الأول من يوليو 2019 ..كان يوما فارقا لدول غرب أفريقيا ..اذ صادق قادة المجموعة الاقتصادية لتلك الدول (الايكواس) على (ايكو) كاسم للعملة الموحدة التي ياملون اصدارها بدءا من 2020يناير ..وجاءت المصادقة خلال الاعلان الختامي للقمة ال55 لتلك الدول والتي تم عقدها بالعاصمة النيجيرية (أبوجا) ..(شفتوا كيف قمة لا فيها نشجب ولا ندين ولا نندد ) اخبار تفرح من اخوتنا الافارقة ..افريقيا غادرت محطة النزاعات والحروب الأهلية ..نفضت يديها من ترسيم الحدود والتدخل في شؤون بعضهم البعض ..بدلا عن ذلك وضعوا ايديهم سويا ..تضامنوا معا وخرجوا من عنق الزجاجة الاقتصادية واخيرا لاح لهم فلق الصباح.
الانقاذيون كانوا يرقصون على انغام (امريكا ..روسيا …قد دنا عذابها …علي ان لاقيتها ضرابها ) ..وقبل توقف الموسيقى تجدهم يتسابقون الى السفارات لنيل تاشيرة دخول ..بعضهم يملك جواز سفر تلك البلاد التي يلعنونها ليل نهار ..يبعثون اليها الابناء والزوجات ..رحلات تبضع واستجمام وعلاج ..وبالتاكيد دراسة وتخصص ..ويعودون ليهتفوا (فلناكل مما نزرع ..ولنلبس مما نصنع ) ..كلمات يقولونها بأفواههم وتكذبها أفعالهم ..(لي جنة نضيرة نحول الارض البور البلقع .وبالطاقة القصوى الكامنة حتلف مكنات المصنع ) .. لم يحاول احدهم رسم خطة للخروج من مظلة الدولار ..لم يفكروا في رفع الانتاجية ومحاولة تخفيف الديون ..في المقابل كانوا لا يشبعون من القروض التي تختفي بمجرد دخولها البلاد ..ولا يبقى منها الا الفواتير واجبة السداد التي تثقل كاهل الشعب السوداني الفضل ..وكانوا كلما حانت فرصة حقيقية للنهضة والاستثمار تراهم يعجلون باجهاضها اما لانهم لم ينالوا (الكوميشن الكافي ) ..او لأن لهم مصلحة ما في موضع آخر ..و(كدا بالواضح ما بالدس ).
العملة الموحدة ..خرجت الى النور بعد 30 عاما من المباحثات بين 15 دولة هم اعضاء (الايكواس ) ..هي ذات المدة التي كان فيها اولياء امورونا يسوقون لنا الوعود بالموية والكهرباء والعلاج والصحة ..حقوق انسانية المفترض ان يكتسبها الانسان بالولادة ..في السودان ظللنا نحلم بها طوال هذه العقود .وظلوا هم يبذلون الوعود جزافا ..ومن يرفعون عصيهم في الهواء ..ووودقي يا مزيكا ..
الطريف في الامر ان بعض الذين ما زالوا يدينون بالولاء للانقاذ يتبجحون بالكباري والشوارع التي انشاتها الانقاذ وكأن الانقاذ اتت بالاموال من خزانة بيوتهم او (وقعت ليهم في كرتلة) ..المبالغ التي تم انفاقها تبين بعد ذلك انها كانت فتات قروض ..ذهب اغلبها الى جيوب الجماعة ..تاركين الوطن ملوما محسورا ..كل الذين يرجعون مآل البلد الى تركة الاستعمار .. انظروا حولكم ..شاهدوا من كانوا معكم يرزحون تحت نير الاستعمار ..من لفحتهم نار الحروب الأهلية ..من ارهقتهم التصفية العرقية ..انظروا اليهم كيف يخرجون كطائر الفينيق من بين اكوام الرماد ..ويدشنون العملة الافريقية الموحدة تمهيدا لاتحاد اقتصادي قوي يضاهي اقتصاديات تلك الدول الاستعمارية ..و من يدري ربما يفوقها قريبا ..تابعوا كيف تبني اثيوبيا اقتصادها ليصبح رقم 10 في الاقتصاديات النامية ..انظروا الى رواندا التي تقفز من نجاح الى نجاح ..حتى انها اطلقت قبل مدة قصيرة قمرا صناعيا لكي توفر الانترنت لمواطنيها (ما سمعوا بالذين يعتبرون الانترنت مهدد للامن الوطني ) ..
عندما كتب خليل فرح كلمات اغنية فلق الصباح ..ترى هل كان يستشرف المستقبل ؟ لماذا تراه هتف قائلا (عزة قومي كفاك نومك ..وكفانا دلال يومك ..انت يا الكبرتوك ..البنات فاتوك في القطار الطار) .. كان الخليل ينادي الامة السوادنية ويدعوها لكي تفيق من سبات طويل ..سبقها خلاله القوم بأميال ..وظلت هي محلك سر !! افريقيا التي كانت محط سخرية العالم ..بانها غارقة في الجهل والظلام ..والحروب العرقية والأهلية ..هاهو المارد الأفريقي يركل الماضي خلفه ويعلن كسر العبودية للعملة الامريكية الدولار وكذلك اليورو …يعلن التحرر الكامل من الهيمنة الاقتصادية للدول الكبرى..انها خطوة في الاتجاه الصحيح ..وقفزة للمستقبل الواعد للقارة الافريقية ..وو (عزة شوفي بنات قومك ..سبقوك على كومك ..بت رجال ولدوك ..للقبيلة هدوك ..انت عز ونظار ).
صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة