حميدتي بلغ شأوآ فهو يصعد كرجل عصامي .. كظاهرة فريدة في مسار السلطة و الثورة في السودان

الأفندية المضادة مرة ثالثة
الأفندية المضادة منقسمة حول ذلك البرولتاري الرث .. الراعي الفقير القادم من أبعد الهوامش .. الراعي الذي يرى فيه أقليم يدعى التهميش هامشآ له ..

رجل كحميدتي بلغ شأوآ ما بلغه قبله رجل من أهله وهو حين يصعد فهو يصعد كرجل عصامي .. كظاهرة فريدة في مسار السلطة والثورة في السودان ليدق عودآ متينآ بين النخبة والنخبة المضادة ..

عندما أقول النخبة فأنني أقصد طبقة الأفندية التى ظلت تحكم السودان قبل الأنقاذ بتعاليها و أعتقادها في أن السودان أرث مشروع لها و أن وصايتها عليه أستحقاق .. النخبة التى تحالفت مع الطائفية ردحآ من الزمن .. شدآ و جذبآ ..

و عندما أقول الأفندية المضادة فأنني أقصد أولئك الناس الذين كانوا أجتماعيآ بين الأفندية المتأوربين الذين يتحدثون الأنجليزية و يقرأون ركن أين تسهر هذا المساء على صحف علية القوم في بلد تجهل القراءة و يغنمون الرواتب و الأمتيازات ، و بين برولتاريا المدن و أقنان الأرض في الريف المنسيين .. أولئك المتعلمين الذين رفضهم نادى النخبة لكن ما فارقهم طموح الصعود .. الأنقاذ “بسفنجات ” على عثمان كان تعبيرآ حقيقيآ عن هذه الطبقة ..

أنقلاب الأنقاذ كان صعودآ تاريخيآ لطبقة ظلت تحشد نفسها و تنظم جماهيرها و تمارس سياسة برغماتية مستغلة الفجوة التى أحدثها نميري في تحالف الأفندية من جهة و في الطائفة نفسها .. نميري كان أول أبناء الأفندية المضادة الذي نظر اليه الأفندية كرجل “خفيف العقل” فأوجع الأفندية و الطائفة أشد الوجع ..

أكمل البشير ذات المسار كمنسي قادم من حامية بعيدة في أطراف السودان .. بلا أسرة و لا قبلية و لا حتى وضع طبقي يضمن له كرسي الأفندي المضاد .. أتت بالبشير الأفندية المضادة لتضمن به كسر شوكة دولة الأفندية القديمة و سطوتها عبر أستنساخ نموذج نميري جديد ، مطرقة صلبة كنميري لكن يمكن التحكم بها ، لكن البشير سار على نهج نميري و لعب على رؤوس الحيات التى صعدت به .. فأنزلوه من المسرح و خانوه ..

حميدتي و عندما طبلت له لوبيهات النخبة الفيسبوكية منزوعة الأراضي و الأمتيازات و التى تنادت من المهاجر و المنافى التى أرسلتها الأنقاذ اليها .. لأعتقادهم أن طموح الراعي محدود و عقله خفيف و لأعتقادهم أن بندقية الراعي ستفض غزل الأنقاذ و تخوف الجيش ثم تعود الى هامش الهامش .. المكان الطبيعي لأمثال حميدتي .. و خاب ظنها ..

مشكلة حميدتي أن النخبة تنتخب الأن خطابآ يجعلها أكثر تماسكآ و يبرر وجودها و هي منقسمة بين تحالف هش مع الأفندية “المضادة” القديمة التى تتطلع لتصفيتها أو تتحالف مع حميدتى الذي سيستهدفها أستهدافآ مباشرآ كي يلمع نفسه و يصعد سياسيآ من جهة أخرى ..

مشكلة حميدتى أن الأفندية المضادة داخل الدولة قررت أسقاطه “ثوار مؤسسة التصنيع الحربي أسم يبدو مضحكآ للغاية في مؤسسة لن تدخلها دون واسطة و دون أن تصنف ولاء عام داخل التنظيم الحاكم ” .. و خارج الدولة قررت دعمه تمامآ كما يفعل ذو النون و معمر و وائل ..الخ

الناس في القاع لا يحفلون كثيرآ بما يحدث في سطح الحياة السياسية السودانية .. و تحاول الأفندية بشقيها أن تقضي على حميدتي .. الوجوه الناعمة الموجودة في صور الأضراب داخل مؤسسات أثرت و نال موظفوها أوضاعآ فضلى أصلآ بحكم قربها من الأنقاذ .. تحكى لك كيف أن الأفندية بشقيها قررت الأصطفاف ضد حميدتى ..

حميدتى لن يتمكن من أن يحكم السودان دون أن يستميل النخبة ، دون أن يجد من ينتج له خطابآ سياسيآ و يدير له دولته الجديدة ، أشخاص مثل جعفر بخيت و بهاء الدين و منصور خالد الذين سندوا نميري ..

الأنقاذ فكرت لهذه المعضلة مبكرآ فأعدت نفسها بالكوادر .. الأنقاذ فكرت لأن بنية الدولة القديمة تناسب الأفندية و هو ملعبها وحدها .. فلم تجد بدآ من أعادة الهيكلة و رفد أكثر من 350 الف موظف .. قد يكون حميدتي منتصرآ بحسابات الميدان لكن سؤال الدولة يحتاج أكثر من الميدان .. يحتاج حلفآ ذكيآ ترسم حدوده بالمسطرة و لا أظن لحميدتي من هو قادر على أن يرسم ذلك الحلف .. و متى وجده أنتصر ..

عبدالرحمن عمسيب

Exit mobile version