مدخل :-
بعد أن سطع نجم ( تجمع المهنيين السودانيين) في سماء الخرطوم وبقية أجزاء الوطن ، بين عشية وضحاها ولمدة تقدر بالشهور ، كان قائد الحراك الثوري الجماهيري و زعيمها الأوحد ، صال خلالها مدن ولاية الخرطوم بواسطة لجان مقاومة الأحياء ، و جال حتى حسبه البعض قوة سياسية و فكرية لا تقهر و لا ترد … وما دروا وقتها ( الشعب السوداني ) أنه في حقيقة أمره إلا هر يحكي إنتفاخا صولة الأسد . و أن ما تحقق له من مكاسب إن هو إلا متاع قليل يفيض وينضب طالما تنكرت تلك الفئة( تجمع المهنيين السودانيين ) و( قوى إعلان الحرية و التغيير ) لمفكر و مخطط هذا التغيير …ولن تبقى و لن تصمد .
ولقد عجبت و لم أزل لأمر هذا التعتيم ، عن دور صلاح قوش في التفكير و التخطيط لهذه الثورة منذ زمن ، و لأمر هذا الستار الذي أسدل على علاقة (قوش) و دوره في التغيير و ثورة الشعب السوداني ، و هو يعتبر بحق أبا روحيا لقمة قيادته ..(و لا نريد عن نفصل في تلك المساحة ) و لم أجد مبررا للجفوة بينهما إن كانت ثمة جفوة حقيقية ، او مسوغا للشقة إن كانت أصيلة غير مفتعلة ، او تفسيرا للفتور الذي أصاب تلك العلاقة .
وقد حاول بعض (الناشطين) الذين يعترفون بدور قوش و تخطيطه لهذه الثورة منذ زمن كما ذكرت ..أن يجلوا لي حقيقة هذا الأمر الذي و لا يزال يؤرق فكري و يثير همة عقلي ، لكن دون جدوى ، حيث لم ينل تفسيره من إقتناعي موقعا او يصيب منه مرمى .. فقد قال أحدهم أنه قد وصل إلى قناعة بأن أغلب قيادات تجمع المهنيين و قوى إعلان الحرية و التغيير ، هم في حقيقتهم مجموعة من ( الإنتهازيين) تصدروا المشهد في غفلة من الثوار و الشعب السوداني و الذين خططوا للبدايات ..إلى قيادة الحراك الثوري الجماهيري ..و سيأتي اليوم الذي يعرف و يدرك فيه الشعب السوداني الذين خططوا و عملوا بالطرق العلمية و الدهاء السياسي منذ زمن و عندما حانت ساعة الصفر أستنفر لها الثوار الى شارع القيادة العامة و تحريك الشعب إليها بواسطة لجان مقاومة الأحياء و حثهم على عدم مغادرة شارع القيادة العامة ليسيروا في الخطة نفسها بعلم بعضهم و بتنسيق مباشر مع خطة( قوش) العبقرية في تخليص الشعب السوداني من إستبداد دام ثلاثون عام دون قطرة دم ..و يا للأسف بمجرد خروجه من المشهد و هذه كانت ضمن الخطة ايضا طمع من كان يعمل معه في الخطة في السلطة و ساروا مع السائرين فكانت النتيجة فض الإعتصام بالطريقة الوحشية التي رايناها …و هنالك الكثير و المثير سيأتي اليوم الذي نتحدث فيه عنها بتفصيل و تدقيق لأن الخطة ما زالت قائمة و ماضية دون علمهم و بالرغم من إنها كانت تسير بعلمهم لكنهم قفزوا في المجهول فكانت النتيجة تخبط في تخبط .
باب مغلق :-
من هنا علينا أن ندرك أن تصاعد الخلافات حول إبعاد دور قوش في التغيير لا شك سيكون خصما على وحدتنا و قضيتنا ، و حافزا مشجعا و مغريا لأصحاب الأجندة الخفية الذين يجيدون فن زراعة الفتن و الإصطياد في مثل هذه الأجواء العكرة و المتأزمة لنشر و إشاعة روح و ثقافة الفرقة و الشتات في وسط الشعب السوداني ، الأمر الذي سيزيد من رقعة و شقة الخلاف الفكري و الإيدلوجي ، لأن مثل هذه الأجندة الخفية سهلة للتأثير و الإنتشار و التقوقع . إن من دواعي مرحلة ما بعد اسقاط نظام البشير أن نتحلى ببصيرة نافذة تقودنا إلى قرارات تاريخية صائبة و حاسمة بعيدة عن تكتلاتنا و تشرزماتنا الفكرية و السياسية التي من شأنها زيادة وتيرة و درجة هذه الخلافات ، و زيادة الفجوة العدائية و إرتفاع الهجمة ، فلابد لنا ان نعمل على دعم بعضنا البعض بغية الوصول إلى صيغة جماعية مثلى نتسامج بها و ننسى الماضي و نبني وطنا على أسس جديدة ، لنكون سودانيون و بس .
بقلم / محمد علي محمد