عضو سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين د.أمجد فريد لـ(الجريدة) (1)
قوش لم يكن جزءًا من التغيير ولن يكون في السيادي ويجب أن يفهم أن يد العدالة طائلة …!!
انتهى عهد فرض الأوامر من دبي أو الدوحة أو واشنطن… الشعب السوداني أنجز ثورته وحيدًا.
ينبغي وقف القتل والاتفاق لن يتنزل إلى أرض الواقع بمجرد توقعيه.
دمغ الآخرين بالخيانة “ما صاح”، والنادي السياسي السوداني نفسه يحتاج إلى إصلاح.
الشيوعي انسحب من التفاوض في الأيام الأخيرة؛ لا يمكن يدمغ كامل العملية التي كان جزءًا منها بالهبوط الناعم!
لابد أن ننظر للاتفاق بأنه لا يحقق الدولة المدنية ولا الديمقراطية وإنما يفتح الباب لمعارك جديدة بأدوات أخرى لإنجاز الإصلاح الحقيقي.
الاتفاق الذي تم بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي الأخير حول الوثيقة الدستورية، فتح الباب واسعا للتساؤلات التى تدور حول البنود التي تم التوقيع عليها، وكذلك الانتقادات التي وجهها البعض قائلين إنها حملت بعض أوجه القصور، الاتفاق نفسه يعزز لمرحلة جديدة هي الأخرى تستحق التوقف والتأمل فيها لمعرفة ماهية السيناريوهات المتوقعة. (الجريدة) التقت بعضو سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين د. أمجد فريد، في محاولة لإيجاد توضيحات لبعض ما يدور في أذهان الناس فكانت الإفادات التالية …
تم الاتفاق بينكم وبين المجلس العسكري هل تعتقد أن ذلك يؤسس لدولة مدنية حقيقية …؟
الاتفاق ما كان يمكن أن يتم لولا المد الجماهيري العارم ومظاهرات (30) يونيو الأخير خصوصًا بعد جريمة فض الاعتصام التي ظن البعض أنها تقسم من الحركة الثورية، لكن الشعب السوداني أثبت أنه متمسك بأسلحته التي انتصر بها في الثورة السلمية والوحدة والإصرار والعمل الدؤوب على تحقيق أهداف الثورة، الإطار العام للاتفاق ممكن أن يكون فيه ما يثير المخاوف وهي مخاوف مشروعة ومخاوف معقولة، لكن يظل هذا ما تم التوصل إليه كمدخل لبناء الدولة المدنية. هذه المخاوف كذلك، لا يمكن النظر إليها باعتبارها تخضم من الاتفاق وأهدافه، بل هي في الحقيقة داعم لحراسة الاتفاق وحراسة الثورة والتحول الديمقراطي، لأن هذه المخاوف ستجعل أصحابها يزيدون من درجة حذرهم، والجماهير واعية، ورماة الثورة مستمسكون بأهدافهم وجبل أُحدهم، لذلك هي مخاوف يجب أن يتم التعامل معها بإيجابية في إطار العملية السلمية، كذلك لازم ننظر للاتفاق بأنه لا يحقق الدولة المدنية ولا الديمقراطية، ولكن يفتح الباب لمعارك جديدة وبأدوات جديدة لتحقيقها وإنجاز إصلاح حقيقي للبلد التي فيها قطاع خدمات منهار وقطاع اتصالات منهار وقطاع اقتصادي منهار وانهيار في كل مناحي الحياة، بعد انقلاب الجبهة الإسلامية القومية التي حكمت (30) سنة، الاتفاق يفتح الباب أمام تأسيس لنظام عدلي أمام إصلاح لكل المؤسسات سوى كانت عسكرية أو خدمية ويفتح الباب أمام إعادة صياغة تركبية الدولة السودانية لكي تصبح خادم اجتماعي للسودانيين بدلًا من أن تكون حركة لفئة آيدلوجية أو سياسية محددة.
* كيف تنظر لموقف الحزب الشيوعي الذي أشار إلى أن الثورة اختطفت من قبل تيار الهبوط الناعم، وأنه لا يمكن الاتفاق مع المجلس العسكري الذي كُرست له السلطات وهو مسؤول عن قتل الثوار في فض الاعتصام والأحداث المتتالية …؟
الحزب الشيوعي من حقه أن يقول آراءه في الاتفاق ومجريات الثورة، لكن واحدة من أدبيات الحزب الشيوعي ذاته هي الإيمان بالشعب وقدرة الجماهير على التغيير. حين قلنا: الثورة مستمرة، لم نكن نعني أنها ستنتهي باتفاق؛ الثورة مستمرة بمعنى أن أدوات النضال مستمرة. الحزب الشيوعي من حقه أن يضع رأيه ومن حقه أن يتوجه للجماهير بالخطاب الذي يراه يعيد الثورة من الذين اختطفوها، لكن أظن فكرة تيار هبوط ناعم وغيره يجب أن لا ننسى أن الحرية والتغيير بدأت الحراك مع بعض وشاركت في التفاوض مع بعض والحزب الشيوعي انسحب من التفاوض في الأيام الأخيرة، لتقديرات تخصه، لكن لا يمكن أن يدمغ كامل العملية التي كان جزءا منها بالهبوط الناعم، ناهيك أن مصطلح الهبوط الناعم نفسه تم صكه لمعالجة مشكلة البشير أيام الجنائية ولا مكان له الآن، لازم “نعاين” للوضع بصورة كلية، الثورة لم تقُم لتحقيق أهداف آيدلوجية أو سياسية لحزب معينة، وإنما قامت لاستعادة الديمقراطية في شكلها الليبرالي والتعددي والاجتماعي في معناها الأوسع وتحديد قواعد اللعبة هذه يتيح للسودان إخراج البندقية من سوى كان عبر انقلاب أو حروب بسبب التمييز العنصري الذي كان يفرضه النظام السابق.
* الاتفاق الأخير هل هو قادر على إخراج الوضع من المضمار السياسي؛ خاصة وأن هنالك من يقول إنه كرس لها من خلال الاعتراف مثلًا بقوات الدعم السريع وشرعنتها أكثر …؟
الاتفاق كما قلت لك يفتح الباب لصراعات جديدة منها أدوات إصلاح مدني وإصلاح عدلي وإصلاح قضائي وكذلك إصلاح للمؤسسة العسكرية نفسها، وإجراء هذه الإصلاحات هو نفسه سيكون معركة ولن يتم تنفيذه بسهوله وعوالم وردية، الاتفاق يحتاج من القوى السياسية أن تناضل لطرح رؤيتها وفرضها وتنفيذها في الإصلاحات التي نتحدث فيها، وفي رأيي أن الاتفاق أثبت أنه ليس هناك وجود لمناهج الإفلات من العقاب أو التغول على المؤسسات العسكرية أو الأمنية على النظام السياسي، وبالطبع هناك مشاكل متبقية مثل وجود قوات مثل الدعم السريع وغيرها، لكن هناك ثلاث سنين وثلاثة أشهر لإصلاحها وإصلاح القوانيين التي أنتجتها وتفكيك المؤسسة الأمنية التي أنتجتها والاقتصادية التي تقف خلفها، هذه جميعها معارك لم يكن تحقيقها بمجرد النص عليها في اتفاق، هي تحتاج إلى حكومة مدنية قوية وكادر تنفيذي واعٍ، وكذلك تحتاج إلى حوار سياسي صحي يطرح القضايا هذه ويضع آليات عملية لإنزالها على أرض الواقع لكن الاعتصام بجبل ابن نوح لم ينفع ابن نوح نفسه. دمج الأخرين بالخيانة أو بغيره “ما صاح”. حين نتحدث عن حوار سياسي صحي يجب أن لا ننسى أن مؤسسة النادي السياسي السوداني تحتاج إلى إصلاح لتستطيع أن تدعم البرامج المقبلة.
* وضعية الحزب الشيوعي كمعارضة وفي نفس الوقت جزء في قوى إعلان الحرية والتغيير .. كيف تنظرون إليها …؟
من حق الحزب الشيوعي أن يحدد رأيه السياسي وموقفه وتموضعه، تحالف قوى الحرية والتغيير تحالف غير مربوط بمشاركة في السلطة وأغلب الأحزاب متفقه أن لا تكون السلطة موضع للمحاصصة، تحالف الحرية مربوط بسقف إعلان الحرية والتغيير، تحيد الحزب الشيوعي من المشاركة أو عدمه لا يحتم عليه الخروج من التحالف طول ما هو يعمل لتحقيق أهدافه، ليس هناك ربط ميكانيكي، يجب ألا ننسى أن كل الأحزاب ستكون أحزاب معارضة، هذا التحالف لن يكون تحالفًا حاكمًا في الفترة الانتفالية، لأن الفترة القادمة ستديرها حكومة تنفيذية تقودها الكفاءات يتم التوافق عليها داخل الحرية والتغيير، وفي الحقيقة كل الأحزاب هي خارج الحكومة، وليس داخل هياكل السلطة، الحزب الشيوعي كما قلت لك مخاوفه مخاوف مشروعة وينبغي ترجمتها بالدفع في اتجاه ما يعالج المخاوف في تنفيذ الاتفاق في عملية سياسية صحية، كل الأحزاب في الأخرى من حقها تبدي رأيها هناك ثلاثة سنين وثلاثة شهور ستكون فيها خلافات حتى في شكل الإصلاح الذي نريده في الخدمات الصحية والتعليم والمؤسسات العسكرية وغيرها، لا أحد يتوقع أن تكون الأحزاب متوافقة على كل هذه الخيارات.
* وقعتم الاتفاق ولكن لم يتوقف القتل بعد أمس الأولى ارتقى شهيد منطقة دنقلا جراء طلق ناري صادر من قوة نظامية ..؟
الاتفاق لن يتنزل إلى أرض الواقع بمجرد توقيعه لكن هذا القتل ينبغي أن يقف لا يجب أن يكون أي اتفاق سياسي أو عملية سياسية مبرر لغض النظر عن جرائم ترتكب في حق الشعب السوداني ولا ينبغي لأي مواطن سوداني أن يفقد حياته أو يتعرض إلى أي انتهاك لحقوقه الأساسية لأنه يعبر عن رأيه بأي شكل من الأشكال السلمية. الشعب السوداني انتزع حق التعبير عن رأيه بمواجهة شرسة مع جهاز أمن الإنقاذ وأثبت فيها بسالة فائقة وبصدور مفتوحة، هذا القتل ينبغي التصدي له باتخاذ كافة الإجراءات القانونية وينبغي تحميل حكومة الولاية الشمالية المسؤولية الجنائية المباشرة، ولماذا فقد هذا المواطن السوداني روحه بدون أي مبرر، ينبغي فتح بلاغات جنائية وإقامة المحاسبة السياسية على السماح بإطلاق النار على المتظاهرين.
* تسامع الناس أن الفريق صلاح قوش، مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق تم ترشيحه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ليكون المرشح رقم (حداشر) في المجلس السيادي وأن قوى الحرية والتغيير باركت هذا الأمر …؟
أولًا: الولايات المتحدة الأمريكية ترشح بأي أحقية، أمريكا ليس لديها الحق في ترشيح أي عضو لمجلس السيادة السوداني هذا عهد انقضى، عهد أن تأتي الأوامر من دبي أو من الدوحة أو واشنطن انطوى، ثانيًا: صلاح قوش لديه من الجرائم خلال الثلاثين سنة الماضية ما يجب أن يسأل عنه، صلاح قوش ظل جزءًا من النظام القديم حتى لحظاته الأخيرة وقوى الحرية والتغيير قالت بشكل قاطع إنه لن يشارك أي شخص في الفترة الانتقالية كان جزءًا من النظام القديم، وقوش لم يكن جزءًا، بل من أصحاب القرار، صلاح قوش لأن يكون جزءًا من مجلس السيادة والقضية المفتوحة ضده ووكلاء النيابة الذين ذهبوا لاعتقاله وقمعتهم قوة أمام داره قضية مازالت مطروحه في مواجهته، الخبر الوارد خبر كاذب على الإطلاق ولا يستحق التعليق “خبر مشتول ساي” ومن الأجدى لأجهزة الإعلام التي تحاول أن تروج لأكاذيب مثل هذه لإفساد العملية السياسية من الأجدى أن تلتف لدور الإعلام الحقيقي الذي ينبغي أن يكون رقيب للعملية السياسية وليس ترويج الأكاذيب ومحاولة الإستنصار بالمحاور .
* لكن هناك أكثر من قيادي في (قحت) اعترفوا بدور قوش في التغيير منهم الصادق المهدي ومحمد وداعة …؟
الصادق المهدي ومحمد وداعة أشاروا إلى لقاء بينهم بمعيه أحمد هارون الذي هدد بفض الاعتصام ومواقف الصادق و وداعة يجيبون عليها بأنفسهم، لكن ما أستطيع أن أقوله إن الشعب السوداني أنجز ثورته وحيدًا من أي مناصرة خارجية، وحيدًا من أي مناصرة داخلية من أجهزة النظام ويشهد على ذلك الشهداء الذين ارتقوا طيلة الحراك، صلاح قوش ليس جزءًا من التغيير هو جزء لا يتجزأ من النظام القديم، وصراعات النظام القديم لا تعنينا في شيء. إذا قوش هرب الآن خارج السودان يجب أن يكون فاهمًا أن يد العدالة طائلة وأن الشعب السوداني لن ينسى ولن يغفر.
* هناك حديث أن قوش تجمعه علاقة ببعض شباب تجمع المهنيين وأدار معهم حوارات …؟
على الأطلاق صلاح قوش ليست له علاقة بتجمع المهنيين وليست له أي علاقة بأي شخص داخل تجمع المهنيين ولم تكن بيننا أي حوارات إلا إذا كنت تقصد حوارات الاستجواب التي حدثت داخل المعتقلات، الذين كانوا في المعتقلات لم يكونوا داخل دائرة الفعل السياسي آنذاك، صلاح قوش كان مشهورًا بإستدعائه للناس هو كان يدير مملكة جهاز الأمن من معقد سلطته المطلقة وهي واحدة من جرائم التأثير على المأسورين وليس لمأسور رأي لكن لم يكن لذلك أي تأثير على حراك الشارع، أعتقد أن الثورة السودانية يتم تشويهها بمثل هذا الحديث . الشعب السوداني قدم لوحة عظيمة وتثأر تساؤلات لتشوية البطولة والبسالة للشباب في الشارع، صلاح قوش كان مدير جهاز الأمن يرسل كتائب الظل لمهاجمة المعتصمين أمام القيادة من سبع لحدي (حداشر) أبريل وتصدى له النقيب حامد ورفاقه، كيف ننسى هذا الكلام ونقول أنه كانت لديه أدوار في الثورة .
حوار : أشرف عبدالعزيز / محمد الأقرع / حاتم درديري
صحيفة الجريدة