لم يكتف رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك بجذب أنظار العالم من خلال خطابه الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ولم يتوقف عند محطة اللقاءات الكثيفة التي أدارها مع شخصيات دولية وإقليمية على هامش الاجتماعات هناك، بل لم يحمل حقائب الزهو ويعود أدراجه للخرطوم التي علقت كل آمالها علي مسؤول رفيع يفك عن السودان العزلة الدولية التي أوقعها فيها نظام المخلوع البشير، فها هو حمدوك يتحسس خطاه بعيداً ليفتتح القارة الأوروربية التي أغلقت أبوابها من قبل أمام رموز النظام البائد وجعلتهم يجوبون الأرض ذهاباً وإياباً ما بين الساحل والصحراء دون أن يبلغوا الأليزيه أو برج إيفل.
زيارة فرنسا
يزور رئيس الوزراء السوداني، د. عبدالله حمدوك ، العاصمة الفرنسية باريس على رأس وفد رفيع المستوى قادما من نيويورك بعد أن شارك في الدورة الرابعة والسبعين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتجئ هذه الزيارة تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقال السفير محمد الغزالي مدير الإدارة الأوروبية بوزارة الخارجية في تصريح صحفي، اطلعت عليه “الجريدة ” أن رئيس الوزراء ووفده سيلتقي بالمسؤولين في وزارات الاقتصاد والمالية والخارجية الفرنسية بجانب لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الأليزيه وستناقش الزيارة سبل دفع وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
تجدر الإشارة إلى أن زيارة رئيس الوزراء لباريس سبقتها زيارة لوزير الخارجية الفرنسي جان لودريان للخرطوم في السادس عشر من سبتمبر الجاري التقى خلالها رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء ووقف على تطورات الأوضاع في السودان وأبدى تطلع فرنسا للوقوف إلى جانب السودان في استكمال بناء مؤسسات الفترة الانتقالية ودعمها لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو الحرية والسلام والديمقراطية. وتعتبر هذه الزيارة هامة وذات دلالات عديدة وتأتي تأكيدا للمواقف الفرنسية الداعمة للثورة المجيدة منذ اندلاعها، حيث ايدت فرنسا ودعمت جهود الوساطة الأفريقية والاثيوبية واصدرت العديد من التصريحات الإيجابية التي تؤكد اهتمام فرنسا بالسودان وحرصها على استدامة الأمن والسلام والاستقرار.
كما تعتبر الزيارة تاريخية على صعيد دعم جهود السودان ومساندته في سعيه نحو إحداث ديمقراطي نموذجي وناجح وملهم لكافة الشعوب.
وعلمت “الجريدة” من مصادرها في وزارة الخارجية السودانية، أن حمدوك سيبدأ اجتماعاته في باريس ،اليوم الاثنين، ويلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كما سيشارك في مراسم تشييع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي توفى الأسبوع الماضي. وسيشارك في مراسم تشييع شيراك حوالي 30 من الرؤساء وقادة الحكومات في العالم. وتأجلت زيارة حمدوك الى باريس بطلب من الحكومة الفرنسية بعد ما كان مقررا أن يصلها قبل زيارته لنيويورك.
زيارة جان لودريان
وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان الذي زار الخرطوم، خلال الأسبوعين الماضيين، كان قد أعلن عن دعم بلاده للمرحلة الانتقالية الجارية في السودان “والإرادة القوية للشعب السوداني من أجل التغيير الديمقراطي والسلام والعدالة”.
وخلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيرته السودانية أسماء محمد عبدالله، أكد لودريان دعم باريس لمواجهة أولويات السودان الرئيسية مثل إعادة بناء الاقتصاد المتداعي والتوصل لاتفاقات سلام مع الحركات المسلحة في مناطق النزاع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وكانجان لودريان قد وصل إلى الخرطوم في أول زيارة من نوعها لوزير خارجية فرنسي إلى السودان منذ أكثر من 10 سنوات.
وأوضح الدبلوماسي الفرنسي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في الخرطوم إبان زيارته الأخيرة للخرطوم، قال: نعمل مع شركائنا الأوروبيين لضمان خروج السودان من قائمة الإرهاب”.
وكشف لودريان أن بلاده ستقدم كامل الدعم للسلطات الانتقالية في السودان، ومن ضمنها مساعدات بـ60 مليون يورو، تحوّل منها 15 مليون بشكل عاجل من أجل مساعدة التحول السلمي في السودان.
فرنسا بوابة أوروبا
الخبير الدبلوماسي، السفير الرشيد أبو شامة، قال لـ(الجريدة)، أن فرنسا تعتبر من الدول الأوروربية التي تتمتع بمكانة خاصة في المجتمع الدولي، وهي إحدى الدول التي تؤثر بشكل مباشر في السياسة العالمية، ولها علاقات مميزة مع الإدارة الأمريكية، وتوقع الرشيد بأن زيارة حمدوك لفرنسا ومشاركته في المحفل الدولي الكبير في تشييع جثمان الرئيس السابق جاك شيراك، أن تحمل دلالات كبيرة وهي عودة السودان إلى المحافل الدولية، هذا بجانب لقائه مع الرئيس الفرنسي ماكرون. وأوضح أبوشامة بأن الواضح جداً بأن حمدوك قد بدأ فعلياً في طريق تفكيك العزلة الدولية عن السودان، ومن ثم تسويق القضايا الاستراتيجية التي تواجه السودان، مثل رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ودعم السودان في إحلال السلام وتنظيف سجل السودان فيما يتعلق بحقوق الانسان، مشيراً إلى أن حمدوك يتمتع بمزايا خاصة تجعله يكتسب احترام رؤساء العالم ومما يساعد الدبلوماسية الرسمية في السودان إلى تلمس المكانة الحقيقية للسودان بين الأسرة الدولية.
الخرطوم: عبدالناصر الحاج
صحيفة الجريدة