إسحق فضل الله: المسرحية

أشهر مسرحية في الستينات اسمها ( شخصيات تبحث عن مؤلف)
وشخصيات السودان الآن.. التي تبحث عن مؤلف.. بعضها هو
الشيوعي يرفض ويرفض..
( يرفض لقاء أديس.. ويرفض التوقيع على ما تم عليه من اتفاق.. ويرفض شخصية المجلس العسكري ذاتها.).
والسأم .. / والشعور بأن الشيوعي ما يريده هو.. الرفض.. رفض كل شيء.. ثم المظاهرات.. ثم العنف.. ثم الموت.. / الشعور هذا يجعل ثلاث جهات من داخل التجمع.. تنشق الآن عن الشيوعي..

وما يجعل لانشقاقها معنى.. هو أنها تلتقي في زاوية الطريق بعيداً عن الشيوعي..
ولعلها تلتقي.. مع المجلس.. بعيداً عن الشيوعي..
والشيوعي إن هو لحق بها إلى هناك.. أصبح تابعاً.. بعد أن كان متبوعاً..
واليوم أو الغد.. يشهد ميلاد جهات جديدة وشخصية جديدة في المسرحية السودانية..
والمجلس.. ( بمؤخرة عينه ) ينظر إلى ما يجري .. لأن ما يجري ينتهي إلى الجلوس على الطرف الآخر من مائدة المفاوضات
والمجلس بطرف لسانه يطلق جملة خافتة أمس الأول..
المجلس يقول إنه لا يعرف مع من يتفاوض الآن..
والجملة لها معنى يقول إن الطرف الآخر ليس أكثر من جهات مقتتلة..
والمجلس.. وبدغالة محسوبة.. وبخطوات متمهلة.. يدخل مرتين هذا الأسبوع إلى قاعة الاجتماعات.. وهو يعلم أن التجمع لن يكون هناك..

المجلس كان يعلم أن الشيوعيين في الاجتماعات السرية.. يطلبون من التجمع ما يعطل القضاء.. والنائب العام.. وما يفض المجلس العسكري. .و… و….
والجمع والطرح لما يرفضه و ما يطلبه الشيوعيون لكل شيء هو..
أن يشرع الشيوعي في الحكم منفرداً منذ الآن.. وبقية التجمع في الحكم.. مهمتها هي مهمة الحصان في المعركة..
ولعل عزاء الحصان يكون هو .. أن الشيوعي يرفض المجلس العسكري.. حتى وإن وقف المجلس العسكري برداء الشرطي لتنفيذ تعليمات الشيوعي..
الشيوعي يرفض وجود المجلس ذاته
شخصية واحدة من الشخصيات التي تبحث عن مؤلف.. هي الآن الشيوعي..
(٢)…

المشهد الآخر هو..
الشيوعي من قبل يجعل التجمع يرفض نسبة الـ٦٣٪ النسبة التي يرفضها التجمع ثم يبكي عليها…
والتجمع يتسلل.. ليجعل الاتحاد الأفريقي.. وسيطاً.. يعيد إليه ما ظل يرفضه..
وفي التسلل.. مسرحية ( حقيقة تماماً ) ترسمها مجتمعات العاصمة التي تعرف ما يجري ..
والمجتمعات في العاصمة ترسم.. حكاية ممتعة جداً..
وفيها أن..
الاتحاد الأفريقي يجعله الشيوعي يبعث وسيطاً بمواصفات معينة..
والاتحاد الأفريقي يبعث الشخصية التي تنطبق عليها المواصفات..
ومجتمع العاصمة يقول إن..
جهات عليا في السودان.. تسهر مع الوسيط.. وفي الأنس.. الوسيط الأفريقي المثقف الواعي… الذي يعرف سراديب الأحداث.. وسراديب الناس.. يقول لمن حوله ضاحكاً..
أعرف.. أعرف….
وبعد لحظات صمت/ بعد سكوت من يريد أن يعترف بشيء/ الرجل يعدل ثوبه الموريتاني.. يقول..
أعرف أنكم تعرفون أنني من قادة الحزب الشيوعي الموريتاني..
وأن الأخوان في موريتانيا أخبروكم بكل شيء..
والأخوان خداعهم صعب جداً..
و….و….
في ليالي الخرطوم.. من يتبادلون الأنس هذا يقولون إن الوسيط قال:
لكن .. أنا لا أعمل هنا بصفتي شيوعياً… أنا أعمل هنا لأحقق اتفاقاً.. يضيف إلى تاريخي في الاتحاد الأفريقي.. كما أنني أعرف.. وعي السياسي السوداني الثاقب..
قال أحد الجالسين.. في الأنس ممن يعرفون الوسيط
الرجل ينظر إلى الأمم المتحدة ذاتها وإلى نجاحه في الوساطة.. النجاح الذي يقود خطواته في الأمم المتحدة…
(٣).
ومن الشخصيات التي تبحث عن مؤلف… مشهد السودان ذاته.. صحافة.. ومجتمعاً.. وسياسة..
فالسودان اليوم هو..
صحافة لها مشهد صحافة فرنسا أيام نابليون..
وبعض الناس يدهشهم تحول بعض الأقلام إلى جهة جديدة مع تحول كل شيء.. كل صباح..
ونحن نستعيد مشهد صحيفة فرنسية أيام نابليون.. يصبح جزءاً من التاريخ المضحك

ففي فرنسا أيام نابليون.. حين يهرب نابليون من منفاه.. الصحيفة تكتب..
الكلب المسعور نابليون يهرب من سجنه.. بعد أيام وحين يهبط نابليون في مكان آمن.. ويلتف حوله البعض.. الصحيفة ذاتها تكتب مانشيت يقول..
القائد الدموي نابليون يجمع أنصاره..
بعد أسابيع.. حين تصبح لنابليون.. قوة عسكرية.. الصحيفة ذاتها تكتب..
نابليون يعود لقيادة جيشه..
وحين يكسب نابليون المعركة ضد الحلفاء.. الصحيفة ذاتها تكتب..
القائد العظيم.. والإمبراطور نابليون.. يعود إلى عرشه..
والكاتب الفذ.. لعل جده كان هو رئيس تحرير الصحيفة تلك…
الصحافة أكاذيبها تجعل حظها عند الجمهور يتناقص
والشيوعي.. يعمل بالعبقرية ذاتها الآن.. ويصل إلى النتيجة ذاتها…

إسحق فضل الله
الانتباهة

Exit mobile version