عندما قدمت الوزيرة صغيرون سيرتها الذاتية للدكتور حمدوك، كانت معظم خبراتها “العملية” في مناصب تبوأتها في عهد الإنقاذ، وعلى رأسها رئاسة قسم علم الآثار بجامعة الخرطوم (1995 – 1998، 2003 -2007) ومنصب عميد كلية الآداب (2010 – 2014)، ورئيس دائرة البحوث العلمية.
ومن حسن حظها أنه طوال سنوات توليها لهذه المواقع لم تأت وزيرة كاسحة ماسحة مثلها؛ إنقاذية تعاقبها لأسباب سياسية أو “ثورجية” تشملها بالعقاب الجماعي لكل المدراء والعمداء ورؤساء الأقسام على أساس أن توليهم للمنصب في حقبة الإنقاذ جريمة . إن كان ذلك قد حدث، فالمؤكد أنها كانت ستحتاج لترقيع سيرتها “العملية” ونفخها كما فعل وزير الأوقاف وغيره.
عندما أتت الإنقاذ كانت هناك أربع جامعات سودانية (الخرطوم، أم درمان الإسلامية، الجزيرة، جوبا) إضافة إلى جامعة القاهرة الفرع . وعلى قلة الجامعات وقلة عدد المدراء والعمداء لم تقوم الإنقاذ بالفصل الجماعي لهذا العدد القليل. مثلا طوال سنوات دراستي بكلية الإقتصاد بجامعة الخرطوم كان العمداء ومعظم رؤساء الأقسام من المعارضين للإنقاذ ( د. عدلان الحردلو . د. محمد نوري الأمين) و (د. عوض السيد الكرسني، د. عطا البطحاني، د. محمد يوسف أحمد المصطفى وغيرهم) وكان بعضهم يعلي صوته بالمعارضة (أحيانا داخل المحاضرات) ..
– لم تحدث زفة من الطلاب المؤيدين للإنقاذ لأي دكتور معارض، لتطرده إلى خارج أسوار الجامعة بالسباب واللعنات والألفاظ البذيئة.
– لم ينظم زملائهم من العاملين والدكاترة الإسلاميين الوقفات الإحتجاجية للمطالبة بعزلهم فورا، ولم ينظموا المخاطبات المخصصة لشتمهم وتحقيرهم أمام طلابهم.
– لم تأت وزيرة ليهيج الطلاب والأساتذة والعاملين تحت شعار أكسح أمسح .
– لم تزغرد الطالبات والعاملات لتغيير مدير او عميد أو رئيس قسم .
– بعض هؤلاء الذين تتوعدهم صغيرون بالكسح والمسح لهم إسهامهم الكبير في قيام الصروح العلمية التي يديرونها أو يتولون فيها عمادة كلية او رئاسة قسم أو وظيفة محاضر .. بينما كل اسهام معسكر الكاسحة صغيرون فيما يلي بناء الجامعات لا يزيد عن حرق عدد من الكليات والمباني في أحداث عنف متفرقة خلال السنوات الماضية، ونهب وتخريب جامعة الخرطوم والكلينك وغيرهما في الأحداث الأخيرة .
– لم تتحدث الوزيرة عن خططها لإنقاذ العام الدراسي .. وعما ستفعله لإعادة تعمير جامعة الخرطوم والكلنك وكل المؤسسات التي تم نهبها وتخريبها، وبدلا من أن تتحدث عن خطتها للحفاظ على استقرار الدراسة في هذا الجو المحتقن، قدمت مساهمتها النوعية في زيادة احتقانه .. لا أستبعد أن يأتي يوم تقتحم فيه الوزيرة شخصيا بحرسها وطلابها ومدراء جامعاتها والعمداء أركان نقاش المعارضين وتوسعهم ضربا .
يبدو أننا قسونا على نجم كولومبيا دسيس مان عندما انتقدنا اختياره ليكون أيقونة “الثورة” وهو الذي يمجد كولومبيا ويشبهها “بالجامع” و “بالأراضي المقدسة” لأنها “حديقة يرتكز فبها الثوار لتوفر المكيفت الدسيسة” لقد ثبت أنه يستحق فعلا أن يصبح عنوانا وأيقونة للمرحلة وأنه أعقل من بعض كفوات حمدوك .
إبراهيم عثمان