كاتب مصري: ماذا لو قامت مصر بالتفكير جديا فى قبول التحكيم حول حلايب لإغلاق هذا الملف

حلايب ومملكة الجبل الاصفر المزعومة :
اى دولة لكى تقوم لابد أن تستوفى ثلاثة أركان وهى الإقليم ( الارض ) ، وشعب وحكومة ، وإعلان هذه المملكة يستند على أن منطقة بئر طويل تقع خارج الخرائط التى تتبناها كلا الدولتين مصر والسودان ، بسبب الخلاف حول خط السيادة ٢٢ درجة شمال الاستواء على استقامته ، الذى تتمسك به مصر ، والخط الادارى المتعرج الذى يتمسك به السودان ويعتبره خطا سياديا .
وقد لا تكون هناك أى فرصة لهذه المملكة اذا حالت مصر أو السودان دون قيامها ، والوسائل المتاحة لذلك عديدة .. غير أن إعلان هذه المملكة وما سبقها من قيام شخص أمريكى اسمه جيرمى هيتون ، برفع علم فى هذه المنطقة واعلنها مملكة وتوج ابنته أميرة عليها ، يقتضى سد مثل هذه الثغرات ، التى نشأت عبر استمرارية مشكلة حلايب .

إن مصر تتمسك بمصرية حلايب والوقائع التاريخية تؤيد ذلك ، و فى السودان تحولت هذه القضية لأسباب عديدة متداخلة الى قضية كرامة وطنية ، و أصبحت تشكل عائقا فى العلاقات المصرية السودانية وجرى التلاعب بها وتوظيفها فى هذا الإطار الى مستوى توصيف مصر بأنها دولة احتلال ..

فى الوقت الحالى وفى ظل التغيرات العاصفة التى تمر بها المنطقة ، وفى ظل التهديدات التى تجابه السودان فى المرحلة الحالية ، وتلك التى تحيط بمصر ايضا ، وبالنظر إلى تغير الأوضاع فى السودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة ، والإطاحة بنظام الإخوان الذى الحق قدرا كبيرا من الأذى بالسودان اولا ، وبالعلاقات المصرية السودانية ثانيا ، فإنه ينبغى شق مسار جديد فى العلاقات المصرية السودانية باتخاذ مبادرة قوية بالتوجه إلى وضع حد لأزمة حلايب نفسها .

ومن المعروف أن المطلب السودانى الأساسى فى هذا الإطار هو التحكيم ، فماذا لو قام الجانب المصرى جديا بالتفكير فى قبول التحكيم ، لإغلاق هذا الملف ، وانهاء عملية الالتباس الحالية فى العلاقات بين البلدين ، التى تعانى من مفارقة كبرى تتمثل فى هناك جهودا كبرى تبذل من طرق ومعابر حدودية وربط كهربائى ( الجانب المصرى أنجز نا يخصه بالفعل فى هذا المشروع ) ومشروع لربط السكك الحديدية ، ومصالح اقتصادية متبادلة ووشائج اجتماعية وأشقاء سودانيين مقيمين وزاىرين لمصر بالملايين ، فى الوقت الذى لا يتم ترجمة ذلك فى العلاقات بين البلدين بنفس المستوى ، وفى الوقت الذى تتراجع فيه مكانة مصر وصورتها فى السودان باطراد لأسباب عدة لا يتسع لها السياق ..

هل يمكن أن نفكر خارج الأطر التقليدية التى لم تعد قادرة على ملاحقة التغيرات الهائلة التى تعصف بالمنطقة برمتها ، ولن تترك شيئا على حاله ، والتهديدات والتدخلات الإقليمية والدولية المتزايدة، والتى دمرت وخربت العراق وسوريا وليبيا واليمن ، وما زالت السبحة تكر ..

هل يمكننا أن نفكر فى إطار أوسع مدى ، وان ننتقل من رد الفعل إلى المبادرة ، وان ننتقل من الاستجابة البطيئة المترددة ، إلى التحركات النوعية التى تمسك بزمام المبادأة وتمتلك رؤاها وتوظف ما لديها من طاقات وقدرات .. !!

بقلم
هاني رسلان

Exit mobile version