ينتخب التونسيون، اليوم الأحد، برلماناً جديداً. وينتظر المجلس المقبل ملفات عدة للنظر فيها وفقاً للأولويات، على رأسها قانون المحكمة الدستورية الذي طال انتظاره، ومقترح قانون المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث الذي تقدم به الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
وعلى الرغم من أن التونسيين لم يهتموا بمداولات البرلمان زمن حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، فإنه مع انتخاب المجلس الوطني التأسيسي وانطلاق أشغاله، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، أصبحت حصص بث الجلسات تستقطب عامة الشعب، وتحديداً لأن المعارضة تمتعت بدور مركزي.
وهكذا، لا شاغل للتونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام إلا الحديث في السياسة، سواء الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها التي ستشهد البلاد دورها الثاني يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول، أو الانتخابات التشريعية اليوم. وتتباين الآراء والدعوات عبر الصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً “فيسبوك” الذي يستقطب 7 ملايين حساب تونسي، بين مناصر لطرف وشاتم وناقد لآخر، وبين من ينادون بعدم التصويت، وآخرين يطالبون بالتصويت بكثافة.
الطريف في الأمر أن البعض حوّل هذه المناسبة إلى مجال للنكت السياسية، من خلال تصيد أخطاء بعض المشاركين في المناظرات التلفزيونية أو في مساحات التعبير الحر، من قبيل أن أحد المترشحين في الانتخابات البرلمانية عن محافظة أريانة عندما سئل عن الهدف من ترشحه لهذه الانتخابات أجاب أنه يريد إثبات وجود الله عند دخوله للبرلمان، أو دعوة إحدى المترشحات السياسيين إلى ضرورة الالتزام بـ “الحوكمة الرشيدة”، وعندما سألها المذيع عن معنى “الحوكمة الرشيدة”، قالت إنها لا تعرف لكن التعبير مستخدم في الخطابات السياسية.
الأمر الآخر اللافت للانتباه هو وجود مئات الصفحات الممولة sponsorisée في الفضاء الأزرق، يوظفها مرشحون وأحزاب في الدعاية السياسية، اعتقاداً منهم بأن لهذه الصفحات تأثيراً على اختيارات التونسي يوم الانتخابات، مما يدعم فرصهم في الفوز بمقعد في البرلمان أو برئاسة الجمهورية، وهو أمر لا تؤكده الإحصائيات التي صدرت عن جمعية “أنا يقظ”، بعد الدور الأول للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها.
إذ بينت أن قيس سعيد، الفائز بالمرتبة الأولى في هذا الدور الأول، كان الأقل حضوراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تكن له صفحات مدعومة، عدا بعض المجموعات الشبابية التي دعت إلى انتخابه، في حين أن رئيس الحكومة الحالي والمترشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية، يوسف الشاهد، كان الأكثر حضوراً على مواقع التواصل الاجتماعي بـ 89 صفحة ممولة، يليه في المرتبة الثانية وزير الدفاع الحالي والمترشح الخاسر في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، عبد الكريم الزبيدي، بـ 52 صفحة ممولة. المرتبة الثالثة في عدد الصفحات الممولة عادت إلى المترشح للدور الأول للانتخابات الرئاسية، مهدي جمعة، بـ 17 صفحة ممولة أو مدعومة، علماً أنه لم يحصل إلا على أقل من 2 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين.
إضافة إلى الصفحات الممولة تمّ التركيز على عدد كبير من المنشورات في “فيسبوك”، وقد احتل حزب “تحيا تونس” المرتبة الأولى بأكثر من 26 منشوراً، في غضون دقائق معدودة. يليه المنشورات المتعلقة بالمترشح للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، نبيل القروي.
والقروي يقبع خلف القضبان منذ أكثر من شهر، وحلّ ثانياً في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، لينافس أستاذ القانون قيس سعيد في جولة الإعادة. والقروي شخصية معروفة لكنها مثيرة للجدل، وألقي القبض عليه قبل أسابيع من الانتخابات بشبهة التهرب الضريبي وغسل الأموال، في قضية أقامتها منظمة “أنا يقظ” المحلية قبل ثلاث سنوات. وهو مالك تلفزيون “نسمة” ومؤسس جمعية خيرية.
وكانت منظمات محلية وأجنبية قالت إن القروي لم يتمتع بفرصة متكافئة في الجولة الأولى، ولم يتمكن من التوجه لناخبيه في مناظرات تلفزيونية، ودعت إلى منحه حق الاتصال بناخبيه. وقال المدير العام لـ “وكالة تونس أفريقيا للأنباء” يوم الجمعة، لوكالة “رويترز”، إن قاضي التحقيق وافق على طلب تقدمت به الوكالة لإجراء مقابلة مع المرشح الرئاسي المسجون نبيل القروي، في تطور لافت قبل أسبوع واحد من جولة الإعادة. وقال المدير العام لوكالة الأنباء الرسمية رشيد خشانة: “تقدمنا بطلب لإجراء مقابلة مع القروي، والجمعة تلقينا من قاضي التحقيق الموافقة على إجراء المقابلة من دون تحديد أي موعد”. وأضاف خشانة أن الوكالة جاهزة أيضاً لبث المقابلة عبر خدمة الفيديو، إذا وافق القاضي.
العربي الجديد