صفعة موجعة .. وصرخة مدوية تلك التي وجهها والي النيل الأبيض اللواء حيدر الطريفي عبر حوار ناري حوي إجابات مباشرة .. وصادمة .. وصاعقة نشرته صحيفة السوداني في عددها الصادر اليوم 18 سبتمبر 2019 ..
• تلقيت صفعة في وجهي أثناء مطالعتي الحوار .. ( دفنت ) وجهي في صفحات الصحيفة وأكملت الحوار المر .. وتجرعت رسائله بمرارة أشد ..
• اللواء حيدر الطريفي والي بحر أبيض صفع الجميع .. المجلس السيادي .. مجلس الوزراء .. قوي الحرية والتغيير الغائبة عن الوعي والهم الوطني لأسباب سكت ويسكت عنها كثيرون .. لكن الوالي قالها في حوار السوداني اليوم بكل وضوح وصراحة سيدفع ثمنها لاحقاً وهو ما لايكترث له لأنه كما قال لايرغب أن يستمر والياً للحظة ..
• والي النيل الأبيض أنحي باللائمة علي الناس الموجودين في الحكومة كما أسماهم وقال إنهم لم يهتموا بكوارث السيول والفيضانات في ولايته لأنهم كما قال ( تربوا في الخارج .. أنظر كم زول في هذه الحكومة يحمل جنسية بلد آخر فهم بعيدين عن طبيعة السودان ) .
• ربما يجد أهل النيل الأبيض العذر لناس الحكومة الجديدة الذين لا تربطهم صلات عميقة بأهل الريف والأطراف .. حتي رئيس الوزراء حمدوك نفسه لن يتمكن من زيارة أهله في الدبيبات لأنه لا يحمل همهم ولم يحمله طيلة سنوات عمله بالخارج !!
• ربما نجد مع الوالي الطريفي العذر لحكام السودان الجدد الذين تجمعوا من المنافي وبلاد ما وراء البحار وجلسوا علي كراسي الحكم والسلطة .. ربما نجد العذر لهؤلاء إن غابوا عن محنة ولاية النيل الأبيض .. ولكن أين سنجد العذر لأنفسنا نحن أبناء النيل الأبيض .. لن أستثني نفسي إذ لم أعد مهتماً بقضايا ولايتي منذ مدة طويلة .. تقاعست عن خدمة أهلها وأبتعدت عن همومهم وقضاياهم وغرقت في همومي ومشاغلي الخاصة .. لم أكلف نفسي عناء تلبية الدعوة التي قدمها لي نفرٌ من المشتغلين والمهتمين بقضايا الناس في بحر أبيض حيث تنادوا قبل أيام لنفير دعم المتضررين من السيول والفيضانات بالولاية .. لم أكلف نفسي عناء الذهاب إلي صالة الريفيرا بأم درمان لشهود النفير والمساهمة ولو بكلمات لدعم جهود المخلصين من أبناء الولاية الذين حركتهم فاجعة السيول والفيضانات ..
• لم أذهب .. وفضلت متابعة برنامج آخر لا مشقة فيه ولا عناء .. بل إنني كنت ضيفاً علي ولايتنا خواتيم الأسبوع الماضي وقضيت يومين كاملين بين الجزيرة أبا وكنانة ولم أهتم بالسؤال عن أحوال المتضررين من السيول والفيضانات التي عصفت بمساكن الغلابي ومدارس أبنائهم الذين سيجمد بعضهم العام الدراسي الحالي والذين سيغالبون الظروف لمواصلة الدراسة ليس أمامهم غير حمل بنابرهم أو كراسيهم للدراسة ثم العودة بها نهاية اليوم لأن المدارس هناك بلا فصول .. بلا سور .. بلا حمامات !!
• هذا هو الواقع الذي كشفه الوالي .. وتأخرنا نحن أبناء بحر أبيض عن نقله ومتابعته .. إن كانت للآخرين أعذار فأنا ليست لدي أعذار .. انا مقصر في حق أهلي ببحر أبيض ..
• أقول هذه الاعترافات من القلب حتي أجد مبرراً لتوجيه صوت لوم وعتاب لكل قيادات ولاية النيل الأبيض والتي لم تتمكن منذ سنوات لتأسيس منبر تتجمع تحت مظلته جموع الحدبين علي مصلحة إنسان الولاية المغلوب علي أمره ..
• لا يستطيع أحد أن ينكر الجهد الخرافي الذي بذلته الإنقاذ لتقديم الخدمات لإنسان الولاية .. ومع هذا لم يكن هذا الجهد مرتباً ولا منظماً ليؤتي أكله إذ لا تزال مناطق واسعة بالولاية خارج التاريخ بكل ما تحمل الكلمة من معني ويكفيني من هذا ما قاله الوالي لصحيفة السوداني إنه التقي شيخاً تسعيني من أهل الولاية قال له إن آخر مسؤول زارهم هو المفتش الإنجليزي بربندي !!
• لست وحدي .. هنالك كثيرون من أبناء بحر أبيض زهدوا في العمل العام للولاية لأسباب يضيق المجال عن ذكرها ومنها مثالاً لا حصراً تعدد الواجهات والمنظمات التي تنشط في العمل الإنساني لكنها تغرق في تفاصيل العمل والخلاف السياسي الذي أقعدها عن دورها الخدمي وبذلك أصبحت طاردة لا تقبل مبادرات الخيرين من أبناء بحر أبيض .. ولا تحتملهم ..
• إن صفعة حديث الوالي الطريفي ينبغي أن تكون صرخة لاستنهاض همم أبناء بحر أبيض وتحريضهم لجمع صفهم وتوحيد كلمتهم .. ونقول للوالي إنه غير محظوظ لأنه جاء في وقت تفرقت فيه قوة الأجهزة السياسية والأمنية التي كانت تحرك العمل السياسي بالسودان كله .. الوالي يعمل حالياً في ميدان بلا جمهور !! .. ويقود صندوق متحرك قتالي بلا ذخيرة ولا نقطة قيادة مركزية تؤمن ظهره وتوفر له الذخيرة وطائرات ( الهيل ) .. ولأن هذا هو واقع وزمان دولة قحت وقوي اليسار فليس غريباً أن ينفذ الجنرال حيدر الطريفي أكثر من 50 طلعة جوية لاستكشاف مخاطر السيول ونجدة الملهوفين .. وبعد طول جهاد .. وكفاح لم يجد الوالي من يستمع لصرخاته ويستجيب لندائه الموجوع .. قال إنه قابل رئيس الوزراء ووزير المالية لكنه قبض الريح !!
• أليس موجعاً ومحزناً أن يقول الوالي وهو يصرخ : ( لقد استنفدت كل إمكانيات الولاية .. لم يصلني أي مسؤول رفيع .. أو وضيع )
• لقد كشف اللواء حيدر الطريفي ظهر الجميع .. قال بالصوت العالي إن المسؤولين الحاليين لا يعرفون طبيعة الشعب السوداني .. وأوضح إنه عاد من الخرطوم صفر اليدين .. ودعا وهو يصرخ إلي نجدة ولاية النيل الأبيض ..
• لقد صفعنا الرجل .. وكشف ظهرنا ووضعنا في السهلة أمام أهلنا وعشيرتنا في النيل الأبيض ..
• الكارثة أكبر من طاقة والي يتحرك وحده .. والأزمة أكثر تعقيداً مما نتصور ..
• فعل الوالي ما يراه صحيحاً ويرضي ضميره .. لقد رفع عن نفسه المسؤولية .. وبعد هذا لن يضره ما سيحدث .. لن يخسر شيئاً إن خرج من باب الاستقالة .. أو نافذة الإقالة!!.
عبد الماجد عبد الحميد