أكد عضوان بارزان باجتماعات القاهرة السودانية أنها تسير في جو صحي وصريح، وذات هدف استراتيجي مشترك، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها مصر لحل القضايا الخلافية بين الأشقاء في السودان، حيث واصل قيادات من «قوى الحرية والتغيير» و«الجبهة الثورية» اجتماعاتهم بالعاصمة المصرية على مدار يومين، سعياً إلى تضييق فجوة الخلاف والتوفيق بين الرؤى السياسية المتباينة.
وفى تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال ياسر عرمان، العضو البارز في الجبهة الثورية، إنه لأول مرة تمت مناقشة كل قضايا السلام والتحول الديمقراطي بشكل مباشر لمصلحة تطوير العملية السياسية، ولفت إلى أن الاجتماع يعد الفرصة الأخيرة قبل يوم 17 أغسطس (آب) الجاري، آخر المحاولات للتوفيق بشكل مركز لإدماج المسار الديمقراطي مع مسار السلام. وأكد أن مصر تساهم في تذليل ما تبقى من عقبات، مشدداً على أن ما تقوم به القاهرة يتكامل مع الوساطة الأفريقية وما تم في أديس أبابا وجوبا، وليس بديلاً عن مسارات الوساطة هذه. وذكر أن اجتماعات القاهرة تسير في جو «صحي وصريح»، وبين قوى ذات هدف استراتيجي مشترك.
وقال: إنه لا يوجد أي شيء يعكر الأجواء، في ظل دعم كامل من المضيفين. وأوضح عرمان أن الاجتماعات تهدف لاستكمال ما تم توقيعه في الخرطوم، وليس إلى الانتقاص منه، في إشارة إلى الوثيقة الدستورية. وأكد عرمان أن قضايا السلام قضايا استراتيجية لكل السودانيين، ولا يجب التلاعب بها. ونفى ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن اعتذار بعض فصائل الجبهة الثورية عن تلبية دعوة رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى جوبا، وأكد أن الدعوة لزيارة جنوب السودان هي محل تقدير، وتتم بعد انتهاء اجتماع القاهرة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الاجتماع تطرق إلى الوثيقة التي تتعلق بقضايا السلام والتحول الديمقراطي، ولا يوجد أي خلاف حولها، وتحظى باتفاق الجميع، وأن مطالب الجبهة الثورية ركزت على فقرتين، هما إضافة هذه الوثيقة إلى الإعلان الدستوري، وليس تغييراً في الإعلان الدستوري، أو حتى فتح الوثيقة التي سيتم التوقيع عليها يوم 17 من الشهر الجاري، وكذلك تعديل بعض كلمات الصياغة في وثيقة السلام الشامل، بحيث يتم الاستبدال بكلمة «تتضمن» كلمة «تسود»، بمعنى أن تكون وثيقة السلام الشامل أكبر من أي خلاف، وبالتالي يمكن القول إن اجتماع القاهرة لتأكيد الثقة المتبادلة بين كل القوى السودانية. كما علمت «الشرق الأوسط» أن الديباجة الأولية لوثيقة السلام تؤكد على أن السلطة الانتقالية تلتزم بإبرام اتفاق سلام شامل وعادل ومستدام يخاطب جذور المشكلة السودانية وآثارها، بما في ذلك قضايا الشعوب المتأثرة بالحرب مع الجبهة الثورية السودانية في مدة أقصاها شهر واحد من تاريخ تعيين مفوضية السلام وبدء المفاوضات.
بدوره، قال الدكتور عمر الدقير، العضو البارز بالحرية والتغيير، لـ«الشرق الأوسط» إن المرحلة الانتقالية في السودان تحتاج إلى تعزيز الهوية الوطنية للدولة، وانتهاء الصراعات والتنافر، وبناء ديمقراطية راسخة وعلاقات خارجية متوازنة، وكشف عن إمكانية حصول الجبهة الثورية على مقعد تحالف «نداء السودان» في المجلس السيادي المرتقب، لافتاً إلى أن توقيع وثيقة الإعلان الدستوري سوف تتم في موعدها المحدد. وكشف أيضاً عن موعد اختيار رئيس الوزراء يوم 20 الشهر الجاري، على أن يتم تشكيل الحكومة بعد 10 أيام من التاريخ نفسه. وأضاف أن اجتماعات القاهرة مهمة، ولا توجد خلافات، وأن الوثيقة الدستورية أكدت على إدراج اتفاق السلام بالوثيقة، وأن يصبح جزءاً منها.
على صعيد آخر، قتل 3 أشخاص في اشتباكات دارت الأحد بين مزارعين ورعاة في دارفور، الإقليم الواقع في غرب السودان الذي دمرته سنوات من الحرب، بحسب ما أفادت به لجنة أطباء قريبة من الحركة الاحتجاجية التي أدّت إلى سقوط الرئيس السابق عمر البشير. وقالت «لجنة أطباء السودان المركزية» في بيان: «ارتقت أرواح 3 مواطنين صباح اليوم بشنقل طوباي، ولاية شمال دارفور، وأصيب واحد» بجروح نقل على أثرها إلى المستشفى. وأوضح البيان أنّ «خلفية الأحداث هي حدوث احتكاك بين الرعاة والمزارعين بالمنطقة، في صراع قديم متجدّد على الكلأ والمرعى والزرع».
وهذه المواجهات الدامية حول المراعي كانت أحد أسباب الحرب الأهلية التي اندلعت في دارفور عام 2003، لكنها أصبحت نادرة نسبياً في الإقليم. وبحسب لجنة الأطباء، فقد «أجّج النظام السابق الصراع، وساهم في تعميق الأزمة، بعدم المساعدة في توفير الحلول المستدامة، وعدم تقديم الجناة للمساءلة القانونية، منعاً لتكرار هذه الحوادث». وطالبت اللجنة في بيانها «السلطات المحلية بمحاسبة الجناة، وتقديمهم للعدالة فوراً»، كما حثّت «السلطة المدنية المقبلة على بحث الحلول العملية النهائية لمنع مزيد من إراقة الدم السوداني». وتزامنت هذه المواجهات مع احتفال السودانيين بأول عيد أضحى لهم في فترة ما بعد الرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، وأطاح به الجيش في 11 أبريل (نيسان)، بضغط من مظاهرات احتجاجية غير مسبوقة. واندلعت الحرب في دارفور في 2003 بين القوات السودانية ومتمرّدين ينتمون إلى أقليات إثنية تعتبر نفسها مهمشة من قبل الحكومة المركزية. وبحسب أرقام الأمم المتحدة، أوقع هذا النزاع 300 ألف قتيل، وتسبب بتهجير أكثر من 2.5 مليون شخص.
الشرق الأوسط