بنكهة الشفافية كان المؤتمر الصحفي الذي عقده المستشار القانوني بمجلس الوزراء للحديث حول الشركات الحكومية عبر اللجنة التي كونها المجلس العسكري بقرار رقم (3) للعام 2019م، لحصرها ومراجعتها. لم يتوقع الصحفيون أن يتحدث الرجل حول الشركات وفسادها يوماً لذلك عنصر المفاجأة كان حاضراً. وابتدر رئيس اللجنة حديثه بـ(ما تم ليس تدميراً بل تخريب للاقتصاد وهدر للمال العام).
(بضوء أخضر)
أيام الرئيس (المخلوع) الأخيرة، كان قد اجتهد إلى حد ما في مكافحة الفساد حيث أمر وزير العدل الأسبق إدريس جميل بتشكيل لجنة لمراجعة الشركات، وكان رئيسها المسجل التجاري العام محمد أحمد الغالي، وواصل في عمله وزير العدل السابق محمد أحمد سالم عبر حملات طافت غالبية الشركات، ولكن لم يصرح بنتائجها وصاحبها بعد الغموض.
بالأمس، وبضوء أخضر، من المجلس العسكري طبقاً لحديث رئيس اللجنة محمد أحمد الغالي بأنه “مافي دسديس نحن في زمن الحرية ومافي غتغيت وتجاوزنا زمن الغتيت والدسدسة).
قال المستشار القانوني لمجلس الوزراء محمد أحمد الغالي، إنه لم يتوقع حجم الفساد الذي وجده، وإن ما تم لم يكن تدميرا، فهو تخريب للاقتصاد الوطني، متحفظاً على ذكر الأسماء، معتبراً أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، موضحاً أنه تم استلام (240) تقريرا من المراجع العام و(300) تقرير من المسجل التجاري العام للشركات الحكومية.
وأشار الغالي إلى أنه اكتشف أن مصادر الفساد وتبديد المال العام تنحصر في الشركات الحكومية التي تعتبر نزفا للخزانة العامة بدلاً عن دعمها، والمصدر الآخر هو لجنة التصرف في مرافق القطاع العام.
وكشف الغالي عن (431) شركة حكومية عاملة تم رصد (43) شركة منها تم رصدها في الموازنة، و(12) شركة تساهم في دعم الخزانة العامة عبر فوائدها وأرباحها، وقال إن أكثر من (80%) لا تدعم الخزانة العامة للدولة، واصفا بأنها نزف حاد للخزانة، موضحاً أن هناك (26) شركة تتبع للأمن والحكومة ليس لديها سيطرة عليها، وأن هناك (105) شركات يجب تصفيتها لأنها غير مواكبة ولم تودع منذ تأسيسها.
وأضاف: لجنة التصرف في القطاع العام تمثل مصدرا لتبديد المال العام رغم أنها أنشئت بقرار من رئاسة الجمهورية، إلا أنها لا تلتزم بالقوانين واللوائح وتلجأ لأسلوب البيع التجاري الخاص، موضحاً أن بيعها لم يكن فيه شفافية.
أمثلة لفساد الإنقاذ
وكشف الغالي عن أن شركة النقل النهري المحدودة اشترت مواعين نهرية وإيجار أراضٍ ومراسٍ وموانئ تخص الشركة، وظهرت فيها بعض التجاوزات في تقرير المراجع العام، وتم الشراء بـ(29,400) مليون دولار، كما تم إيجار مواعين بـ(6,136,350) دولار لمدة ست سنوات، مشيراً إلى أن قيمة الأصول لم تضمن في خزانة الدولة وبلغت قيمتها (10,340,430) جنيه، قاطعاً بأن الشركة لم تسدد (35,536,330) دولار و(10,340,420) جنيه لخزانة وزارة المالية، حيث كان يجب سدادها بالأقساط، مشيراً إلى أنه تم التوجيه بإجراء تحقيق منذ 2018م و حتى اليوم واتخاذ الإجراءات القانونية ومحاسبة كل من تسبب في الفساد بالشركة.
وأضاف أن فندق كورال (هيلتون سابقاً) الذي كان شراكة بين حكومة السودان بنسبة (51%) و جهاز الاستثمار الكويتي بنسبة (49%). تم تقييمه من قبل خبراء سودانيين بـ(139) مليون دولار ولكن الجهاز احتج على المبلغ، وتم تقييمه من خبراء أجانب بـ(78,500) مليون دولار، وتم البيع بـ(48) مليون دولار تم اقتراحها من وزارة المالية، وكذلك وجه رئيس الجمهورية المخلوع بتخفيض (10%) حافز رئاسي، موضحاً أن الخبراء السودانيين أوضحوا أن قيمة البيع لا تساوي قيمة الأرض.
وكشف الغالي عن مخالفات بفندق القراند هوليدي لم يقم بدفع الإيجار بالعملة الصعبة حسب العقد المبرم كما لم يتم دفع (05%) من الأرباح.
وأوضح أن الفلل الرئاسية تم بيعها لبنك الخليج بـ(50) مليون دولار وقام البنك بإيجارها للسفارة الأمريكية بـ(50) مليون دولار في السنة.
وكذلك شركة التكامل للإسمنت وقعت عقدا للاستشارات الفنية والإدارية والمالية بقيمة (140) مليون دولار، وتم إيقافه من قبل المراجع العام بعد أن اكتشف أنه عقد صوري لا أساس له. مضيفاً أن شركة أساور للضغط والغاز أزالت مديونية عن شركة نفط بقيمة (871,680,96) مليون دولار دون إرفاق مستندات للإزالة.
(لا علم له بها)
مستشارة المسجل التجاري العام بتول حماد قالت إن عدد الشركات التي تساهم فيها الحكومة (866) شركة، (431) منها عاملة منها (45) مساهمة عامة و(380) مساهمة خاصة، و(93) شركة لم تخضع للمراجعة ولا علم له بها، كما أن هناك (435) شركة تساهم فيها وتم حذفها وتصفيتها، وهناك (105) شركات لم تكمل ملفها بإدارة التسجيلات التجارية.
من جانبه قال نائب المراجع العام محمد الحافظ، إن المراجع يراجع (240) شركة، مشيراً إلى أن هناك عددا من القضايا تم شطبها من نيابة المال العام رغم وجود البينات، وقائلا: (الفي يدو القلم ما بكتب نفسه شقي)، وكذلك هناك قضايا في اكتمال أدلة الإثبات، مشيراً إلى أن معظم الشركات التي بها فساد بها شريك أجنبي.
قاطعاً بأن الرئيس المخلوع لم يضع خطوطا حمراء على ديوان المراجع القومي وأنه كان يعمل على استقلاليته، مشيراً إلى أنهم كانوا معارضين طوال الـ(30) عاما الماضية وكانوا يقولون لأي مفسد (اقرأ كتابك) رغم انتقاد الناس وأنهم يعلمون دون أن تتم المحاسبة قائلاً: (الحمدلله الله جاب لينا المجلس العسكري).
توصيات على (التربيزة)
عضو اللجنة العقيد يوسف حسب الدائم أوضح أن التوصيات بلغت (11) توصية، حيث تم توجيه بإحالة تقارير المراجع القومي التي بها مخالفات للنائب العام لفتح بلاغات ضد المفسدين، كما تم توجية بإعادة فتح البلاغات الخاصة بالمال العام التي تم شطبها رغم وجود البينات كافية واسترداد المال العام الذي تم اهداره بالبيع والقيمة بالأسعار الأقل من القيمة الحقيقية، بما فيهم التي قررها الرئيس المعزول، بالإضافة إلى تمكين ديوان المراجع العام من مراجعة الشركات الحكومية التي لم تُراجع وظلت تتهرب من المراجعة، وحذف الشركات التي ما زالت تحت التصفية، وتابع: توجيه وزارة المالية بإعداد سجل يحتوي على الشركات الحكومية، وإلزام كل الشركات الحكومية بإبرام العقود ومراجعتها وتوثيقها بوزارة العدل، وإعادة النظر في إدارة الهيئات والشركات العامة وإعادة هيكلتها ومدها بالعاملين ومراجعة كفاءة العاملين بها.
السودانى