خصصت اليونسكو يوم الخميس المنصرم كيوم للراديو في جميع أنحاء العالم وبهذه المناسبة أقامت الإذاعة السودانية احتفالا مهيبا أخذ نهار كل اليوم تقريبا وكان منقولا من الإذاعة الأم وبناتها الاف امات وعلى رأسها بنتها البكر إذاعة البيت السوداني اف ام 100 وأكد كل المتحدثين على أن الراديو لا ولم ولن ينقرض لا بل هناك ردة قوية نحوه خاصة مع الانترنيت الذي أصبح ناقلا للإذاعات كما أثبتوا أن إذاعة أم درمان لعبت دورا كبيرا في بلورة الهوية القومية من خلال تشكيلها للوجدان السوداني (طبعا في ناس عندها رأي بأن الثقافة الأم درمانية ثقافة إقصائية ولا تعبر عن كل السودان). أصحاب هذا الرأي لا سبيل لهم لفرض رؤيتهم طوعا او كرها إلا من خلال الوسائط الإعلامية الأم درمانية التي من أهمها الإذاعة وهذه قصة أخرى.
ذكرتني متابعة ذلك اليوم من خلال الإذاعة أنه قبل سنوات عادت للراديو في السودان سطوة مؤقتة وذلك بعد ظهور موجات الاف ام الخاصة والأجنبية، فرغم السماوات المفتوحة والأطباق الطائرة ازدحمت الأسواق والمحلات التجارية والركشات والعربات والمنازل بأجهزة الراديو فأصبح المواطن يتنقل من البي بي سي الى صوت امريكا الى مونت كارلو ومن أم درمان وبناتها الى الاقتصادية الى مانقو 96 الى ايه ما عارف المهم كانت هناك تخمة إذاعية حميدة ولن نبعد النجعة كثيرا إذا قلنا إن البي بي سي تلك الإذاعة العريقة كانت سيدة الإذاعات لما تبثه من أخبار موثوقة ومن برامج ثقافية عميقة والأهم من كل هذا مصداقيتها التي لا تتلاعب فيها.
كما يقول أهلنا في شمال الوادي الحلو ما يكملش فتسلطت الحكومة ممثلة في أحد نافذيها على إذاعة البي بي سي فأغلقت موجتها الاف ام نتيجة خطأ إجرائي ارتكبه أحد مسؤوليها في السودان بإدخال جهاز دون إذن مسبق أو شيء من هذا القبيل ثم اعتذرت عنه ولكن يشفع لها اعتذارها ثم توقفت منقو 96 وتوقفت مونت كارلو ولم يبق من الإذاعات العالمية على الاف ام الا راديو سوا الذي يقدم بين كل أغنية وأغنية؛ أغنية وله نشرات مختصرة عند الربع بعد كل ساعة وانحسرت الراديوهات من الأسواق ووسائل المواصلات وربما حتى المنازل ولم يبق للإذاعة إلا مستمعيها القدامى.
فبمناسبة اليوم العالمي للراديو نناشد الحكومة السودانية التي تسعى الآن لانفراجة سياسية مصحوبة بتوسيع دائرة الحريات أن تسمح بإعادة البي بي سي اف ام لمعانقة الأذن السودانية ولا أظن أن مسؤولا حكوميا واحدا اللهم إلا إذا كان من اولاد الزمن دا لم يستمع للبي بي سي ولم يشهد برزانتها ومصداقيتها ولغتها العربية السليمة وكما قال أحد مشائخنا إن إذاعة لندن أكبر ناشر للغة العربية في السودان وبهذه المناسبة أذكر أن السيد علي عثمان محمد طه خاطب في العام الماضي احتفالا إذاعيا يشبه الذي أشرنا إليه في مقدمة المقال قال فيه إن الراديو ليس للترفيه فقط بل للعلم والمعرفة والثقافة وضرب لذلك مثلا بإذاعة لندن ويومها كان سيادته الرجل التنفيذي الأول وكانت اف ام لندن موقوفة فقلنا له في هذا المكان وتيييب وناشدناه بفك حظرها ونكرر ذات اليوم ذات الرجاء لمن يهمه الأمر إن كان يسمعنا.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]