني على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
-هذا غير صحيح لان في نيويورك على هامش الجمعية كانت هناك جلسة باستضافة من بريطانيا برئاسة نائب وزير الخارجية البريطاني عن حرية الإعلام والدفاع عن الصحفيين ورئيس الوزراء كان الضيف الكبير فيها، إضافة إلى أن نائب وزير الخارجية البريطاني كان موجوداً في جلسة خاصة بالسودان برعاية الامين العام للأمم المتحدة، للاسف وزير الخارجية ورئيس الوزراء البريطاني مفترض يكونا في نيويورك ويلتقيا رئيس الوزراء، لكن بسبب السياسات الداخلية كل الوزراء عادوا إلى لندن سريعاً والآن التركيز على الشؤون الداخلية في بريطانيا بسبب الانسحاب من الاتحاد الأوروبي لذلك لا يوجد تركيز حول الشؤون الخارجية، لكن في الوقت المناسب ستكون هناك زيارات من الحكومة البريطانية للسودان، وكذلك دعوة لرئيس الوزراء لزيارة بريطانيا ولا ادري لماذا الاستغراب !!
*الاستغراب لأن هناك علاقات تاريخية بين البلدين وبريطانيا دولة ذات خصوصية ؟
-نعم العلاقات بين البلدين ومع احترامي لفرنسا هي أقوى وأعمق من الفرنسيين، لكن كان للرئيس الفرنسي الوقت ليستضيف رئيس الوزراء لكن رئيس الوزراء البريطاني الآن مشغول كما ذكرت .
*قال وزير المالية إن هناك مشاورات مع البنك الدولي لتأمين (٢) مليار دولار من الدول المانحة.. هل يمكن أن تسهم بريطانيا مع السودان في الحصول على هذا القرض ؟
-اطلعت على هذا التصريح لكنه ليس دقيقاً، لأنهم كانوا في مشاورات وعادوا ولا يوجد شيء لأنني مثل ما ذكرت لن يكون هناك أي توفير لمساعدات جديدة، ما لم يتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ودفع الديون المفروضة من الماضي، وأنا تحدثت مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لا توجد إمكانية لهم لأنهم ما زالوا في نفس الوضع. هناك مبالغ مطلوبة من السودان ولكن لن يعطوا مبالغ جديدة لأنه لابد أن يكون هناك تسوية للديون الماضية قبل ما يكون هناك توفير لقروض جديدة .
*كان هناك نوع من الارتباط في الفترة الماضية بين السودان وبريطانيا عبر آلية الحوار الاستراتيجي والزيارات المتبادلة هل سيتم تطوير هذه الآليات في الفترة القادمة ؟
-الحوار الاستراتيجي بدأ مع النظام السابق وكان هناك ارتباط واعتماد كامل بين التقدم في كثير من القضايا منها حقوق الإنسان والديمقراطية والحرب والسلام والتنمية لأنه لم يكن هناك ثقة في النظام السابق والتزاماته لذلك كان هناك نوع من الارتباط .
*الآن هل لديكم ثقة في الحكومة الجديدة؟
-لدينا ثقة في الحكومة الجديدة المدنية لأنها تتمتع بمساندة الشعب السوداني وطموحاته واعتقد انها مؤهلة ومناسبة للسيطرة على البلد في هذه الفترة، لذلك ليس لدينا ارتباط أو شروط على تبادل الزيارات والتعامل والعلاقات، لكن الان موقفنا واضح نريد أن نساعد الحكومة سياسياً واذا امكن اقتصادياً لإدارة الفترة الانتقالية ليكون هناك انتقال وتحول في البلد قبل الانتخابات بعد ثلاث سنوات .
*رغم حديثك هذا هل تثقون بأن هذه الحكومة ستلبي تطلعات الشعب السوداني وتحقق السلام الشامل في ظل شكوك البعض وتوقعاتهم لها بالفشل ؟
-لماذا الفشل؟ الفترة الانتقالية ستكون صعبة جداً لان مهام تغيير الدولة التي عانت ثلاثين عاماً من الحكم الاستبدادي وعدم توفير الحريات والسيطرة الاقتصادية كلها صعبة ونحن نقارن الوضع مع بلدان أخرى التي مرت بتجارب انتقالية ولم تنجح كلها ولكن انا لم اقل إنها ستنجح بل قلت اننا نثق بمؤهلات الحكومة ولديها القدرة على النجاح، وعلينا كمجتمع دولي وشعب سوداني ان نساعدها وندعمها لكي تنجح وفي حال عدم نجاح الحكومة خلال الفترة الانتقالية سيكون ثمنها على الشعب السوداني كبيراً. ومن يقول إن الحكومة ستفشل هؤلاء ليس لديهم الثقة في أنفسهم وبينهم. ولأهمية نجاح الفترة الانتقالية هناك بعض العناصر الموالية للنظام السابق تريد فشل هذه التجربة وانا أفهم لماذا لكن المجتمع الدولي والشعب يريدونها ان تنجح .
*أيضاً رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي تحدث أنه في حال فشل الحكومة لا بد من قيام انتخابات مبكرة ؟
-لا أدري لماذا الناس يتحدثون الآن عن انتخابات مبكرة إذا كانت هناك خطة للفترة الانتقالية ومتفق عليها من الجميع ثلاث سنوات ليكون هناك تغيير وإصلاحات ضرورية تمهد للانتخابات لأنها ليست عملية سهلة خاصة بعد ثلاثين عاماً من انعدام الديمقراطية والهُوية وإتاحة الفرصة للأحزاب ان تمارس عمليات الحكم بحرية واعتقد ان هذه الفترة ستكون صعبة لكن الشعب السوداني أظهر اصراره على التغيير لذلك لابد من استمرار هذا الإصرار نتمنى النجاح لهذه الفترة والتحول الديمقراطي .
*كيف تنظر لعودة المؤتمر الوطني من جديد للساحة السياسية، خاصة وأن بعض الأصوات تدعو لحله ؟
-لابد أن تكون هناك حرية للكل هناك مقارنة مع بعض الدول التي حدث فيها تغيير وكان هناك نوع من الانتقام ضد الحزب الحاكم وكانت هناك ردود أفعال سلبية نتيجة ذلك، لكن على حسب ما سمعنا ان رئيس الحزب الجديد ابراهيم غندور قال ان حزبه سيكون مساعداً للحكومة وهذا شيء جيد وبالتأكيد لن تكون هناك مشاركة للمؤتمر الوطني في هذه الفترة في المناصب، لكن كحزب سياسي في ناس كانوا معهم ويمكن أن يعبروا عن آرائهم لكن كنتيجة لممارساتهم دمروا البلد وحسب ما فهمت لا يوجد شيء ضد مشاركتهم في الانتخابات بعد ثلاث سنوات ولازم يمهدوا ويحضروا انفسهم لها وهذا شيء طبيعي ، لالتزام الحكومة الجديدة ومؤسساتها بمبادئ الحرية والديمقراطية حتى إن كنا لا نتفق معهم لكن تعطيهم فرصة ليعبروا عن آرائهم .