خرجت علينا سيدة لبنانية تحمل في وصفها شهادة الدكتوراه تعلن ميلاد دولة اسمها مملكة الجبل الأصفر في فراغ حدودي مزعوم بين مصر والسودان عبر بروز صحفي في جمهورية أوكرانيا؛ وأحببتُ وضعت المتابعين في هذه الإضاءات:
1. لم تعلن السيدة ميلاد هذه الدولة في مصر أو في السودان أو أي دولة عربية ولا في مملكتها المزعومة، ولا في دولة يمكن أن ينفتح الإعلام العربي عليها بسهولة.
2. لا توجد وسيلة اتصال معروفة بأركان هذه الدولة ورموزها .
3. لم تعلن الدولتان المعنيتان بهذه الدولة وهي مصر والسودان أي موقف من هذه الدولة المزروعة بينهما، وكأنها لا تشعر بأي اكتراث أو حاجة لبيان الأمر أو توضيح الموقف منه.
4. لم تُظهِر السيدة أو ملكها أي مستند تاريخي أو قانوني لحصولهم على هذه الأرض الواسعة الكبيرة التي تزيد عن 2000 كلم2.
5. لم يصدر عن أي مؤسسة تابعة للأمم المتحدة أي بيان بخصوص هذه الدولة والاعتراف بها أو وجود أي إجراءات لتسجيلها.
6. لا توجد أي صورة لأي مدينة أو قرية أو تجمع سكاني في هذه المملكة لأنها غير موجودة أصلاً، ولا يوجد مكان قابل للحياة ليعلنوه عاصمة لها.
7. هذه المنطقة مساحة صخرية جافة تعدّ من المناطق الأشد جفافاً في العالم، تخترقها بعض الوديان والخيران التي تعبر بها المياه أحياناً كل أربع سنوات نظراً لندرة الأمطار فيها .
8. لو أردت زيارة هذه المنطقة في الصيف فعليك أن تكون مستعداً لحرارة قد تزيد عن 50 درجة مئوية فوق أرض شديدة السخونة واليباس والعطش.
9. لا تكاد تعيش في هذه المنطقة أي نباتات صحراوية أو أرانب برية أو زواحف لجفافها الشديد؛ ولا يكاد يسكنها بشر، ولا يعبر بها سوى مهرّبي الآثار والسلاح والمخدرات وتجار البشر الذين يعرفون دروبها القاسية، حتى إن القوات المسلحة الرسمية تتجنبها.
10. تحتاج هذه المملكة إلى كل شيء لتكون صالحة لأن تصبح مزرعة عقارب سامة فضلاً عن أن تكون دولة، فالحياة فيها شبه مستحيلة، إذ لا ماء ولا زراعة ولا بنية تحتية ولا موارد ولا شيء، وربما وجدوا بعض الذهب لكن ظروف استخراجه في تلك البيئة سيجعل الكلفة عالية جداً تفوق العائد.
11. هذا الإعلان لا يعدو أن يكون ارتزاقاً سياسياً يهدف القائمون عليه إلى استدرار الأموال من الدول الغربية الباحثة عن أي حلول لمشاكل هجرة الأفارقة إليها عبر مصر والسودان وليبيا قادمين من أرتريا وأثيوبيا والصومال وجنوب السودان، بزعم أن إحياء هذه المنطقة وضخ الأموال فيها سيجعل جاذبة لهؤلاء الباحثين عن جنسية جديدة وأرض جديدة ومال أكثر مما ينالونه في ديارهم.
12. هناك خيارات كثيرة في جغرافيات السودان ومصر لإقامة مثل هذه المشروعات إذا أرادت الدولتان ذلك، وبكلف أقل بكثير سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
13. لو كان هناك مصادر معدنية مقدرة في هذه المنطقة فستبادر الدولتان المعنيتان بالاستثمار فيها ولن تنتظر نشوء كيان ليسرقها منهم.
14. قد تداعب هذه الفكرة أحلام بعض المتطرفين الحالمين بالتخلص من مشكلات عديمي الجنسية أو اللاجئين القدماء، لكن عليهم أن يستعدوا لدفع ميزانيات ضخمة جداً لإيواء بضعة آلاف منهم فضلا عن ملايين مزعومة.
15. لن تسمح الدولتان بنشوء هذا الكيان العاجز الغريب في حدودها لأنه سيؤدي إلى زراعة مجموعات بشرية قد تكون مطلوبة وخطيرة وليس لها أي ولاء وطني في جغرافية حساسة، وستؤدي إلى تحولها إلى بؤرة قلق أمنية أكثر من كونها منطقة اقتصادية واعدة.
بقلم
د. أسامة الأشقر
- – –
كلمة دولة رئيس مجلس وزراء مملكة الجبل الأصفر لإعلان الدولة بشكل رسمي يوم السادس من محرم ١٤٤١هـ – الخامس من سبتمبر ٢٠١٩م