مواطن سوداني فقير من ديم المشايخة بجنوب الجزيرة..وصلتني رسالته الشاكية الباكية عبر الواتساب والتي استحلفني فيها وكل من بلغته أن ينشرها وهأنذا أفعل لعلها تبلغ والي الجزيرة، بل كل ولاة الولايات في بلادي، بل المجلس العسكري المشغول ليل نهار مع قوى الحرية والتغيير وهي تضيع وقته ووقت السودان في الصراع على لعاعة الدنيا!
> إنها مأساة أطفال يتجرعون كؤوس الذل ويطردون أمام أنظار أقرانهم، لأن والديهم لا يملكون الرسوم الدراسية المفروضة من مدارس (حكومية)! ولئن كانت رسالته شخصية، فإنها تحكي عن معاناة عامة يكتوي بنارها فقراء بلادي، وما أكثرهم، جراء موجة الغلاء الطاحن الذي بلغ درجة غير مسبوقة. فتصوروا انعكاسات ذلك على كل أوجه الحياة.
> يصعب على في هذه العجالة أن أحدد ما ينطوي عليه التضييق على التعليم في مختلف ضروب وتشعبات الحياة، خاصة تعليم مرحلة الأساس ذي العلاقة المباشرة بمحو الأمية، ولكن بربكم كيف تنهض أمة تطرد أطفالها الراغبين في التعليم، ليس الجامعي، إنما الأساسي، بدلاً من أن تجبرهم على ذلك وتعاقبهم وآباءهم إن تمنعوا او رفضوا؟ وكيف نكون جزءاً من عالم ارتقى بالعلم آفاق الدنيا وارتاد فضاءاتها وسبر أغوارها، بينما لا نزال نرزح في غياهب الجهل والتخلف والحروب والمشاحنات والصراعات الصغيرة، ونحرم أطفالنا من (فك الخط)؟!
> أترككم مع الرسالة الباكية فاقرؤوها وتحسسوا شيئاً من أنين صاحبكم يرحمكم الـله:
> تساؤل دار برأسي وأنا أتألم من طرد ابني من المدرسة بسبب عدم قدرتي على دفع رسومه الدراسية.. هل أخطأ ابني كون أبيه عاجزاً عن دفع رسومه الدراسية.. هل الذنب ذنبه ام ذنبي أنا أبوه الفقير؟ هل له يد أو ذنب في ألمه النفسي ومعاناته وإحساسه بالدونية والقهر لطرده أمام أقرانه..؟ هل فقر والده وعجزه عن دفع الرسوم عيب وجريمة يعاقب هو عليها بالطرد بالرغم من أنه من المتفوقين وثالث دفعته في الترتيب؟!..هل يمكن أن ينسى الذل والمهانة التي لحقت به من هذا الطرد وكيف تراه يتعامل مع أقرانه بعينه الكسيرة بسبب فقر والده؟
> لماذا تفرض مثل هذه الرسوم المذلة أصلاً وإن كان لا بد من فرضها، فلماذا لا أعاقب أنا العاجز بدلاً عن ابني؟ وهل من العدل أن يحرم ابني من التعليم لأنني فقير؟
نعم.. قد يراها البعض بسيطة مجرد ألف جنيه موزعه على أقساط.. ولكن من فرضها قد لايدري إنها كثيرة على الكثيرين من أمثالي. فقد نسوا أن لابني إخوة آخرين في مراحل مختلفة وهم أيضاً عليهم رسوم!
إننا فقراء، نعم.. وتلك مشيئة الـله ولا اعتراض عليها. ولكنا لا نريد أن تكون عاراً يخجل منه أبناؤنا. ألا يكفي أنهم محرومون من أشياء كثيرة حتى في أكلهم وشربهم؟!
> أقولها دون خجل إن اللحم لم يدخل بيتي بعد عيد الفطر لأن سعر (المسكول) وهو نصف ربع الكيلو بـ80جنيهاً..ولا أقدر عليه ولم اشتر لهم لبن لأن الرطل منه بـ 15جنيهاً ولا أستطيع شراءه والـله علي ما أقول شهيد.
> ارتضى أولادي ذلك بعد أن صارحتهم بكل شيء، وبيتنا يسترنا ولا أحد يعلم بنا إلا الـله وهو الستار لحالنا، لكن ماذا نفعل وإدارات بعض المدارس تذل أولادنا وتطردهم بسبب فقرنا وعجزنا..إننا نبث حزننا ونشكو أمرنا الى الـله، ونحمل وزارة التربية والتعليم ومجالس الآباء بالمدارس والحكومة، إن وجدت، ذنب كل ذرة ألم تعرض لها أبناؤنا.. ولا نشكوهم إلا لله العلي القدير .
الطيب مصطفى
الانتباهة