أفاد تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية بأن مبادرة الحزام والطريق الصينية شهدت في الآونة الأخيرة انتعاشة بعد عام من تذمر الدول النامية من هذا المشروع، حيث رأى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يرغب في إسقاطها في فخ الديون تحت ستار تمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة.
وقالت الكاتبة شولي رن في تقريرها إن بيانات وزارة التجارة تكشف أنه خلال النصف الأول من هذا العام، وقّعت بكين عقودا جديدة بقيمة 64 مليار دولار معظمها عقود بناء، مسجلة زيادة قدرها 33% مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت ماليزيا تشكو حينها من صفقات أُبرمت في ظل حكم رئيس أُطيح به بسبب فضائح الفساد، بينما كانت إندونيسيا تستعد للانتخابات.
أما الآن -بحسب الكاتبة- فقد عاد موضوع الأسواق الناشئة إلى طاولة المفاوضات، فقد عادت ماليزيا خلال يوليو/تموز الماضي إلى العمل على مشروع سكة حديد الساحل الشرقي الذي تبلغ تكلفته عشرين مليار دولار.
وفي إندونيسيا، دخل مخطط خط سكة حديد جاكرتا باندونغ السريعة المثير للجدل مرحلة التنفيذ بعد أكثر من عامين من التأخير، كما وافقت الحكومة على بدء مشاريع جديدة تعنى بتوليد الطاقة والإسكان.
ما السبب وراء هذا التغيير الجذري؟
أرجعت الكاتبة هذا التغير إلى تحسن الظروف المالية في أسواق آسيا الناشئة لتصل إلى أعلى مستوى لها في عام واحد، وشعور الأسواق الناشئة بارتياح أكبر بشأن اقتراض المزيد من الديون في ظل تخفيض بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة.
وقالت إنه مع تراجع نمو التجارة العالمية إلى أدنى مستوى له خلال عقد من الزمن، فقد اعتُبر الإنفاق على البنية التحتية الطريقة الوحيدة للدفع بعجلة الاقتصادات الناشئة، وقد تزامن ذلك مع بدء الصين تقديم الدعم المالي الكافي لمثل هذه المشاريع، خاصة أن دولا مثل إندونيسيا كانت تعاني من عجز مالي.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ترغب في تصوير طموح الصين في السيطرة على البنى التحتية حول العالم على أنه محاولة من بكين لبناء إمبراطورية جديدة.
وقد يبدو الأمر كذلك إذا ألقيت نظرة على الخريطة المترامية الأطراف للبلدان المدرجة في مخطط شي، لكن الصين تفضل الاستثمار في الولايات المتحدة الأميركية، بحسب الكاتبة.
ولفت التقرير إلى أن استثمارات الصين في الولايات المتحدة في عام 2016 كانت حوالي ثلث استثمارات بكين الخارجية، لكن منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية، تراجعت الاستثمارات الصينية هناك بسبب تبني واشنطن نظرة أكثر تشككا تجاه الصين.
كما أن واشنطن ترغب في الاعتقاد بأنها ما تزال تمتلك نفوذا في جنوب شرق آسيا، إلا أنها ينظر إليها على أنها غير مبالية بالعالم.
ومع بدء تدفق الأموال السهلة مرة أخرى وتغير سياسات ترامب، تخسر الولايات المتحدة أهم حلفائها في الأسواق الناشئة.
فقد أظهر استطلاع أجري خلال يناير/كانون الثاني الماضي شمل أكثر من ألف شخص كان معظمهم أكاديميين وبيروقراطيين من جنوب شرق آسيا، أن 73% يعتقدون أن الصين تمتلك تأثيرا اقتصاديا كبيرا في المنطقة، في حين يرى حوالي النصف أن الصين تتمتع بأكبر قدر من النفوذ السياسي في جنوب شرق آسيا، مقابل 30% للولايات المتحدة.
الجزيرة