خلال ثلاثة عقود من حكم النظام السابق في السودان، تعرّضت العديد من الهيئات الثقافية إلى التضييق عليها وعلى أعضائها، كما حدث مع “اتحاد الكتَاب السودانيّين” الذي أُغلق لمدة عامين قبل يعود إلى مزاولة أنشطته عام 2017، و”بيت الفنون” و”مركز محمود محمد طه الثقافي” اللذين أُغلقا في فترات سابقة.
مثّل الحراك الشعبي الذي بدأ قبل حوالي تسعة أشهرـ فضاءً عاماً للمطالبة برفع الحريات العامة، وقدّم المحتجون نموذجاً مغايراً لما شهدته بلدان عربية سنة 2011، حيث تجمعوا وفق أطر مهنية للدفاع عن حقوق المنتسبين لكلّ قطاع، وتصدّر “تجمّع المهنيين” الاحتجاجات وفق شعارات وبرامج مدروسة.
في هذا السياق، دعا “تجمع الدراميين السودانيين”، أول أمس الجمعة، إلى المشاركة في صياغة إعلان المبادئ العامة والحقوق للحركة الدرامية السودانية ليشكّل “أساساً نبني عليه قواعد تكويناتنا الفنية والنقابية”، وفق بيان صحافي لفت إلى ضرورة أن تمثّل هذه المبادئ “مرجعاً فاصلاً في اختلافاتنا”.
أوضحت مقدّمة الوثيقة أن الحركة والنشاط الدراميَّين ظلّا يعانيان، منذ وقت ليس بالقصير، من مشكلات مزمنة، بدءاً من تردي الأبنية الفكرية وصولاً إلى التجارب التطبيقية للنشاط الدرامي، وبتضافر عوامل الانهيار الاقتصادي وتصاعد سلطة القهر والاستبداد وصلت الحياة المسرحية وبيئة فنون العرض الدرامي إلى مرحلة الانهيار الشامل، فانفرط عقد الوحدة وتصاعدت أصوات الاختلاف، واحتدم الصراع.
في حديثه لـ “العربي الجديد”، يقول المخرج المسرحي السوداني حاتم محمد علي إن إعلان المبادئ العامة يشكّل مقترحاً لإعادة الحياة الطبيعية للحركة الدرامية في السودان بعد سنوات من القهر والتجهيل الذي مارسة نظام الإنقاذ خلال ثلاثة عقود في كافة مناحي الحياة.
يضيف: “تجمُّع الدراميّين السودانيّين نشأ إبان ثورة كانون الأول/ ديسمبر، باعتباره أحد فصائل تجمّع المهنيّين السودانيّين الذي قاد الثورة، وشكّل حضوراً فاعلاً فيها عبر مراحلها المختلفة في المواكب وللتظاهرات والندوات والوقفات الاحتجاجية وقدّم عروضاً مسرحية في ميدان الاعتصام، ويعمل مع الكيانات المهنية الأخرى لصياغة قوانين وتشريعات جديدة لمستقبل الحركة الدرامية”.
من أبرز النقاط التي قدّمها التجمع: مبدأ المشاركة في وضع السياسات العامة والتشريعات الحاصة في النشاط الدرامي، وحرية العمل الدرامي، والحق في تكوين نقابة تحمي حقوق منتسبيها، وحرية المعرفة والوصول لكافة المعلومات المتعلقة بالنشاط الدرامي محلياً وعالمياً.
إلى جانب الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والدفاع عن الحرية والسلام والعدالة، واعتبار الدراميّين شركاء أصيلين في كل أصول الدولة المتعلقة بالمهن الدرامية، ويشمل ذلك دُور العرض والمؤسسات الإعلامية كالقنوات الفضائية الرسمية، وأن يكونوا شركاء في وضع السياسات المتعلّقة بها، وأن الدراما منتج استراتيجي يستوجب تخصيص تشريعات وسياسات تسهم في حمايته ورعايته وتطويره.
كما أكدت الوثيقة على التنمية الثقافية المتوازنة خاصة في الأقاليم الأبعد عن العاصمة المركزية، والحق في التمتع بمزايا الحماية والدعم الاجتماعيين، والعمل في بيئة مناسبة خالية من كل أنواع الاضطهاد والاستغلال والعنف بكافة أشكاله، والتحرش البدني والجنسي.
العربي الجديد