كرة القدم تحرر المرأة السودانية من اضطهاد الإخوان

السودان على موعد مع حدث تاريخي، الاثنين، وهو أول انطلاقة لمنافسات كرة القدم النسائية، وأجرت عدد من الفرق النسائية تدريباتها النهائية استعدادا لذلك.

ورصدت “سكاي نيوز عربية” حركة دؤوبة واجتماعات مكثفة داخل مباني الاتحاد السوداني العام لكرة القدم في حي العمارات في العاصمة الخرطوم.

أما في الجامعات وأماكن التجمعات الشبابية والعامة، فقد تسيد الحديث عن كرة القدم النسائية حلقات النقاش المغلقة والمفتوحة وسط تفاؤل كبير من الكثيرين وتخوف محدود من البعض حيال هذه الخطوة الجديدة كليا على المجتمع السوداني.

وحملت “سكاي نيوز عربية” العديد من التساؤلات التي وضعتها على طاولة مسؤولين كرويين وخبراء في علم الاجتماع وناشطات نسويات، ليؤكدوا جميعا على أن هذه الخطوة هي إحدى أولى ثمرات المرحلة الجديدة، التي أعقبت التخلص من حكم الإخوان، الذي ظل يمارس أقسى أنواع الاضطهاد والظلم ضد المرأة السودانية ويحرمها من أبسط حقوقها.

مسؤولية تاريخية

ووفقا لرئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، كمال شداد، فإن هذه الخطوة ستلقي بمسؤولية كبيرة على عاتق الدولة والاتحاد وكافة الجهات المعنية.

ويشير شداد إلى العديد من التحديات التي تواجهها اللعبة، وفي مقدمتها تأهيل الكوادر الفنية والإدارية وغيرها من الجوانب التي تتطلبها عمليات بناء منتخبات نسائية قادرة على المنافسة الخارجية.

وأكد شداد على استعداد الاتحاد العام لتوفير كافة الظروف والمقومات اللازمة لتطوير كرة القدم النسائية.

تمكين المرأة

وبالنسبة لميرفت حسين عضو مجلس الاتحاد السوداني لكرة القدم ورئيس لجنة كرة القدم للسيدات فإن انطلاق نشاط كرة القدم للسيدات يشكل مكسبا كبيرا للمرأة السودانية.

وتؤكد ميرفت أن الخطوة تصب في اتجاه الجهود الرامية إلى تمكين المرأة رياضيا في مجال كان حصريا على الرجال لفترة طويلة.

وتشير ميرفت إلى أن لكرة القدم كغيرها من الرياضات الأخرى انعكاسات إيجابية كبيرة على المجتمع، لكنها تتطلب بعض الترتيبات التي تضمن للسيدات ممارسة هذه اللعبة في أجواء صالحة.

وتقول ميرفت إن السودان تأخر كثيرا في مجال كرة القدم النسائية، لكنه بدأ الآن خطوة في الاتجاه الصحيح وهو ما فعلته بلدان أخرى تتشابه في الكثير من الجوانب المجتمعية مع السودان، وهذا يعني أن كرة القدم أصبحت تجد القبول في هذه المجتمعات.

وتؤكد ميرفت استعداد الاتحاد لتوفير الظروف الملائمة والمعدات الرياضية إضافة إلى العمل على تأهيل المدربات والطواقم التحكيمية والطبية.

وتشير ميرفت إلى أن الاستجابة الكبيرة التي وجدتها لجنة كرة القدم النسائية من عدد كبير من الشابات تعني المزيد من الانفتاح والمرونة في التعاطي مع هذه المنافسة.

حركة نشطة

من جانبها، أشارت أطياف حسن إلى أن انطلاقة منافسات دوري كرة القدم للسيدات سينفض غبار 3 عقود من الإهمال للمرأة السودانية.

وأضافت في حديثها لـ”سكاي نيوز عربية” أثناء إشرافها على حصة تدريبية تجريها لاعبات في فريق المدفعجية تتراوح أعمارهن بين 13-19 عاما، أن المنافسة النسائية ستكون قوية وستجتذب أنظار المشجعين.

وأوضحت “لدينا مقومات تمكننا من تشكيل نواة لمنتخب نسائي يرفع علم السودان خفاقا في المنافسات الدولية، وعلى رأسها كأس العالم للسيدات”.

وتؤكد حسن أن الفتاة السودانية تتمتع بقدرات كروية عالية رغم التجاهل الذي وجدته خلال العقود الماضية.

وتتفق مع حسن المدربة ماجدولين جون، التي تقول إن لدى السودان لاعبات محترفات في أندية نسائية أوروبية مثل أبوكشول، كما اقتحمت المرأة السودانية مجال الاحتراف التدريبي، حيث تعمل سارة إدوارد مدربة لأحد الأندية الألمانية.

وتشير جون إلى وجود أكثر من 25 مدربة مؤهلة لقيادة الفرق النسائية، إضافة إلى وجود أكثر من 30 حكمة، 5 منهن يحملن الشارة الدولية.

مكسب مستحق

من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة الخرطوم والقيادي في قوى الحرية والتغيير، محمد يوسف المصطفى، أن خطوة إطلاق منافسات كرة القدم النسائية تؤشر إلى التحولات الكبيرة التي بدأت تنتظم السودان بعد التخلص من حكم الإخوان الذي يتفق الجميع على أنه كان الحقبة الأكثر اضطهادا وإهمالا للمرأة، وهو ما يفسر الدور الكبير الذي لعبته المرأة السودانية في الحراك الثوري الأخير.

ويشير يوسف إلى الطبيعة العدائية للإخوان خصوصا حيال كل ما من شأنه اضطهاد المرأة، بدليل الرسائل السالبة التي كانت تبثها وسائل الإعلام الرسمية التابعة لنظام الإخوان.

واستغل عناصر الإخوان العديد من المنابر ومن بينها المساجد للترويج للأفكار المعادية للمرأة للدرجة، التي وصف فيها أحد عناصر التنظيم ممارسة النساء للرياضة بأنها نوعا من “قلة الأدب”.

ويؤكد يوسف على حق المرأة في التمتع بكافة حرياتها بما فيها ممارسة الألعاب الرياضية، التي تنعكس إيجابا على صحتها البدنية والذهنية مما يجعلها أكثر قدرة على تربية أطفالها بطريقة صحيحة تفيد المجتمع بأكمله.

نظرة متكاملة

وفي ذات السياق، تقول الباحثة في علم الاجتماع في جامعة الخرطوم، إمامة عبدالعظيم، إنه يجب أن ينظر إلى ممارسة المرأة لكرة القدم انطلاقا من حقيقة أن العقل السليم في الجسم السليم.

وتري إمامة أن الخطوة ستجد في بداية الأمر معارضة من بعض أصحاب الأفكار المتشددة، إضافة إلي بعض التحفظات التي قد تبديها بعض الدوائر الاجتماعية.

وتؤكد إمامة أن ممارسة لعبة كرة القدم النسائية ستكون من الجوانب الإيجابية في المجتمع السوداني في المرحلة الجديدة التي تتطلب العمل بجد على تمكين المرأة، وتوفير كافة أسباب النجاح لها.

تخريب وتهميش

وتمضي الناشطة في مبادرة (لا لقهر النساء)، تهاني عباس، في ذات الاتجاه وتقول إن كرة القدم النسوية هي في الأصل من الأنشطة الرياضية القديمة جدا، وكانت توجد العديد من الممارسات للعبة وحتى العاملات في مجال التدريب والتحكيم، لكن سنوات حكم الإخوان الثلاثين الماضية أحدثت تخلفا كبيرا في كرة القدم النسائية شأنها شأن أي منشط اجتماعي أو اقتصادي تعرض للتخريب والتهميش سابقا.

وتشير عباس إلى أنه وعلى عكس الأفكار السالبة التي يحاول البعض ترويجها، تسهم الرياضة كثيرا في تهذيب الفتيات وتفرغ الكثير من الطاقة السلبية التي يولدها الفراغ، وتساعدهن على الحفاظ على صحتهن البدنية والنفسية.

سكاي نيوز

Exit mobile version