أثار استبعاد عضو قِوى الحرية والتغيير مدني عباس مدني من قائمة الترشيحات لوزراء الحكومة الانتقالية التي يترأسها د. عبد الله حمدوك، أثار جدلاً واسعاً ولغطاً كبيراً في وسائل التّواصُل الاجتماعي، وذهب البعض في تأويل رفض حمدوك، لمدني عباس لارتباطه الخارجي، وآخرون قالوا إنّ المنصب يتطلّب رجلاً يستطيع كتم أنفاس أسرار الدولة، وأرجع البعض إلى أن الفحص الأمني هو الذي أخرج الرجل من قائمة الترشيحات.. ولكن في المُقابل قابل الرجل رفضه من القائمة بشيءٍ من التوتر، ربما لأنه إلى وقت قريب كان هو الأول، وكان يمني نفسه الفوز بالتزكية وليس بالضربة القاضية، ولكن الأمور لم تجر كما يريد، ولم تأت الرياح بما تشتهي السفن، وأطاح به حمدوك من قائمته الأخيرة واستوزر آخر كان مُرشّحاً لوزارة الخارجية بتسميته وزيراً لمجلس الوزراء.
معايير نزاهة
ربما لم تجد قِوى إعلان الحُرية والتّغيير أي مَفرٍ من تبني رؤية حمدوك في استبعاده لعباس لعدة أسبابٍ، منها لما تناقلته وسائل التّواصُل الاجتماعي بأن الفحص الأمني للرجل الذي أظهر أنه لا يصلح لهذا المنصب، ولم تجد قِوى الحُرية مفراً في عدم تبرئة ساحته، بل لاذت بالصمت.
وأكّدت مصادر عليمة لـ(الصيحة) أنّ حمدوك خلال اجتماعه مع قِوى الحُرية والتّغيير بحث معهم الأسماء المُستبعدة من قائمته النهائية، مؤكداً أنه لن يجامل أيِّ شخصٍ على حساب الوظيفة، وأنه سيُطبِّق معايير النزاهة والشفافية في عملية اختيار الوزراء, بالرجوع إلى الفحص الأمني لأيِّ مُرشحٍ، ولن يُجامل من يجد في صحيفته ما لا يستحق الترشح.
مسألة قبول
ونقلت وسائل إعلامية أن مدني عباس بادر بالإعلان أنه سيقاضي إيمان بريبو التي أثارت قضايا تمس ذمته المالية, وقال مدني: (إنّه سيبت في مسألة قبوله للترشيح من عدمه على ضوء الانتقادات التي وُجِّهت له، على ضوء تَعهُّد قِوى الحِرية والتّغيير بعدم تولي قياداتها للمناصب في الفترة الانتقالية).. رد مدني عباس، على الحملة الإسفيرية التي وُجِّهت ضده كتبه على حسابه بـ”فيسبوك”، مُنتقداً الاتّهامات التي وُجِّهت له، وقال إنها اتّهامات مَجّانية لا يسندها دليلٌ، بل تكذبها تقارير ومُراجعات مالية وفنية، وأضاف: (أيِّ زول عنده علاقة بعمل المنظمات يعرف أنه من الصعب أخذ أموال من منظمة الهجرة العالمية وبدعم المعونة الأمريكية).. وأوضح مدني أنّ الاتّهام لا تسنده الحكمة.. وتحدى أيِّ شخصٍ على كوكب الأرض لديه دليل إدانة، بل مُجَرّد بلاغ اتهام رسمي لي.. وأشار إلى أنّ ما يخص المشروع مثار الاتّهام، وهو يُعد من المشاريع الصغيرة من ناحية التمويل في تقسيم أنواع التمويل والمِنَح أو غيره من المشاريع، وقال: كل من أراد أن يطّلع على ميزانيات منظمة نداء، فذلك متاحٌ لمن طرق مكتبها.. ودعا إلى الشفافية، وقال إنها مطلوبة من الجميع، ولكن مَن يَحمل تُهمة للآخرين فعليها إثباتها وليس العكس.
كاتم أسرار
يتساءل البعض هل هذا هو السّبب الذي اُستبعد بسببه مدني؟ ربما لا.. ولكن مصدراً اعتبر أن منصب وزير مجلس الوزراء حسّاسٌ، لأنه كاتم أسرار الحكومة ولجهة أنه مُلمٌ بكل شيءٍ عنها, سواء على المستوى الاتحادي أو الولائي.. وأكد المصدر لـ(الصيحة) أنّ الوزير هو الشخص الذي يُنظِّم عمل الوزارات وتقييم أدائها، ويحدد مدى تنفيذ استراتيجيتها، ويتولّى مُتابعة برامج الحكومة وأدائها وغيرها، وبالتالي الوزير الذي يختاره رئيس مجلس الوزراء لا بُدّ أن يكون محل ثقة لرئيس الوزراء أولاً، ومحل إجماع حتى لا يُعطِّل دولاب العمل، إضافةً للإلمام والخبرة والرؤية الواسعة المُستقبلية للقضايا.
قلق وإحباط
وقال الكاتب الصحفي عبد المنعم سليمان في حديث لأحد المواقع إنّه لولا الثقة في عبد الله حمدوك ومعرفة استقلالية قراره وحُبِّه لوطنه، لأصابنا القلق والإحباط والخوف بسبب ضعف بعض الأسماء المُرشّحة لشغل المناصب الوزارية بالحكومة الجديدة.. وذهب سليمان إلى أنّ 70% من الأسماء المُرشّحة ضعيفة، ولا تتوافر فيها شُرُوط الكفاءة والنزاهة، وأنها وصلت للترشيح عن طريق المُحاصصة والقرابة والشللية.
دور محوري
ولعلّ وزارة شؤون مجلس الوزراء تقوم بدور محوري وفاعل في عمل الحكومة، حيث تُمارس أعمالها من خلال الجهات التابعة لها وهي الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئاسة مجلس الوزراء.. وتختص وزارة شؤون مجلس الوزراء بمُتابعة القرارات والتّوجيهات الصّادرة عن رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء، كما تتولّى مُتابعة تنفيذ رؤية الحكومة وأجندتها الوطنية والأداء الحكومي، وتَعمل عَلى تَطوير كفاءة وفاعلية القطاع الحكومي الاتحادي، والارتقاء بمُستوى جودة الخدمات الحكومية، إضافةً إلى قيادة جُهُود الابتكار والتّميُّز، ووضع أنظمة الاتّصال الحكومي، وتطوير السِّياسات والأُطر العَامّة والاختصاصات المُتعلِّقة بالجهات الحكومية، ورفع التوصيات الخَاصّة بها لرئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
تقرير : صلاح مختار
الخرطوم (صحيفة الصيحة)