اليوم العاشر

(1)
يوم أمس السبت 17 أغسطس 2019م أُسدلت فيه الستارة على فترة تاريخية حرجة وقلقة ومضطربة مرت على السودان، فترة امتدت من يوم السبت الحادي عشر من أبريل الماضي، يوم الاطاحة بالمشير البشير، فترة تجاوزت الأربعة أشهر حيث كان فيها المجلس العسكري حاكما دون حكومة وكانت قوى الحرية والتغيير (ق ح ت) متحكمة في الشارع دون تحكم في مؤسسات الدولة، فترة لا يمكن وصفها بأنها استمرار لنظام البشير ولكنها في نفس الوقت لم تكن ضمن الفترة الانتقالية المنشودة، فترة ضبابية تصعب فيها الرؤية، مليئة بالمفاجآت، فترة سالت فيها الدماء بغزارة ولكن لم تندلع فيها حرب، فترة تحتاج قراءتها لفترة قد تطول وكل ما ذكرناه بعض ملامحها الظاهرة دون غوص في أعماقها.

 

(2)
اليوم الأحد 18 أغسطس 2019 أصبحنا في السودان على يوم جديد وعلى نظام جديد، نعم ليست هذه أول مرة نصبح فيها على حكم جديد فقد شهدنا صباحات حكم جديد تسعة مرات ثلاث مرات منها كانت تلك الصباحات تبدأ بمارشات عسكرية ثلاث مرات منها نتيجة انتخابات ليبرالية وثلاث مرات على حناجر الثوار فاليوم هو الصباح العاشر على حكم جديد فقد جاء مختلفا عن كل المرات السابقة جاء نتيجة حوار طويل وصراع ونزاع وتفاوض مطول وصل مرحلة الجرجرة، لقد كانت المرات التسع تُفاجئنا بدرجات متفاوتة ولكن هذا اليوم قد اكتملت صناعته أمام أعيننا، كنا نراه يتخلق ويعلو ويهبط إلى أن وصل شكله النهائي يوم أمس ولعل في اختلاف هذا اليوم عن الأيام التسعة السابقة بشارة خير.

 

(3)
قبل أن نحاول استشراف المرحلة الجديدة التي سوف تبدأ اليوم لا بد من أن نشكر الله ونحمده بأن فترة المائة وثلاثين يوما التي انقضت اليوم رغم الدماء التي انسكبت فيها إلا أنه يمكن وصفها بأنها قد مرت بسلام ولم تندلع فيها حرب مدن أو حرب أطراف أو حرب سلطة كما حدث في بلدان الربيع العربي، لقد كانت أيدينا على قلوبنا ونحن نشاهد ما يجري في سوريا واليمن وليبيا والعراق، كان يمكن جدا أن يجري على السودان ما جرى لها فهو أكثر منها هشاشة ورخاوة ولكن بفضل الله وفضل أهل السودان من مدنيين وعساكر ،لقد خرج السودان من عنق الزجاجة. فاليوم النفوس أهدأ والخطر أبعد وفرص الأمن والسلام أوسع ولكن لا يعني هذا أن ننام على العسل فشيطان السياسة لم يقدم استقالته من السودان وإن غفا فلم يخلد للنوم بعد. ولتكن دعوانا اللهم أكمل علينا نعمة الأمن والسلام والتقدم والرفاهية واجعل بلادنا تخطو نحو المستقبل بخطوات ثابتة واجعل ثورة ديسمبر المجيدة آخر ثوراتنا واجعل هذا اليوم آخر أيام التغيير السياسي في بلادنا وكل عام والجميع بخير والعيد مبارك عليكم جميعا.

 

 

 

 

حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

 

 

السوداني

Exit mobile version