يعيد قرار رئيس مجلس النواب الأمريكي، الديمقراطية نانسي بيلوسي، البدء رسميا في إجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب إلى الأذهان عددا من الحوادث التاريخية، لرؤساء الولايات المتحدة الذين واجهوا هذا الإجراء.
وأعلنت بيلوسي، الثلاثاء، فتح تحقيق رسمي بهدف عزل ترامب، المشتبه بانتهاكه الدستور، عبر السعي للحصول على مساعدة دولة أجنبية لإيذاء خصمه الديمقراطي جو بايدن.
وقالت بيلوسي إنّ “تصرفات رئاسة ترامب كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقسمه، وخيانته لأمننا القومي، وخيانته لنزاهة انتخاباتنا”.
وأضافت: “لذلك، أعلن اليوم أنّ مجلس النواب يفتح تحقيقا رسميا لعزل” الرئيس.
وكشفت تقارير أمريكية أن ترامب دعا خلال محادثة هاتفية، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى فتح تحقيق حول نجل المرشح الأوفر حظا للديمقراطيين لخوض الرئاسة الأمريكية مقابل ترامب جو بايدن باستخدام مساعدة عسكرية مخصصة لأوكرانيا كوسيلة ضغط.
وعلى مدار تاريخ الولايات المتحدة، والتي مر عليها 45 رئيسا لم يتعرض سوى 3 رؤساء إلى إجراءات العزل من المنصب، والتي فشلت في حالتين وانتهت في الثالثة عند استقالة الرئيس ولم تستكمل التحقيقات.
الحالة الأولى:
الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة أندرو جونسون (ديمقراطي)
تولى الرئاسة بعد اغتيال أبراهام لينكولن بسبب كونه نائبا للرئيس، وسعى لإعادة الولايات المنفصلة عن الاتحاد الأمريكي بعد الحرب الأهلية بشكل سريع لكن خططه استثنت العبيد السابقين، الذين حصلوا حريتهم ونالوا الجنسية الأمريكية، ما أدخله بصراع مع الجمهوريين في الكونغرس.
وصلت ذروة هذا الصراع إلى سحب الثقة عنه من قبل مجلس النواب، ليكون أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، يواجه هذا الإجراء.
وفجر الصراع بين جونسون والجمهوريين توجيهه لعقد الولايات المنفصلة، لإجراء الانتخابات وتشكيل حكوماتها المدنية، فقامت الولايات الجنوبية بإعادة القادة السابقين، وأقرت قوانين حرمان العبيد المعتقين من الحريات المدنية، ما أثار غضب الجمهوريين الذي رفضوا دخول مشرعي تلك الولايات للكونغرس وقدموا تشريعات تبطل قوانينهم.
فقام جونسون بنقض القرارات وتجاوز الجمهوريين في الكونغرس وفاق رؤساء الولايات المتحدة في تجاوز قرارات النقض وعمل على معارضة التعديل الرابع عشر في القانون الأمريكي، الذي يمنح الجنسية للعبيد السابقين، لكن إصراره على إقالة وزير الحرب إدوين ستانتون دفع مجلس النواب لسحب الثقة منه، بعد تفاقم الأزمة ونجح في تجنب إدانة مجلس الشيوخ له وعزله من منصبه، بفارق صوت واحد فقط.
الحالة الثانية:
الرئيس السابع والثلاثين للولايات المتحدة ريتشارد نيكسون (جمهوري)
تسببت فضيحة التجسس على المقر الرئيس للحزب الديمقراطي الأمريكي، ببدء أعضاء الكونغرس إجراءات عزل الرئيس نيكسون عن منصبه.
وكشف الأمن الفيدرالي الأمريكي، واحدة من أكبر الفضائح السياسية في تاريخ الولايات المتحدة، بعد تجسس عناصر من الحزب الجمهوري على المقر الرئيس للحزب الديمقراطي، بواسطة أجهزة تنصت وتسجيل في واشنطن، وهو ما عرف بفضيحة “ووتر غيت”.
وواجه نيكسون الإدانة بثلاث تهم، وهي إساءة استخدام السلطة وتحدي قرار المحكمة باستدعائه، في قضية التجسس وعرقلة سير العدالة.
ورغم محاولات نيكسون التنصل من فضيحة التجسس، ونفي صلته بها إلا أنه اضطر مع تكشف العديد من الأدلة التي قدمها جهاز “أف بي آي” إلى الاستقالة عام 1974، بعد عام واحد من تسلمه الفترة الرئاسية الثانية، لينهي إجراءات طويلة من التحقيق ومحاولات العزل عن المنصب.
الحالة الثالثة:
الرئيس الثاني والأربعين للولايات المتحدة بيل كلينتون (ديمقراطي):
واجه كلينتون فضيحة سياسية كبيرة، على خلفية كشف علاقته الجنسية بمونيكا لوينسكي، وهي متدربة في البيت الأبيض.
وأصدر مجلس النواب الأمريكي قرارا بإقالة كلينتون من منصبه عام 1998، بعد إدانته بالكذب وعرقلة سير القانون، عقب التحقيقات في العلاقة الجنسية مع لوينسكي، لكن مجلس الشيوخ برأه من التهم عام 1999، وقضى بإكمال فترته الرئاسية حتى نهايتها.
ما هي إجراءات عزل رؤساء الولايات المتحدة؟
ينص الدستور الأمريكي على أنه بوسع الكونغرس عزل الرئيس من منصبه، لارتكابه “الخيانة العظمى أو تلقيه رشوة أو أي جرائم وجنح كبرى”، وهي مصطلحات تثير الكثير من الجدل حول دلالاتها بشكل محدد.
وبعد عام 1967 أصبح من الممكن اللجوء إلى المادة 25 من الدستور الأمريكي، التي تمت المصادقة عليها في ذلك العام من أجل حل الإشكالات الطارئة التي قد تحدث في أي وقت، والتي برزت بعد اغتيال الرئيس جون كينيدي.
وينص هذا التعديل (25) على أنه يمكن أن يعلن نائب الرئيس الأمريكي وأغلب الموظفين الرئيسيين في الإدارات التنفيذية، أن الرئيس غير قادر على أداء مهامه، وفي هذه الحالة يتولى نائب الرئيس الصلاحيات والمهام كرئيس بالوكالة.
ويمثل مجلس النواب جهة الاتهام، ويصوت على ما إذا كان سيوجه اتهامات معينة، وقرار الاتهام هو بمثابة لائحة الاتهام في القضايا الجنائية، ويجب التصويت بأغلبية بسيطة في المجلس لتبدأ الإجراءات.
يبدأ مجلس الشيوخ المحاكمة، ويمثل أعضاء مجلس النواب الادعاء بينما يمثل أعضاء مجلس الشيوخ هيئة المحلفين، يقود رئيس المحكمة العليا الأميركية المحاكمة، وينبغي التصويت بأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو، لإدانة الرئيس وعزله.
عربي21