ليس هناك أدنى شك، بأن زبَد اليساريين والناشطين السياسيين من المستوزِرين الجُدد واللاهثين خلف سراب السلطة سيذهب جفاء، ويبقى ويمكث في الأرض ما ينفع الناس، لقد نبتتُ نبتات شيطانية في الحياة العامة من منسوبي الأحزاب اليسارية ودعاة العلمانية، وبدأوا ينفثون سمومهم الطائشة، ويقرعون طبول حربهم الرعناء ضد قيم الدين وأخلاق الشعب السوداني ومُثُله وعاداته وتقاليده التي قام عليها وعُرف بها وبلغ ببهائها ونقائها الثريا، لقد صارت الجُرأة على دين الله موضةً هذه الأيام، يتزيّا بها هؤلاء الوافدون الجُدد إلى عالم السياسة من كوادِر اليسار والشيوعيين المُتأمرِكين، ويظنون أنهم بمِثلِ هذه التّرهات وإشاعة الأباطيل ومُحاولة زرعِ شُجيْرات مسمومة وسط تربة صالحة عاش فيها السودانيون قد بدأوا معركتهم ومُهمّتهم القادمة، وما أبأسها من فكرة تلك التي يعملون من أجلها، نحن نعرف الشيوعيين جيّداً، ونعلم من هُم بقية أذنابهم من فتافِيت اليسار اليائس.. فهل يعتقد بعض القادمين المنبهرين بمهاجِرهم في البلدان الغربية المُتسكّعين على أرصفة السياسة والملاهي الرطبة، أنهم سينقلون سقامهم ووبائيّاتهم الأخلاقية وعاهاتهم الفكرية إلى مجتمعنا.. ثم يُقبِلون على بعضهم فرِحين..؟
من الآن فليعلم الجميع أن المعركة مع العلمانيين واللادينيين والساخرين من دين الله وحدوده قد بدأت، سيقف المنافِحون عن عقيدتهم في كل مرصد، حتى تخرس ألسنة السوء والميوعة والخراب، وحتى يرعوي دُعاة الفتنة الدينية والانحلال والاستلاب، المُتعبّدين في محاريب شهواتهم، والقابعين في مواخير السياسة وعُهرها وضلالها المقيت، هذا الشعب شعب مسلم لن يُسلِم قياده للخنى والسفه والاعتداء على حدود القوي الجبّار، ليس جديداً على أمتنا مثل هذه الأصوات النكِرة المنكورة التي تعالت هذه الأيام تحسب أنها قادرة على كشط عقيدة الأمة ومحو طُهرها وإزاحة شرعها ووضعها على هامش الحياة، هذه النماذج التي طفحت إلى السطح، ومشت مشيتها اللزجة في فراغ السياسة، وأنْتَنَتْ الساحة السياسية بصديد الأفكار الصدئة، لن تستطيع أن تقود أمتنا القهقرى إلى حظيرة الفسق والتفسّخ التي ينادون بها، وهم يرفعون الشعارات الخادِعة عن الحرية الشخصية وحقوق المرأة، وغرضهم هو ما يدفعهم إليه أسيادهم وأربابهم هو هدم نظام الأسرة وإشاعة الانفلات وسط المجتمع وتلويث عقول الشباب وتدمير أخلاقهم وقطع ارتباطهم بعقيدتهم وثقافتهم الأصيلة وبترهم عن موطن عزّتهم وكبريائهم .
لقد كشفت الكوادر الشيوعية واليسارية ودعاة العلمانية عن وجوهها سريعاً، ظنوا أن البلاد قد دانت لهم، ومدّت رقبتها لتكون تحت مقاصلهم، فهل نسوا أن في شباب هذه الأمة من يُحافظ على حرمات الله ويموت دونها..؟ وأن هناك ولم تزل دماء ثائرة لعقيدتها، وقلوب عامِرة بولائها لبارئها تُنافِح عن دينه وتحرس حدوده وتجتنب نواهيه وتبذل كل رخيص حتى الروح في سبيله.. تبرأ إليه من كل ضلالة وشرك إفساد وتضليل؟
لقد كشفوا عن الوجهِ الكالِح لبرامجهم وللدولة المدنية التي يريدون، فالدولة المدنية في مفهوماتها الفكرية والسياسية ليست كما تم تسويقُها للعامة في الشعارات البرّاقة، إنما المقصود بها الدولة العلمانية المُتحكّمة المُتسلّطة التي تُوظّف جهاز الحكم وأدوات الدولة لتنفيذ أغراضها وسياساتها المرسومة بدقة، وتعمل على شرعنة كل ذلك وفق القوانين التي تسنّها والنظم التي تعتمدها، وهناك نماذج مختلفة ومتنوعة لأساليب الدولة المدنية كما في المفهوم الغربي الذي يُراد بذْر بذرتِه في السودان، فخُلاصة غايات المشروع السياسي الذي يدعون إليه هو قطع المجتمع عن أصله وجذوره، لتسود فيه القِيَم المُنحطّة التي تتم الدعوة إليها تحت ذرائع مختلفة، ويتم تحريض بعض المخدوعين من الجنسين للترويج لها ولما يُراد تطبيقه في بلادنا وجُرّ شبابنا إليه.
ستكون معركة فاصِلة بين تيّارين، هذا التيار العلماني، وقد ثَمل برائحة الزيف السياسي، وبين التيار الحقيقي الذي يُدافع عن دينه وعقيدته وثقافته وأصوله وتاريخه وحاضره ومستقبله، لن يجرؤ دعاة العلمانية الجُدد على المواجهة، لأنها ستكون في كل الساحات، في ساحة العمل السياسي والوطني، وفي باحة النزال الفكري، وفي ميدان الإعلام، وفي الشارع العريض الذي سيشهد كيف ستُقبَر علمانيتهم وإلحادهم وأحقادهم وتُطمَر تحت التراب..؟ وكيف ستتلاشى هذه الفقاقِيعُ سِراعاً لأننا نعلم أنها لن تقوى على المواجهة ولن تقوى على المُجالَدة والمُغالَبة … وما أنبل هذه المعركة التي بدأوها.. وعلى الباغي تدور الدوائر..
الصادق الرزيقي
الصيحة