القرارات الاقتصادية .. الخروج من عنق الزجاجة

تعكف الحكومة على وضع قرارات اقتصادية مهمة خلال الأيام القادمة بشأن إصلاح الأوضاع الاقتصادية بالبلاد تتعلق بسعر صرف الدولار، ومن المنتظر أن تسهم تلك القرارات في تحسين الوضع الاقتصادي الذي شهد تدهوراً مريعاً خلال السنوات الماضية لم تفلح معها كل البرامج الاقتصادية، فظهرت جلياً من خلال بروز عدة أزمات على السطح، هل تستطيع حكومة حمدوك الخروج من الأزمة التي عاشتها البلاد منذ ثلاثين عاماً؟ حيث يرى مراقبون أن معالجة الاقتصاد السوداني تتطلب معرفة الأسباب أولاً ومشكلته الرئيسية، ومن المعلوم أن الاقتصاد السوداني يعاني من إشكاليات مزمنة تتمثل في هيكل الاقتصاد نفسه.

 

وفي هذا الجانب يقول الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي إن استقرار سعر الصرف يعتمد على الدول المانحة بشكل عام تتمثل في المساعدات كافة التي تأتي
لتمويل مشروعات في السودان سواء بشكل مباشر أم عبر منظمات، ولا بد أن تمر عبر الجهاز المصرفي.

الاستقرار في سعر الصرف يأتي بتواؤم العرض والطلب النقدي، مع تكامل السياسة النقدية مع السياسة الإنتاجية
في تقديري من الأفضل عمل برنامج اقتصادي انتقالي بعمر الفترة الانتقالية يكون من أهم أهدافه تقليل الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي واستقرارأسعارالسلع في السوق.

وأضاف أن تعدد أسعار الصرف في السوق المحلية يعتبر تشوهاً اقتصادياً إضافة إلى العجز المستمر في ميزان المدفوعات، وارتفاع الأسعار، وشح السيولة النقدية في المصارف. ولفت أن سياسة تعديل سعر الصرف ليست أولوية في معالجة الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى أن تحديات الأزمة الاقتصادية تتمثل في ضعف النمو والاستثمار ومعدلات فقر وبطالة مرتفعة وكلفة دين، فضلاً عن كلفة اللجوء والنزوح في مناطق عدم الاستقرار الأمني ما نحتاجه برنامجاً للإصلاح الاقتصادي بهدف تقليل الاختلالات المالية وتسديد المديونية عبر تقليل العجز في الموازنة، مع عدم الاعتماد في الموازنة على الضرائب، مؤكداً أن النفط هو العامل الأساس المحدد للوضع الاقتصادي في السودان باعتبار أن السودان دولة غير نفطية بل مستوردة للمشتقات النفطية، فارتفاع أسعار النفط يعني رفع الكلفة على المواطن، مع انسحاب الحكومة من القطاع الاقتصادي وإعطاء المجال للقطاع الخاص، وقال إن مؤسسات النفط الدولية تتحدث عن ارتفاع مقبلٍ للأسعار بما يقارب 82 دولاراً، والأفضل أن تقوم الحكومة بالتحوط لهذا الارتفاع.

‏ الاقتصاد المحلي لن يتوسع من دون الاستثمار الأجنبي خاصة وأن المستثمر يبحث عن خدمة وقوانين عصرية وفرص استثمارية حقيقية، وهذا غير متوفر في السودان حتى الآن، وعلى سبيل المثال إلى التغيير المستمر للقوانين في السودان، كقطاع التعدين الذي يشهد دائماً تغييرات في القوانين.

وقال إن السودان لم يتمكن بشكل عام من استقطاب الاستثمارات المنتجة ذات القيمة المضافة العالية والتي تخلق أكبر عدد من الوظائف وتساعد في تحسين الحساب الجاري، وبالتالي لم ينجح في دعم سعر صرف العملة وإيجاد الحلول الشاملة والجذرية لمشاكل الفقر والبطالة المرتبطة مباشرة بمبدأ العدالة الاجتماعية.

 

ونوه لإعادة النظر في السياسة العامة للاقتصاد الوطني والنظريات التي تولد هذه السياسات، وإعادة ترتيب الأولويات، وتطبيق سياسات ترتكز على القضاء على البطالة والفقر بالمرتبة الاولىويجب ان تتضمن هذه السياسات إعادة الولاية العامة قي إدارة الاقتصاد الوطني للحكومة من حيث تمكنها من تطبيق الأدوات المالية والاقتصادية بكل حرية بعيدة عن أية قيود سياسية أو اقتصادية داخلية أو خارجية.

 

ويقول الخبير الاقتصادي د. عز الدين إبراهيم إن مشكلة معالجة سعر الصرف لا تكون مجدية إلا إذا كان الحل في إطار سياسة كلية للاقتصاد السوداني، لافتاً أن السياسات في الغالب تكون حكومية تعتمد على جهاز الأمن عبر محاربة تجار العملة والتي انتهجتها الحكومة السابقة، إلا أنها لم تؤتي أكلها، مطالباً بضرورة بلورة سياسة كلية لحل المشاكل الاقتصادية تشمل سياسة إسعافية لحل المشاكل الضاغطة وسياسة طويلة المدى تتعلق بالإنتاج، وأشار خلال حديثه للصيحة أنه لابد من وضع معالجات سريعة لحل مشاكل الأزمات كالوقود والخبز وكذلك الدولار ولا تكون إلا بسياسات كلية.

الصيحة

Exit mobile version