*لا (تجروّا) الإسلاميين إلى المنطقة الحمراء!!*
الجموع الهادرة والحشود المليونية التي خرجت قبل أشهر ابتهاجاً بزوال حكم الإسلاميين في السودان وزوال فترة حكمهم.. هذه الجموع شكلت مفاجأة مذهلة لعقلاء الإسلاميين وأصابت قواعدهم وقياداتهم بالدوار ووضعتهم في حالة ذهول ودهشة لا يزال بعضهم يراجع كوابيسها الحية بين مصدقٍ.. ومكذب.. والحقيقة أن دولة الإنقاذ قد سقطت.. وليس أمام الإسلاميين إلا التسليم بالأمر الواقع، ذلك أن من كان يعبد (الإنقاذ) ويظن أنها النسخة الأخيرة من إقامة دولة المشروع الإسلامي، فإن هذه النسخة قد كسدت.. وسقطت وجرت عليها سنة الله في خلقه.. ومن يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت.. ومن يعبد الله حق عبادته لا ييأس من روح الله.. يسدد.. ويقارب.. ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين.. وكثير ٌ من عقلاء الإسلاميين ساروا على هذا الدرب.. سرت هذه الروح في أوساط الإسلاميين بلا توجيه ولا حشود ولا لقاءات تنويرية.. أمسكت القيادات والقواعد عن خطوات التصعيد.. والتصعيد المضاد.. تركت الساحة للمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وفضلت الابتعاد والنظر إلى الصورة من مسافة أبعد..
ما لا ينكره الإسلاميون أن تجربة الإنقاذ إستوفت كل أسباب السقوط والزوال!!.. وما يعلمه الإسلاميون قبل غيرهم أن حزب المؤتمر الوطني لم يعد منذ سنوات المنبر الذي يعبر عن أشواقهم وتطلعاتهم لتحقيق الدولة المثال.. وما أدركه الإسلاميون قبل غيرهم أن الطريق الذي كانت تسير عليه عربة تجربتهم سار مغلقاً ولايؤدي إلى الغاية التي ينشدون ولا المثال الذي يرجون..تشققت أرضية الثقة تحت أقدام الإسلاميين.. فقدوا ثقتهم في أنفسهم وصاروا ينهشون في عظام صفهم الداخلي.. تناحروا.. تدابروا ولهذا لم يستغربوا سقوط نموذجهم ولم يبكي عليه كثيرون.. وإن تأثر لسقوطه المخلصون..
لقد خسر الإسلاميون معركة.. ولم يخسروا حرباً.. ولهذا ظلوا بعيدين عن المسرح السياسي الداخلي في السودان.. تفرقوا إلى خاصة شأنهم وقلوبهم معلقة بما يحدث لبلادهم.. لا يستطيع أحدٌ المزايدة على حب الإسلاميين السودانيين لوطنهم وتعلقهم بأرضه وترابه.. لا يستطيع أحد أن يشطب تاريخ الإسلاميين بجرة قلم.. ولا يستطيع كائن من كان أن يرفع إصبعه في وجههم مهدداً ومتوعداً إياهم بالويل والثبور وعظائم الأمور..ما لا يعلمه أعداء الإسلاميين القدامي والجدد.. ما لا يعلمه هؤلاء أن الحركة الإسلامية في السودان قد رسخت لتجربتها وأقدامها في تراب السودان كله.. وما لا يعلمه هؤلاء أن التيار الإسلامي ظل يقدم نقداً ذاتياً غير مسبوق لمجمل تجربته ومسيرتها في الحقب والمراحل السياسية المختلفة في بلادنا.. ومن أوراق هذا النقد الذاتي ومراجعاته الإستراتيجية ألا تُقدم الحركة الإسلامية مرة ً أخرى على الوصول إلى سدة الحكم عبر إنقلاب عسكري.. كفانا ما جرى للحركة الإسلامية وحزبها طيلة الثلاثين عاماً التي مضت!!..
المراجعات الإستراتيجية داخل الحركة الإسلامية قادت وستقود إلى عدم تبني إنقلاب عسكري لحكم السودان.. ولهذا فإن الذين أسقطوا حكم الحركة الإسلامية ودولتها عبر قرارات اللجنة الأمنية والعسكرية.. هؤلاء سيتحملون نتيجة قرارهم هذا عبر التاريخ ووثائقه التي ستوثق خيانتهم وتجاوزهم لكل رموز الإسلاميين ومؤسساتهم التنظيمية والأمنية..
وبهذه القناعة ذاتها نقول إن الحركة الإسلامية وقواعد التيار الإسلامي بطول السودان وعرضه بريئون من وزر ما تقول السلطات المختصة إنها محاولة إنقلابية شارك فيها نفر من قيادات الوطني والحركة الإسلامية.. إن ثبت بالقول القاطع أن القيادات والرموز التي تم إعتقالها أول أمس ضالعة في محاولة إنقلاب فعلى الجهات التي إعتقلتهم أن تعمل كل حقها القانوني في إدانتهم أو تركهم يأكلون من خشاش الأرض!!ما نرجوه أن يكون التصعيد الذي نتابعه هذه الأيام ضد الإسلاميين موضوعياً وأن يستند على حقائق ووثائق لا تقوم على ساقين.. هذا ما نرجوه.. أما إن كانت الأخرى والهدف منها (جر) الإسلاميين إلى مواجهة مع المجلس العسكري والقوات النظامية الأخرى من جهة، وأعداء الإسلاميين الدوليين والإقليميين من جهة أخرى.. إن كانت هذه هي الخطة التي يريد تنفيذها من نعرفهم ويعرفوننا داخل السودان وخارجه.. نقول لهؤلاء وبالصوت العالي: إياكم وجر الإسلاميين إلى المنطقة الحمراء.. عندها ستخرج عليكم جموع لا قبل لكم بها، ذلك أن سيكولوجية الإسلاميين تقبل مراجعة أخطائها والتوبة عن خطاياها لكنها لا ترضي (الحقارة) ولا تخاف الموت.. ولا تهابه إن كان بحد الخنجر أو حد السيف.. برصاصة أو بصاروخ عابر للقارات..
للإسلاميين مع السجن والموت والقتل حكايات وقصص فليحذر الذين ينسون التاريخ أن يضغطوا على الجرح أكثر من هذا..
اللهم قد بلغت فأشهد..
عبدالماجد عبدالحميد