انتهازيو الأسواق.. لمن يشكو المواطن؟

دفع الارتفاع المفاجئ لأسعار كافة السلع الاستهلاكية الضرورية المواطن للجأر بالشكوى من حالة هي الأشد غلاءً بعد اندلاع ثورة ابريل، إذ تضاعفت معها أسعار كافة السلع بشكل غير مسبوق رغم ما ظلت تعلنه الحكومة ـ السابقة ـ من إجراءات قالت إنها ستعالج المشكلة، كما جانب زيادة الاسعار الشح بكثير من السلع الاساسية، مما دفع اقتصاديين للحديث عن ازمة وشيكة تساهم في حالة غياب الاستقرار التي يعاني منها الاقتصاد منذ فترة.

منافع وامتيازات
ويبدو ان وصف نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق حميدتي بأن سبب الغلاء الانتهازية وارد، مع تأكيده بتوفر كل السلع ومع ذلك مازالت الصفوف قائمة والاسعار عالية، وفي تعليقه على السابق اشار المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي الى ان الظرف السياسي والاحوال الاقتصادية القاسية والفساد الذي اورث الناس اليأس وافقدهم الامل في تحسين اوضاعهم، جعل الانتهازي يحول كل شأن عام الى عمل خاص له (حساباته ومنافعه وامتيازاته)، واصفاً الانتهازية بالأمراض الفتاكة التى تنخر المجتمع السوداني وثبتت بعد التغييرات الاخيرة والانتقال الثوري.
واكد هيثم ضرورة دعم الجمعيات التعاونية باعتبارها إحدى الأذرع الأهلية التي تستطيع الحكومة الاعتماد عليها لمواجهة احتياجات الجمهور من الأغذية والسلع الاستهلاكية الأساسية والسيطرة على الأسعار بعيداً عن الاحتكار وجشع بعض التجار والانتهازية.
دائرة الخطر
وزاد قائلاً: ظاهرة ارتفاع الأسعار التي تشهدها الدولة في الوقت الحالي والتي جعلت الجميع يئن من شدة وطئتها دخلت دائرة الخطر مما تنبئ به من عواقب وخيمة على الأوضاع الاقتصادية، فالغلاء له مبرراته ويكون متعلقاً بسلع معينة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأسعار العالمية وفي حدود معدلات ونسب معينة.
أما أن يستغل البعض ـ والحديث فتحي ـ الغلاء لزيادة أسعار بعض السلع التي ليست لها علاقة ولا تتأثر بالسلع المتضررة والتي زادت بحكم تأثرها بالأسعار العالمية، فهذا ما يسمى الجشع الربحي لدى بعض التجار والمنتجين الانتهازيين الذين يزايدون في أسعارهم وكأنهم في مزاد مفتوح.
تصريحات انطباعية
وكان للخبير الاقتصادي د. الفاتح محجوب عثمان رأي مغاير اثناء حديثه لـ (الإنتباهة) بقوله ان التصريحات انطباعية جداً ولا علاقة لها بما يحدث حقيقة في ساحة الاقتصاد، وقال ان معظم الاسعار في ظل تناقص الاستيراد والزيادة في الدولار بنهاية العام السابق وبداية العام الحالي جعل هذه السلع تُقيم بالسعر الجديد بعد ارتفاعه، واضاف الفاتح قائلاً: السلع المحلية تحتاج الى وقفة ودراسة مدى تقبل السوق لسعر الدولار الجديد وثباته عليه، وعندما اتضحت صعوبة عودته الى سعره التاشيري عادت السلع للارتفاع مرة اخرى.

واوضح ان السوق السوداني تأقلم مع تآكل قيمة الجنيه السوداني وتناقصه فارتفعت قيمة السلع المحلية بالتدرج البطيء، لافتاً الى انها ليست مؤامرة او جهات تتربص بالمواطن، مطالباً الحكومة بتوفير الدولار بالقيمة التي اعلنتها خلال البنك المركزي حتى تنخفض الاسعار والوقوف مع المنتج في حال عدم انخفاض العملة الاجنبية وليس المستهلك حتى يزيد انتاجه بوجود العدالة في السعر وهذا يدعم الاقتصاد، مؤكداً ان الارتفاع في اسعار الخضر مرتبط بفصل الخريف اكثر من انها حالة جشع كما ذكر المجلس العسكري، وهي اسباب منطقية وتحدث سنوياً.
ممارسات سيئة

غير ان الباحث الاقتصادي دفع الله الامين قال ان ارتفاع الأسعار يعود إلى تدني الإنتاج، وإلى وجود منافسة احتكارية داخل الأسواق تساعد على ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وأكد أن الممارسات السيئة تتم عبر قنوات توزيع السلع مثل المضاربات والرسوم غير المبررة وعمليات التخزين (الاحتكار)، معتبراً أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خلق عجز في السلع والخدمات، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار بصورة مستمرة.

ولفت الامين إلى عدم وجود رقابة حكومية على الأسواق، مما يضطر المنتجين إلى رفع الأسعار عبر التحكم في الكميات المعروضة، منبهاً إلى عدم دعم الدولة للسلع التي تفوق أسعارها ما هو موجود بأسواق منافسة، وهذا يتطلب تفعيل القوانين الصارمة لمحاسبة المتلاعبين في الأسواق.
ومن العوامل التي أسهمت أيضاً في الارتفاع الصاروخي للأسعار ـ وفقاً للأمين ــ الضرائب التي تفرضها الدولة والرسوم المتنوعة المطبقة بالولايات والمركز، إلى جانب القرارات الحكومية برفع الدعم عن السلع، وهو ما كانت له تبعات سلبية.

الانتباهة

Exit mobile version